بعض الكتب القديمة قد تكون سامة (بيكسابي)
تحذر دراسة حديثة صادرة عن جامعة "ليبسكوم" الأميركية من خطر الكتب الأثرية القديمة، التي توجد في مختلف المكتبات حول العالم، خاصة تلك التي تتميز أغلفتها القماشية بألوان زاهية، ويعود السبب في ذلك إلى استخدام صبغات قد تشكل مخاطر صحية جسيمة على مرتادي المكتبات.
وتسلط الدراسة الضوء على الصبغات المستخدمة في تلك الكتب باستخدام ثلاث تقنيات متقدمة لتقييم خطورتها، منها تقنية جديدة لم تستخدم من قبل في هذا السياق، وخلصت الدراسة إلى أن نسبة كبيرة من هذه الكتب تعدّ غير آمنة للتعامل معها في وضعها الحالي.
توجد هذه الكتب القديمة في مكتبات أثرية عريقة في الجامعات العالمية الكبرى، وتعود أصولها إلى عصور مختلفة منها عصر النهضة الأوروبي والعصر الفكتوري، وجاء عرض نتائج الدراسة في الاجتماع السنوي للجمعية الكيميائية الأميركية، حيث تمت الإشارة إلى أن الخطر لا يقتصر على لمس الكتب فقط، بل يتعدى ذلك إلى استنشاق الأصباغ التي تغطي أغلفتها القماشية.
اكتشف الباحثون مركبا صبغيا يُعرف بـ"أسيتوارسينيت النحاس"، الذي يمكن أن يكون ساما (بيكسابي)
شكوى تدفع لمشروع ضخم
بدأت الدراسة بعد أن تقدم أمناء مكتبة جامعة ليبسكوم بشكوى إلى قسم الكيمياء في الجامعة، معربين عن قلقهم بشأن الصبغات المستخدمة في أغلفة الكتب. وبعد إجراء دراسات مكثفة، اكتشف الباحثون مركبا صبغيا يُعرف بـ"أسيتوارسينيت النحاس"، وهو مركب كان يُستخدم في العصر الفيكتوري في ورق الحائط والملابس بسبب لونه الأخضر الزمردي المميز.
أدى هذا الاكتشاف إلى إطلاق مشروع أوسع يهدف إلى فحص جميع الكتب "السامة" تحت إشراف الأستاذ المساعد في الكيمياء جوزيف وينشتاين ويب، ليبدأ العمل على المشروع في عام 2022 بتعاون دولي، مستخدمين تقنيات طيفية متقدمة للكشف عن المخاطر المحتملة.
اعتمد الفريق البحثي على ثلاث آليات طيفية أساسية: الأشعة السينية للكشف عن الزرنيخ والمعادن الثقيلة الأخرى، ومطيافية الانبعاث الضوئي للبلازما المقترنة بالحث لقياس تركيزات المعادن، وحيود الأشعة السينية لتحديد جزيئات الصبغات المختلفة.
وأظهرت النتائج الأولية وجود عنصري الرصاص والكروم في بعض الكتب الموجودة في مكتبة الجامعة، وبشكل خاص مركب كرومات الرصاص، وهو صبغة مشهورة بلونها الأصفر الذي كان يستخدمه الفنان العالمي فان غوخ، وقد لاحظوا وجود كميات كبرى من الرصاص مقارنة بالكروم، مما يشير إلى وجود أصباغ أخرى تعتمد على الرصاص في الكتب.
وبسبب المخاطر الصحية المحتملة، أقدم الفريق البحثي على تقييم مستويات المعادن الثقيلة في الكتب لمعرفة مدى تأثيرها على أمناء المكتبات الذين يتعاملون معها باستمرار، وتبيّن أن بعض أغلفة الكتب تحتوي على تركيزات من المعادن تتجاوز الحدود المقبولة للتعرض المزمن وفقا لمعايير "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها". وفي بعض الحالات، كان تركيز الرصاص أكثر من ضعف الحد المسموح به، بينما كان تركيز الكروم أعلى بستة أضعاف.
واستجابة لهذه النتائج الطارئة، عملت إدارة الجامعة على تغليف الكتب الملونة غير المقيّمة بعد والتي تعود للقرن التاسع عشر بأكياس بلاستيكية لتأمين التعامل معها وتخزينها، كما غُلّفت الكتب التي ثبت احتواؤها على صبغات خطيرة، وأزيلت من التداول العام. ويهدف الفريق البحثي إلى تعزيز الوعي بين أمناء المكاتب ومرتاديها حول العالم بنشر النتائج في العديد من المنصات.