في وطنٍ منسي ..
على أرضٍ فقيرة
تحتَ سقفٍ يكادُ ينقضُّ عليّ
وفي زاويةٍ صغيرة
أحاولُ أن أكونَ أنا ..
أعاندُ المرآة فيما تبديه
من ضحكٍ او ابتسامةٍ قصيرة.!
وأبدي جلداً أمام غزوٍ
من نجومِ الليل
وليالٍ حقيرة!
في الوطنِ المنسي ..
لا يراني القوم حينَ أمشي
لكنّهم يروني فوقَ نعشي
ولن يهتمّوا فيّ وبينهم أنا
ولا يسألون..
ولكن عندما أموتُ جميعهم
فوقَ قبري يبكون!
أحاولُ أن أكون أنا
بين أوراقِ الليالي الخالية
أحاولُ أن أكتبَ إسمي
حتّى وإن كلّفني روحي البالية
ولكن مامِن هناكَ حبرٌ في وطني ..
أقلامهُ جفّت ، أزهارهُ ذبلَت
أنهارهُ شحّت ، يا وطني!
أريدُ أن أحييكَ أو تحييني
لماذا أراكَ تنسجُ لي كفَني!
أحاولُ أن أكون أنا
على أرضٍ أقلعَ منها الهنا
وخيّم فيها الونى
أن أزرعَ كِلمةً كانت مستحيلة
أن أحيي مفردةً معطّرةً عليلة..
أيا وطني ..
يامن تعبّر الحزنَ في نغَمةْ
لماذا كلُّ الذكريات فيكَ قصيرةٌ
ومؤلمة!؟
وعلى فيضِ الأغاني لم أجِد كِلمةً
تساعدُ المَسيرة!
وطني أيّها القاتلُ والقتيل..
والآسرُ والأسير..
يامَن وهبتَ للعبيرِ عبيره..
أحاولُ أن اكون أنا
في زمنِ المحالِ والمستحيل
وعهدٍ كاذبٍ أتمّهُ الرحيل!
ومثلي مُبصرٌ مثلي ؛
يبحثُ بينَ الركامِ وفوق الخراب
عن أثرٍ جميل..!
عن وردةٍ غيرَ ذابلة
عن دساتيرٍ نصوصُها عادلة!
اصاحِ لا تزهق النفس
فنحنُ يحكمنا ألفَ حرملة..
وعلى الجِدارِ عصفورٍ صغير
يصدحُ فتستهويك زقزقتهْ
وحينَ تسرّ قليلاً
يسقطُ العصفور من فوق الجِدار.!
ويلفظُ أنفاسه الأخيرة
لأنّ قاتلاً أسقطهُ ببندقيّته.!
أحاول أن أكون أنا
على أرضٍ تتحاورُ بالبنادق
والسكاكينُ والخناجِر
على أرضٍ خلت منها البيادق
ولم تبقى جيوشٌ
في الميادينِ والمحاوِر!
لم يعد شيءٌ لدينا
طالَ صمتنا كصمتِ المقابِر
على أرضٍ عنيدةٍ وعسيرة!
يا وطني يا وطن الأدب
هل أنتَ من خرّجَ الأدباء.!؟
فمالي لا أرى من الشعرِ
سوى رذيلهْ
وما لي أرى عشائرٌ تفنى
وقبيلةٌ تُمحي قبيلة؟!
يا وطني .. يا بركاناً تفجّرَ منهُ
الإباء ..
أشتاقُ اليكَ كثيراً
إلى ضجيج الصباحِ
وسكونَ المساء..!
وإلى نجومِك بالذاتِ تلكَ النجوم
رغم أنّها كأيّ نجم..
ولكن ليلكَ يا وطني يزّين أنجمَ
السماء..
وعلى أرضٍ صدّعتها الجلجلة
نعيشُ فيها كما تعيش السنبلة
نخرجُ من بطنِ الفقر إلى بطن القبر
نحنُ تراثُ الأنبياء!
نحنُ من نستريح بالموت
ومن كلّ مستطيرة
حينَ نشهقُ الشهقةَ الأخيرة
لقد حاولتُ أن اكون أنا
مليون مرّةٍ حاولتُ أن أكون نفسي
في الوطن المنسي.!
لكنّني أدركتُ في وطني
بأنَّ الروحُ آسرةٌ
والنفسُ هيَ الأسيرة.!
العيلامي