متطوعة في العمل الإنسانيفي عالم يعج بالأزمات والكوارث، يقف المتطوعون في الصفوف الأولى، يقدمون تضحيات جسام لمساعدة المحتاجين.
ويأتي يوم العمل الإنساني 2024 في وقت يزداد فيه النزيف، حيث يتعرض المتطوعون حول العالم لمخاطر متزايدة، وتزداد الحاجة إلى جهودهم أكثر من أي وقت مضى.
تاريخ هذا اليوم يعود إلى حادثة مأساوية وقعت في 19 أغسطس/ آب 2003، عندما تعرض فندق في بغداد لهجوم أودى بحياة 22 من عمال الإغاثة الإنسانية، بمن فيهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، سيرجيو فييرا دي ميلو.
هذه الحادثة دفعت المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوة مهمة، حيث اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2008 قرارًا بإعلان 19 أغسطس/ آب يومًا عالميًا للعمل الإنساني، لتكريم ضحايا هذا الهجوم وإبراز الجهود الإنسانية العالمية.
يتميز اليوم العالمي للعمل الإنساني كل عام بتسليط الضوء على موضوع معين يجمع الشركاء في المجال الإنساني على مستوى العالم للدفاع عن بقاء المتضررين من الأزمات، وضمان رفاهيتهم وكرامتهم، بالإضافة إلى الحفاظ على سلامة عمال الإغاثة وأمنهم.
يقود هذه الحملة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، الذي يسعى من خلال هذا اليوم إلى لفت الانتباه إلى التحديات التي تواجه العاملين في المجال الإنساني والمخاطر التي يتعرضون لها في مختلف بقاع العالم.
2023 العام الأكثر دموية
عام 2023 كان من أكثر الأعوام دموية للعاملين في المجال الإنساني، حيث شهد ارتفاعًا كبيرًا في عدد الضحايا من عمال الإغاثة.
ارتفع عدد القتلى من عمال الإغاثة بأكثر من الضعف خلال عامين، إذ بلغ 261 قتيلًا في عام 2023، مقارنة بـ 118 قتيلًا في عام 2022.
وبالإضافة إلى ذلك، تم اختطاف 78 شخصًا من عمال الإغاثة، وإصابة 196 على مستوى العالم.
هذه الأرقام تعكس تزايد التحديات والمخاطر التي يواجهها هؤلاء العاملون، وتكشف عن الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات دولية فعالة لحمايتهم.
من بين هؤلاء العاملين، كان الغالبية العظمى من الضحايا من العاملين الوطنيين في بلدانهم، حيث قدرت نسبة عمال الإغاثة الذين قتلوا من الموظفين الوطنيين بنحو 96%، بينما كان حوالي 4% فقط من الموظفين الدوليين (المغتربين).
هذا التوزيع يعكس الواقع القاسي الذي يواجهه العاملون في المجال الإنساني في مناطق الصراع، حيث يكونون غالبًا أول المستجيبين للأزمات والأكثر عرضة للخطر.
تظهر بيانات عام 2023 أن جنوب السودان كان أخطر مكان لعمال الإغاثة لسنوات متتالية، وفي عام 2024، يتقدم السودان نحو المرتبة الثانية من حيث الخطورة.
جنوب السودان والسودان، إلى جانب أماكن أخرى مثل الأراضي الفلسطينية المحتلة وغزة وميانمار، شهدت هجمات على المرافق الصحية والتعليمية ومرافق المياه والصرف الصحي، مما ترك الملايين من الناس محرومين من الخدمات الأساسية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة.
وفي ضوء هذه التحديات، تشير تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن عام 2024 قد يكون أكثر صعوبة على العاملين في المجال الإنساني.
التمويل
النظرة العامة للعمل الإنساني لعام 2024 تتطلب تمويلًا يقدر بـ 48.65 مليار دولار لمساعدة 186.5 مليون شخص في حاجة، وهو مبلغ يعكس اتساع الأزمات الإنسانية وتزايد الاحتياجات على مستوى العالم.
حتى نهاية يوليو/ تموز 2024، بلغ تمويل هذه النظرة العامة 12.26 مليار دولار فقط، مما يشير إلى نقص بنسبة 11% مقارنة بالعام السابق.
في هذا السياق، يطالب اليوم العالمي للعمل الإنساني بإنهاء الهجمات على العاملين في المجال الإنساني والأصول الإنسانية، وكذلك على المدنيين والبنى التحتية المدنية.
إن استمرار هذه الانتهاكات مع إفلات الجناة من العقاب يشكل فشلًا ذريعًا لا يمكن للمجتمع الدولي تحمله. من الضروري أن يتحمل أصحاب السلطة مسؤولياتهم لإنهاء الإفلات من العقاب والعمل من أجل حماية الإنسانية.
هذا اليوم يمثل دعوة للعالم لتقدير الجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون في المجال الإنساني، ولتأكيد أهمية حمايتهم وضمان أمنهم وسلامتهم في مواجهة المخاطر التي تتزايد يومًا بعد يوم، إنه يوم للتضامن مع هؤلاء الذين يضعون حياتهم على المحك من أجل إنقاذ الآخرين وتحسين حياتهم في أصعب الظروف.