فواكه، لحوم، خمر، لبن، عسل، زنجبيل، كافور، كلّ ما تشتهيه الأنفس من لذيذ الأكل والشراب يجده المؤمنون في الجنة! أليس في هذا دليل واضح أن الأكل والشرب شهوة عظيمة؟ غير أن أهل الجنة لا تضرهم كثرة الأكل والشرب كما تضرنا في الدنيا!
في الدنيا نزور الطبيب مبتهجين من أجل أن نطمئن على صحتنا. يا حضرة الطبيب، كل شيء يبدو جيدًا، فقط فحص روتيني! يجري الطبيب الفحوصات المعتادة ويمطّ شفتيه بالسؤال: يا أستاذ منذ متى لم تفحص؟ أقل من سنة يا دكتور! هل تعلم أنك تعاني من سكري وضغط وسمنة وضعف في عضلة القلب؟ أوف أوف؛ كل هذا يا دكتور؟! نعم، لذلك حرام عليك أن تأكل كذا وكذا من الطعام أو تشرب ذلك الشراب ثم خذ حبتين من هذا الدواء وثلاثًا من ذاك الدواء مدى الحياة!
يذكر في كتب السيرة النبوية أن المقوقس، عظيم مصر، أهدى النبيّ محمد -صلى الله عليه وآله- جملة من الهدايا من بينها طبيب. مكث الطبيبُ الذي أرسله المقوقس برهة لم يُراجعه أحد في أمر من اختصاصِه، فسأل النبيَّ عن سرّ ذلك، فقال -صلى الله عليه وآله-: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع".
في زمن المدينة الحديثة تنوعت المآكل والمشارب واتسعت. صرنا نأكل ونشرب على مدار الساعة. كبرت بطوننا وضاعت صحتنا وجاءتنا أمراض لم نكن نعرفها والسبب شهوة الأكل المفرطة. أينما تذهب وتتجه ترى أنواع المطاعم والمشارب والكل ينادي: تعال عندي لديّ أحسن وأصحّ غذاء وشراب! كان جل الغذاء من الطبيعة واليوم تفننت المصانع في تصنيعه وخلطه وتحسين مذاقه.
أكرمنا الله سبحانه وتعالى بوافر نعمه ولم يحرمنا منها، وكم في الدنيا من جائع! لذلك الاعتدال حسن فلا جائع أتضور جوعًا ولا ملآن حدّ التخمة لا أستطيع الجلوس ولا المشي ولا النوم! لا أحرم نفسي من الموائد والأكل الشهي ولا آكل طوال اليوم فما بعد الشبع إلا مشرط الطبيب وعمليات قصّ معدة!
من الغريب والرائع أن الحكمة المذكورة آنفا عرفها من قالها آنذاك، قبل مئات السنين والدراسات الطبية الغربية والشرقية الحديثة تقرّها وتَستحسنها. عندما نأكل، يستخدم جسمنا بعض السعرات الحرارية التي نستهلكها للحصول على الطاقة ويتم تخزين الباقي على شكل دهون. قد يؤدي استهلاك سعرات حرارية أكثر مما نحرقه إلى زيادة الوزن أو السمنة وهذا يزيد من خطر الإصابة بمختلف الأمراض والمشكلات الصحية المزمنة الأخرى.
التفاتة: يستطيع القراء الكرام أن يطلعوا بأنفسهم من الشبكة العنكبوتية على أعداد الذين يجرون عمليات تكميم معدة سنويًا من أجل فقدان الوزن وما هي نسبة الرجال والنساء الذين يقومون بإجراء هذا النوع من العمليات!