هل تستطيع أن ترسم صورةً لنصاب؟!
أحيانًا كثيرة لا تتطابق الصورة في أذهاننا مع الواقع، فمثلًا نتخيل أن للشيطان قرونًا وأسنانًا نافرة وعيونًا مثل عيون البقر، وأسوأ من ذلك بشاعة! أهكذا حقًّا هو الشيطان الذي يغرينا؟ أم هو لبق الحديث معقول الهيئة والخلقة؟ الله أعلم! هل تخيلت يومًا أن نصابًا يصلي في الصفّ الأول في صلاة الجماعة؟ زميل أو زميلة لك في العمل، نقول عنه طيبًا وخلوقًا، ربما نصادفه يطوف حول الكعبة! أليس هذا جائزًا؟
عندما نبغض شيئًا ترتسم صورة ذلك الشيء في مخيلتنا بشكلٍ قبيح ورهيب، فيما ترتسم صورة الشيء المحبوب بشكل جميل في مخيلتنا. كيف نرسم صورة الملائكة؟ في الوقت الذي لم ير أحد منا الملائكة ترانا نرسمها بشكل جميل جدًّا. هذه التفاصيل لا تغيب عن أذهان النصابين!
النَّصَّابُ: الخدَّاع المحتال، قد يكون رجلًا جميل المنطق حسن المظهر عليه سيماء الصالحين أو امرأة حسناء طيبة حنونة. النصاب قد يكون شخصًا يعيش بيننا ولا نعرفه إلا عند الامتحان. يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تنظروا إلى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف وطنطنتهم بالليل، ولكن انظروا إلى صدق الحديث وأداء الأمانة".
صلى المصلي لأمرٍ كان يطلبه ... لمّا انقضى الأمرُ لا صلى ولا صامَا
لا يهم الدين أو اللغة أو العرق. تجد الأمانة في من لا تظنّ أنه غير أمين وتفتقدهَا في من تجزم أنه أمين. مع تطور أدوات النصب والاحتيال، لم يعد النصاب فقط هو من يقول: أقرضني وسوف أعيد لك المبلغ بعد كذا من الزمن ولا يعيده. النصاب والنصابة رجل أو امرأة قد يستولي على تحويشة العمر بكبسة زرّ.
في العصر الحديث استمرأ النصابون النصبَ والاحتيال والغشّ والخداعَ واستطَابوه؛ رسالة نصية، مكالمة هاتفية، بريد إلكتروني، مواقع التواصل الاجتماعي، مواقع شبكة عنكبوتية، مباشرة، تتعدد وسائل الاحتيال والنتيجة واحدة! يستطيع القراء أن يطلعوا على أسماء من قاموا بعمليات احتيال ضخمة عبر التاريخ. ليسوا أناسًا بسطاء إنما أذكياء وذوي خبرة عالية، يعرفون كيف ينتقون ضحاياهم. إنها شهوة المال وما أدراك ما شهوة المال وبريق الذهب، كلنا يريد أن يصبح غنيًّا وبسرعة!
لو قرأت على النصاب كل آية من كتاب الله وكل حديث من أحاديث الأنبياء والصالحين فلن يسمعك وما الدواء سوى الفطنة والحذر ووضع المعروف في محله:
ومن يصنع المعروفَ في غير أهله .. يلاقي كما لاقى مجيرُ أمّ عامر
تجاوز الطمعُ والجشع حدودَ أديانِ وبلدانِ ولغات وألوان البشر. لم يعد النصاب والمحتال من يطلب سلفةً أو قرض مال أو شراء بضاعة بالمؤجل إنما من يسلب تجميعة عمر الفقير بيد الفقير وكأنما انطبق المثل على الفقير المسروق "يداكَ أوكتا وفوكَ نفخ".