علامات الساعة في القرآن والسنة الجزء الثاني

4- خروج يأجوج ومأجوج
خروج يأجوج ومأجوج في آخر الزمان علامة من علامات الساعة الكبرى، وقد دل على ظهورهم الكتاب والسنة:

والآيات الدالة على ظهور يأجوج ومأجوج هي:

قال تعالى في سياقه لقصة ذي القرنين: ﴿قالوا ياذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا* قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما* آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال آتوني أفرغ عليه قطرا* فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا* قال هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا* وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا﴾ [الكهف: 94-99].

وقال تعالى: ﴿حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون* واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين﴾ [الأنبياء: 96-97].

فهذه الآيات تدل على أن الله تعالى سخر ذا القرنين الملك الصالح لبناء السد العظيم، ليحجز يأجوج ومأجوج القوم المفسدين في الأرض عن الناس، فإذا جاء الوقت المعلوم، واقتربت الساعة، اندك هذا السد، وخرج يأجوج ومأجوج بسرعة عظيمة، وجمع كبير، لا يقف أمامه أحد من البشر، فماجوا في الناس، وعاثوا في الأرض فسادا، وهذه علامة على قرب النفخ في الصور، وخراب الدنيا، وقيام الساعة.

والأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور يأجوج ومأجوج كثيرة منها:

عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش، أن رسول الله (ﷺ) دخل عليها يوما فزعا يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه» وحلق بأصبعي الإبهام والتي تليها. قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون، قال: «نعم، إذا كثر الخبث». (الوابل، أشراط الساعة، ص 344).

5- خروج الدابة
قال تعالى: ﴿وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون﴾ [النمل: 82].

فهذه الآية الكريمة جاء فيها ذكر خروج الدابة، وأن ذلك يكون عند فساد الناس، وتركهم أوامر الله، وتبديلهم الدين الحق، يخرج لهم دابة من الأرض، فتكلم الناس على ذلك. قال العلماء في معنى قوله تعالى: ﴿وقع القول﴾: وجب الوعيد عليهم، لتماديهم في العصيان والفسوق والطغيان، وإعراضهم عن آيات الله، وتركهم تدبرها، والنزول على حكمها، وانتهائهم في المعاصي إلى ما لا تنجح معه فيه موعظة، ولا تصرفهم عن غيهم تذكرة، يقول عز من قائل فإذا صاروا كذلك: ﴿أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم﴾: دابة تعقل وتنطق، والدواب في العادة لا كلام لها ولا عقل، ليعلم الناس أن ذلك آية من عند الله.

وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي (ﷺ) قال: «بادروا بالأعمال ستا: الدجال، والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة أحدكم».

6- ظهور المهدي المنتظر
جاءت الأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور المهدي، وهذه الأحاديث منها ما جاء فيه النص على المهدي، ومنها ما جاء فيه ذكر صفته فقط، ومن هذه الأحاديث:

قال رسول الله (ﷺ): «يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطى المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا أو ثماني» يعني: حججا. (الوابل، أشراط الساعة، ص 349).

وقال رسول الله (ﷺ): «أبشركم بالمهدي، يبعث على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحا». فقال له رجل: ما صحاحا؟ قال: «بالسوية بين الناس». (البنكاني، أشراط الساعة الكبرى، ص 185).

وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ﷺ): «المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله عز وجل في ليلة» أي يتوب عليه، ويوفقه، ويلهمه، ويرشده، بعد أن لم يكن كذلك.

7- نزول عيسى عليه السلام
نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان ثابت في الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة، وذلك علامة من علامات الساعة الكبرى:

أ- الأدلة من القرآن الكريم على نزول عيسى عليه السلام:

قال الله تعالى: ﴿ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون * وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون * إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل * ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون * وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم﴾ [الزخرف: 57-61].

فهذه الآيات جاءت في الكلام على عيسى عليه السلام، وجاء في آخرها قوله تعالى: أي نزول ﴿وإنه لعلم للساعة﴾ قبل يوم القيامة علامة على قرب الساعة. (الوابل، أشراط الساعة، 58).

وقال تعالى: ﴿وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا *بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما *وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا *﴾ [النساء: 157-159]

فهذه الآيات، كما أنها تدل على أن اليهود لم يقتلوا عيسى عليه السلام، ولم يصلبوه، بل رفعه الله إلى السماء، كما في قوله تعالى: ﴿إذ قال الله﴾ [آل عمران: 55] فإنها تدل على أن من أهل الكتاب من سيؤمن بعيسى عليه السلام في آخر الزمان، وذلك عند نزوله، وقبل موته، كما جاءت بذلك الأحاديث المتواترة الصحيحة.

وعيسى عليه السلام حي، وقد ثبت في (الصحيحين) عن النبي (ﷺ) أنه قال: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، وإماما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد».

وثبت في (الصحيح) عنه أنه ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق، وأنه يقتل الدجال، ومن فارقت روحه جسده، لم ينزل جسده من السماء، وإذا أحيي، فإنه يقوم من قبره. (الوابل، أشراط الساعة، ص 67).

وأما قوله تعالى: ﴿إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا﴾ [آل عمران: 55] فهذا دليل على أنه لم يعن بذلك الموت، إذ لو أراد بذلك الموت، لكان عيسى في ذلك كسائر المؤمنين، فإن الله يقبض أرواحهم، ويعرج بها إلى السماء، فعلم أنه ليس له في ذلك خاصية، وكذلك قوله: ولو كان قد فارقت روحه ﴿ومطهرك من الذين كفروا﴾، لكان بدنه في الأرض، كبدن سائر الأنبياء، أو غيره من الأنبياء، وقد قال تعالى في الآية الأخرى ﴿وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا * بل رفعه الله إليه﴾ [النساء: 157‑158] فقوله هنا يبين أنه رفع بدنه ﴿بل رفعه الله إليه﴾، كما ثبت في (الصحيح) أنه ينزل ببدنه وروحه، إذا لو أيد موته لقال: وما قتلوه وما صلبوه بل مات.

وفي قوله تعالى: ﴿وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته﴾ [النساء: 159] قال: قبل موت عيسى بن مريم.

ب- والأدلة من السنة على نزول عيسى عليه السلام كثيرة ومتواترة منها:

قال رسول الله (ﷺ): «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها».

وقال رسول الله (ﷺ): «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟».

وقال رسول الله (ﷺ): «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين، إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم فيقول له أميرهم: صل لنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة».

وقد جاءت الأحاديث في نزول عيسى عليه السلام في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها من دواوين السنة، وهي تدل دلالة صريحة على نزول عيسى عليه السلام، ولا حجة لمن ردها.

8- طلوع الشمس من مغربها
من أعظم أشراط الساعة الكبرى، وبه يغلق باب التوبة.

الآية الدالة على ذلك: قد ذكر الله تعالى طلوع الشمس من مغربها في قوله جل وعلا: ﴿هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون﴾ [الأنعام: 158].

وقد دلت الأحاديث الصحيحة أن المراد ببعض الآيات المذكورة في الآية هو طلوع الشمس من مغربها، وهو قول أكثر المفسرين.


قال الطبري بعد ذكره أقوال المفسرين في هذه الآية: “وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله (ﷺ) أنه قال: «ذلك حين تطلع الشمس من مغربها».

والأحاديث الدالة على طلوع الشمس من مغربها كثيرة ومنها قوله (ﷺ): «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت، فراها الناس، آمنوا أجمعون، فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا». (الطبري، التفسير، 6/8).

9- النار التي تحشر الناس
ومنها خروج النار العظيمة، وهي من أشراط الساعة الكبرى، وأولى الآيات المؤذنة بقيام الساعة، وجاءت الروايات بأن خروج هذه النار يكون من اليمن، من قعرة عدن، فقد جاء في حديث حذيفة بن أسيد في ذكر أشراط الساعة الكبرى قوله (ﷺ): «وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم»، وفي رواية له عن حذيفة أيضا: «ونار تخرج من قعرة عدن ترحل الناس».

وكون النار تخرج من قعرة عدن لا ينافي حشرها الناس من المشرق إلى المغرب، وذلك أن ابتداء خروجها من قعرة عدن، فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها.. وعندما تنتشر يكون حشرها لأهل المشرق. (النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، 18/65).