دفن الموتى
مراسم الدفن ليست مجرد تكريمًا للمتوفى، بل هو طقس ديني في الشرائع السماوية، مارسه قدماء المصريين اعتقادا بالحياة الأخرى بعد الموت.
وتمثل الكهوف القديمة بداية طقوس الدفن المسجلة في التاريخ، ولكن لا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن تاريخ المقابر البشرية ومتى تم دفن الإنسان الأول.
متى بدأ دفن الموتى؟
وفي الدين الإسلامي، يعتبر هابيل ابن آدم أول إنسان يدفن، عندما قتله أخوه قابيل، فبعث الله غرابًا ليريه كيف يدفن جثمان أخيه، وأقدم الأدلة حتى الآن تشير إلى أن أول أثر لدفن إنسان يعود للعصر الحجري القديم الأوسط منذ حوالي 300 ألف إلى 30 ألف سنة.ووفقا لموقع Live Science: «منذ 120 ألف عام على الأقل، كان لدينا ما نعتقد أنه جثث بشرية مدفونة عمدًا»، مشيرة إلى إمكانية وجود مدافن أقدم، إلا أن الأمثلة المبكرة الأكثر إقناعًا للإنسان الحديث الذي يدفن موتاه تأتي من العصر الحجري القديم الأوسط.
وأشارت بعض الأبحاث المثيرة للجدل إلى أن أقارب البشر المنقرضين دفنوا موتاهم منذ حوالي 300 ألف سنة في منطقة جنوب إفريقيا الآن ، لكن هذا الأمر محل خلاف في المجتمع العلمي.أقدم مدافن بشرية
وتعد أقدم مدافن بشرية حديثة تشريحيًا معروفة منذ 120 ألف عام موجودة في كهوف مثل كهف القفزة الموجود في مرج ابن عامر من الجليل الأسفل، جنوبي الناصرة في فلسطين، وفي هذا الموقع تم اكتشاف بقايا مهمة لأشخاص من عصر ما قبل التاريخ، وهناك أيضًا أدلة على مدافن إنسان نياندرتال في نفس الكهوف التي يرجع تاريخها إلى 115000 عام مضت، وفقًا للمتحف الأسترالي.
ويعتقد الباحثون أن عمليات الدفن المبكر للموتى في الكهوف كانت عملاً بشريًا متعمدًا وليس فعلًا طبيعيًا مثل انهيار الكهف لأن العظام موضوعة في أوضاع الموت مثل وضع الجنين، جنبًا إلى جنب مع الأشياء البشرية، وفي بعض الحالات يكون ذلك من الواضح أن الرواسب القديمة من الرواسب قد تم إزعاجها لإجراء الدفن.
ويقال إن الناس استخدموا الكهوف كثيرًا خلال العصر الحجري القديم الأوسط، حيث كانوا يعيشون ويأكلون ويتواصلون اجتماعيًا فيها، موضحة أنه “لقد قام شخص ما بالفعل بحفر حفرة ثم ملأها بخليط من المواد الثقافية. وجدنا أيضًا أن هذا النوع من الظواهر يحدث في مجموعات في كثير من الأحيان في الكهوف، لذلك كان الناس يفكرون: حسنًا، سنفعل ذلك مرة أخرى بجسم آخر”.
أسباب دفن الموتى
ويرجع الباحثون لجوء الإنسان القديم لدفن الموتى داخل الكهوف وخارجها لتجنب ما يحدث بعد موت الإنسان من تحلل الجثمان وما يؤديه ذلك من روائح قد تؤدي الأحياء وتكون من مسببات الأمراض، وأن عمليات الدفن أو غيرها من أشكال التخلص من الجثث كانت لتجنب هذه الجوانب العملية للوفاة فقط، وأصبحت أكثر تعقيدًا لاحقًا.
وجدت دراسة نشرت في “دليل أكسفورد لعلم آثار الموت والدفن” (مطبعة جامعة أكسفورد، 2013) أن عمليات الدفن المتقنة في أوراسيا جاءت وذهبت في العصر الحجري القديم الأعلى منذ 45 ألف إلى 100 ألف سنة مضت، وكانت عمليات الدفن في الغالب بسيطة جدًا تحتوي على أشياء تستخدم في الحياة اليومية.
وكتب مؤلفو الدراسة الأوراسية أيضًا أنه كان من الصعب استخلاص استنتاجات قاطعة حول طبيعة ومعنى مدافن العصر الحجري القديم الأعلى لأنه تم العثور على عدد قليل نسبيًا. كما تختلف المدافن القديمة حسب المنطقة.
لكن في النهاية يشير بعض الباحثين إلى الطريقة التي دفن بها الناس موتاهم كانت تعتمد على مجموعة من العوامل، بما في ذلك البيئة والمواد المتوفرة لدى الناس. فلم يتم دفن الجثث إلا بعد فترة طويلة، حيث تم تسجيل أقدمها، والمعروفة باسم “مونجو ليدي”، وهي الرفات التي يرجع تاريخها إلى حوالي 40 ألف سنة مضت في أستراليا.