استبدلنا عاداتٍ قديمة جيدة بأخرى جديدة سيئة في حياتنا المعاصرة ومن هذه العادات الاستيقاظ المبكر من النوم! ننام متأخرين ونستيقظ وقد انقضى من النهار أغلبه، ثم نعاود الكرة مرة أخرى! وبعد ذلك نستغرب إذا هاجمتنا العلل وظهرت علينا علامات الشيب مبكرًا!
لو استيقظتَ باكرًا، القارئ الكريم أو القارئة الكريمة، لوجدت كثيرًا من الطيور سبقتك في التغريد والطيران وتسبيح الله وطلب أرزاقها فما بالنا نحن البشر نفرط في الساعات الأولى من اليوم، ننام ونكسل عن النهوض؟! واحد من الأسباب المهمة في النجاح الإبكار في الاستيقاظ والاستفادة من الساعات الأولى من النهار. لا حاجة لذكر دراسات أو أسماء، انظر من حولك من الناجحين والجادين في الحياة واسألهم: متى تستيقظون؟ أكاد أجزم أنهم يستيقظون قبل طلوع الشمس!
قام الباحثون بتحليل بيانات من نحو 840 ألف شخص من أصل أوروبي للبحث عن المتغيرات المشتركة التي تؤثر على النمط الزمني للشخص، أو تفضيل وقت النوم وتمكنوا من تحديد أولئك الذين كانوا يستيقظون مبكرًا ومتأخرًا. بعد ذلك، حدد الباحثون أولئك الذين تم تشخيصهم باضطراب اكتئابي رئيسي. عندما فحصوا كل هذه المعلومات، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي للاستيقاظ في وقت أبكر بساعة في الصباح مقارنة بمن يستيقظون متأخرًا لديهم خطر أقلّ بنسبة 23% للإصابة بالاكتئاب.
دراسة نستطيع أن نجريها بأنفسنا: لديك سفر؟ قارن زحمة الشارع في الساعتين الأوليين بعد طلوع الفجر مع بقية النهار! ذاهب إلى العمل كل يوم؟ راقب هدوء الطريق في الساعة الأولى من الصباح! سوف تعرف مدى الراحة النفسية عندما تكون الطرقات أخف زحمة! روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "باكروا بالحوائج فإنها ميسرة". من نعم الله سبحانه وتعالى أن جعل الليل راحة لنا تحت ظل قمر خفيف الضياء وجعل في النهار حركة وبناء تحت ضياء شمس فياض يملأ الدنيا دون انقطاع.
وللسهّار الذين لا تغمض لهم عين من العلم نصيب! تشير دراسة حديثة إلى أن الأشخاص الذين يبقون مستيقظين ويقومون بأفضل أعمالهم في الليل لديهم وظائف إدراكية أعلى من محبي الاستيقاظ المبكر في الصباح، والذين غالبًا ما يُنظر إليهم بصورة أكثر إيجابية. وتوصل فريق دولي من العلماء بقيادة إمبريال كوليدج لندن إلى هذا الاستنتاج المثير للاهتمام، في دراسة جديدة نُشرت في مجلة "BMJ Public Health". في الدراسة، نظر العلماء إلى البنك الحيوي البريطاني واسع النطاق، والذي يتألف من بيانات طبية حيوية ومعلومات أخرى من نصف مليون بريطاني، وقاموا بتحليل 26000 مشارك خضعوا لاختبارات إدراكية، وأجابوا عما إذا كانوا من محبي الاستيقاظ المبكر أو محبي السهر.
بعد تحليل الأرقام، وجد الباحثون أن مجموعة واحدة من محبي السهر لديهم وظائف إدراكية أعلى بكثير من مجموعة أخرى من الأشخاص الصباحيين، متجاوزين إياهم بدرجات أعلى بنسبة 13.5%، كما أنه في عينة أخرى من الدراسة لا يزال محبو السهر في المقدمة بدرجات أعلى بنسبة 7.5%.
التفاتة: يستطيع القراء الكرام أن يجدوا الدراسات المذكورة كاملة دون اقتطاع من الشبكة العنكبوتية.