القيم الدينية في الزيارة الأربعينية.. مظاهر الكرم والجود والعطاء


شفقنا العراق ــ بينما تلحظ في كثير من نقاط العالم وأمكنتها أمثلة للحرص والطمع والجشع، تلحظ في زيارة الأربعين مظاهر الكرم والجود والعطاء والسخاء، والشوق لضيافة الزوار، والتسابق على خدمتهم وإطعامهم.
أحد القيّم الدينية المأمور بها شرعًا والتي تخرج النفس من حالة الطمع والجشع إلى حالة الجود والكرم هي الضيافة وإطعام الطعام والاستقبال وهو ما نشاهده بزخم في زيارة الأربعين على امتداد المواكب الحسينية والحسينيات.
مظاهر الكرم والجود
ونلاحظ في الزيارة الأربعينية التسابق على خدمة الزوار و إطعامهم، والعناية بهم والاهتمام بهم بشكل فريد تخلو منه بقاع الأرض الأخرى.
وهذه القيمة الدينية مظهر حقيقي للزيارة الأربعينية، ومن القيّم الدينية المأمور بها و تؤكد إيمان وعقيدة خدمة الأربعين ، و أنّ الله يعوض ما يعطون، و يخلف ما ينفقون، قال الله تعالى في كتابه الكريم : «قل إنّ ربّي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين»
وفي الروايات كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من صدق بالخلف جاد بالعطية»([2]) ، و أمير المؤمنين عليه السلام «من أيقن بالخلف جاد بالعطية»
زيارة الأربعين تكسر جمود الحرص
وهذه قضية أساسية مهمة ولها آثارها في الدنيا و الآخرة، و رغم أنّ النبي صلى الله عليه وآله ذكرها و وصّى بها إلا أنّ أعداد كبيرة من المسلمين لا تعمل على تطبيقها و لا تختلق بخلقها ، إلا أنّ زيارة الأربعين وخدمة الأربعين تكسر جمود الحرص وتتعدى به إلى الكرم و الجود، وهذا مظهر حقيقي للزيارة الأربعينية.
و إكرام الضيف مأمور به فهو قيمة دينية اسلامية، وخدمة الأربعين والمواكب يسيرون على هدى الروايات والتعاليم الدينية و تطبيقها، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال : مما علم رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام أن قال لها : « يا فاطمة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه»
و في الروايات أنّ الضيف هدية الله لمن أحب ، فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
«إذا أراد الله بعبد خيرا أهدى لهم هدية، قالوا : وما تلك الهدية ؟ قال : الضيف ينزل برزقه، ويرتحل بذنوب أهل البيت»
إطعام الطعام من الموارد التي تجلب الرزق
و إطعام الطعام من الموارد التي تجلب الرزق كما في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الرزق أسرع إلى من يطعم الطعام، من السكين في السنام»
و السنام: واحد أسنمة الإبل، و هو أعلى الظهر، و التعبير كناية عن سرعة أثر الإطعام في رزق المطعم.
و في شجرة طوبى : «الرزق إلى مطعم الطعام أسرع من السكين إلى ذروة البعير».
و في البحار عن دعوات الراوندي عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله : «البركة أسرع إلى من يطعم الطعام من السكين في السنام»
و جاء في بحار الأنوار : قال الراوي : دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت : جعلت فداك قد كان الحال حسنا وإن الأشياء اليوم متغيرة ، فقال : إذا قدمت الكوفة فاطلب عشرة دراهم، فإن لم تصبها فبع وسادة من وسائدك بعشرة دراهم، ثم ادع عشرة من أصحابك واصنع لهم طعاما ، فإذا أكلوا فاسألهم فيدعوا الله لك، قال : فقدمت الكوفة ، فطلبت عشرة دراهم فلم أقدر عليها حتى بعت وسادة لي بعشرة دراهم كما قال، وجعلت لهم طعاما ودعوت أصحابي عشرة، فلما أكلوا سألتهم أن يدعوا الله لي، فما مكثت حتى مالت علي الدنيا
و يسوق الضيف الرزق و يحمل الذنوب ففي الرواية قلت لأبي عبد الله عليه السلام: « الأخ لي أدخله منزلي ، فأطعمه طعامي، وأخدمه بنفسي، ويخدمه أهلي وخادمي، أيّنا أعظم منة على صاحبه؟
قال: هو عليك أعظم منة،
قلت : جعلت فداك، أدخله منزلي، وأطعمه طعامي، وأخدمه بنفسي، ويخدمه أهلي وخادمي، ويكون أعظم منة على منى عليه ؟ !
قال : نعم ، لأنه يسوق إليك الرزق ، ويحمل عنك الذنوب»
و عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ذكر أصحابنا قوما فقلت :
« والله ما أتغدى ولا أتعشى إلا ومعي منهم اثنان أو ثلاثة أو أقل أو أكثر، فقال عليه السلام : فضلهم عليك أكثر من فضلك عليهم،
قلت: جعلت فداك كيف ذا ؟ وأنا أطعهم طعامي وأنفق عليهم من مالي ويخدمهم خادمي؟
فقال : إذا دخلوا عليك دخلوا من الله عز وجل بالرزق الكثير، وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك»
الضيف يأتي برزقه
وفي حديث للإمام الجواد عليه السلام ، قال: « أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه لأنّ لهم أجره وفخره وذكره، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنما يبدأ فيه بنفسه فلا يطلبن شكر ما صنع إلى نفسه من غيره»
وذكرت الروايات أنّ الضيف يأتي برزقه فعن رسول الله صلى الله عليه وآله: «الضيف يحل على باب القوم برزقه ، فإذا ارتحل ارتحل بجميع ذنوبهم»
و عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : «إن الضيف إذا جاء فنزل بالقوم جاء برزقه معه من السماء فإذا أكل غفر الله لهم بنزوله عليهم».
فهنيئًا لخَدَمة الحسين عليه السلام من أصحاب المواكب هذا الشرف و الاخلاص و العطاء و الخدمة، وهنيئًا لهم بهذا الرزق و محو الذنوب، وهنيئًا لهم بشفاعة الحسين وأهل البيت عليهم السلام.