هل هو هروب من الواقع ام مرض عقلي؟
حدثني احد زملائي العرب عن زميل لهم في السكن اسمه ايمن ,وكان ايمن من الطلاب القادمين الجدد للدراسة في تركية وقد تم قبوله في احدى كليات الهندسة في مدينة اسطنبول ,
يقول زميلنا في بداية الدراسة كانت حالة ايمن مستقرة نوعا ما , خاصة انه كان يحضي باهتمام زملائه بالسكن لانه طالب جديد, وكان الجميع يساعده لانهم اقدم منه ويجيدوا اللغة احسن منه والاربعة من طلبة كليات الهندسة المختلفة , وكلهم اخذوا نفس الدروس المشتركة في الصف الاول .
لكن ومع مرور الوقت, زادت صعوبة الدراسة , وكل واحد التهى بدراسته وكان على ايمن هو الاخر ان يهتم بدروسه ويدرس بدون مساعدة من احد ,
لكن في كل مرة وفي بداية فترة الامتحانات كان ايمن يصاب بحالة نفسية سيئة ويتصرف بغرابة ويمرض احيانا وكلما زادت صعوبة الدراسة زادت غرابة تصرفات ايمن , كنا احيانا نراه يحمل شمعة مشعولة ويحاول حرق الحشرات الموجودة على الحائط او الارض في داخل البيت بها !! حتى اصبحنا نخشى ان يقوم بحرق البيت واحنا نائمين , وكان يقوم بتصرفات غريبة اخرى لا اريد ان اذكرها!!
وكلما اقتربت فترة الامتحانات كان وضع ايمن يتطور من سيء الى اسوء,واستمر الحال لمدة سنة ونصف كان ايمن قد فشل في معظم دروسه وحالته النفسية ساءت جدا. ترددنا في بداية الامر , هل نتصل بوالده لاخباره بحالة ابنه ام لا ؟؟
عائلة ايمن كانت من سكان الضفة الغربية والمعيشة هناك كانت صعبة جدا بسبب ضغط قوات الاحتلال وممارساتها التعسفية.
لكن رغم كل شيء ابو ايمن كان يبذل كل جهده لكي يدفع تكاليف دراسة ابنه في الخارج , ولان دخول الجامعة في فلسطين كان صعب جدا !! اختار الاب تركية لان في ذلك الوقت كان هناك جامعات حكومية فقط وتقريبا مجانية للطلاب الاجانب لان كنا ندفع رسم تسجيل بسيط جدا .
ابو ايمن كان قد وضع امله في ان ايمن بعد التخرج سيلتحق بالعمل باحد الدول الخليجية ويساعده في مصاريف تعليم اخوانه واخواته,
يقول زميلنا ؛ اتصلنا بوالده بعد تردد لان خفنا ان زمام الامور قد يفلت من يدينا ولا نستطيع مساعدة ايمن, بعدها جاء الاب الى تركية واخذ ابنه وعاد به الى بلدهم ,
في الحقيقة ان الموقف كان محزن جدا لكنه لم يكن لدينا خيار لحل اخر ,
وضل سؤال يراود خاطرنا ؛ هل ايمن كان يتهرب من واقع الدراسة الصعبة بالتصرف بذلك الشكل
ام انه كان مصاب بمرض نفسي او عقلي ؟بقلمي/عبير الياسمين
Gustave Courbet
The desperate man [1843-45]