بقلم: د. حسن سعيد رضا.على الرغم من إنَّ اللهجة العراقية العامة إحدة اللهجات المنبثقة عن اللغة العربية الفصحة، إلا إنها طورت بعض القواعد التي جعلتها مختلفةً قليلاً عن العربية الأُم، فالعراقية لا تتميز بكلماتها ومصطلحاتها الخاصة بها فحسْب بل لديها بعض القواعد الواجب مراعاتها عند التحدث بها كلهجة، ومخالفة تلك القواعد تجعل المتكلم خارج نطاق اللهجة العراقية وربما يكون كلامه غير مفهوم بعض الأحيان.
من أبرز القواعد المميزة للهجات العراق كافة ما يلي:
1- تقديم الاسم على الفعل، ففي العراق يغلب التكلم بالجملة الاسمية حتى لو تكونت من فعل وفاعل ومفعول به إن وُجِد، كقولنا (محمد راح للمدرسة) في عَرقنة الجملة (ذهبَ محمدٌ إلى المدرسة) بدلاً من (راح محمد للمدرسة)، ولعل هذه القاعدة شاعت نتيجة التأثر باللغة الانجليزية التي لا تملك في ثناياها جمل فعلية يتقدم فيها الفعل على الفاعل كما هو الحال في اللغة العربية، فضلاً عن تأثير الكردية التي تقدم الفاعل على الفعل في المجمل ، مع ذلك يمكنك التكلم بجملة فعلية في اللهجة العراقية لكن هذا الأمر قليل.
[العَرقنة تعني تطبيع الشيء بالطابع العراقي، فمثلاً تحويل الكلام من الفصحة إلى لهجة العراق يسمى عَرقنة].
2- استخدام أداة الحالية أو الاستمرار، لا توجد في اللغة العربية الفصحة أدوات للمضارعة المستمرة، يكفي أن تقول (أنا أأكل) ليعرف الآخرون أنَّك تأكل، أما في العراقية وفي عدد من اللهجات الأخرى -كالسورية واللبنانية والمصرية- فنحتاج إلى استخدام أداة للدلالة على زمن المستمر ، وهذه القاعدة مشابهة لقاعدة زمن المضارع المستمر في اللغة الانجليزية، وبالعودة للعراقية إذا أردت أن تخبرني أنك تأكل الآن يجب أن تستخدم أداة معينة تختلف من منطقة إلى أخرى في العراق ، ففي بعض مناطق بغداد ومحافظات وسط العراق تقول (دا) مثلاً (دا آكل) بينما في لهجات الجنوب تقول (جاي) مثل (جاي آكل) وهكذا.
3- تعديل قاعدة المثنى [التثنية]، فعلى الرغم من احتواء اللهجة العراقية على المثنى وعدم غيابه لكنه لا يستعمل إلا في حالة النصب أو الجر ولا يأتي الرفع أبداً، فإذا تريد تثنية شيء تضيف له الياء والنون مهما كان محله الاعرابي، وهذه أمثلة من العربية الفصحة وما يقابلها في العراقية : فاز لاعبان = فازو لاعبين، اشتريت كتابَين = اشتريت كتابين، سلّمت على صديقَين = سلمت على صديقين؛ لاحظ عدم وجود حالة رفع للمثنى في العراقية.
والتعديل الآخَر في قاعدة المثنى في العراقية هو اختفاء الضمائر الخاصة بالتثنية، ففي الوقت الذي تمتلك اللغة الفصحة ضمائر دالة على التثنية مثل (هما) و(أنتما) في الضمائر المنفصلة ووجود علامة التثنية (ما) التي تلحق بالضمائر المتصلة مثل (سألكَ المعلم = سألكما المعلم) لا يوجد أي ضمير أو علامة خاصة بالمثنى في العراقية، فقواعد الكلام بالضمائر أما أن يكون للمفرد أو للجمع، ويستخدم ضمير الجمع حتى مع المثنى وهذه أمثلة من الفصحة وما يقابلها في العراقية: الطالبان نجحا = الطالبين نجحو، أنتما معلمتان = أنتم معلمتين، سأعاقبكما، راح أعاقبكم. لاحظ حلول واو الجماعة بدل ألف الاثنَين في المثال الأول والضمير أنتم بدل أنتما في الثاني واتصال ميم الجمع بكاف المخاطبة بدل ميم وألف التثنية في المثال الثالث.
4- تعديل قواعد النفي: ومنها اختفاء أداة النفي والجزم (لم) من الجملة في الماضي وأداة النفي والاستقبال (لن) من المضارع وحلول (ما) النافية محلهما وهذه الأمثلة: في الماضي .. لم أذهب = ما رحت، في المضارع .. لن أذهبَ = ما راح أروح، فضلاً عن اختفاء (لَمّا) التي تفيد النفي والاستمرار كقولهم (خرجتُ ولَمّا تُشرِق الشمسُ) ويستعاض عنها بالأداة (ما) مع تحويل الفعل إلى اسم فاعل أو مفعول حسب الظرف، ففي مثالنا السابق (خرجتُ ولَمّا تُشرِق الشمسُ) نقول (طلعت والشمس ما طالعة) وأحياناً نستخدم (بعد) للتأكيدفتصبح (طلعت والشمس بعدها ما طالعة).5- شيوع الأدوات متعددة الاستخدامات والمعاني، وهذه تحتاج إلى موضوع آخر لكن باختصار هذا مثال: كلمة (بَس) في العراقية تأتي بمعنى الحصر وتقابل (فقط) كقولنا (عندي قميصان فقط) تصبح (عندي بس قميصين) وتأتي بمعنى الاستدراك وتقابل (لاكنَّ) مثل (الشمسُ مُشرِقةٌ، لكنَّ الجوَّ باردٌ) فتصبح (الشمس طالعة، بس الجو بارد) وتأتي لإسكات المقابل أو إيقافه عما يفعله كقولك (بس، لتسولفون) أو (بس، بطلو هوسة) وتأتي بمعنى الاكتفاء كقولك (بس، بعد لا تصب شاي).
6- استبدال الضمير المتصل المؤنث المخاطب (كِ) أي الكاف المكسورة بحرف الجيم المعجمة التي تشبه لفظ الحرفين ch ، فتقول (هذا كتابج -ج = ch-) في العراقية بدلاً من (هذا كتابُكِ) في الفصحة.
هذه أبرز قواعد اللهجة العراقية التي ألاحظها عندما أتكلم وإذا كانت لديكم قواعد أخرى تفضلو وأثرو الموضوع بها.