فَرطُ التَعَرُّق هو حالةٌ طبِّية تسبِّب زيادةَ إفراز العرق، أمَّا فَرط تَعَرُّق راحتي الكفين (أو تَعَرُّق الكفَّين) فهو الحالةُ الأكثر شُيُوعاً لفَرط التَعَرُّق، والتي تسبِّب حرجاً اجتماعياً كبيراً؛ فعند وجود هذه الحالة، تسبِّب الأنشطةُ اليومية الاعتيادية، كالمصافحة ومسك الأيدي أو الكتابة، توتُّراً وضغطاً نفسياً يؤدِّيان بدورهما إلى تفاقم الحالة نفسها. وقد تحدث عدوى فطريَّة في حالة عدم غسل اليَدين وتجفيفهما المنتظم؛ وهي تسبِّب رائحة كريهة. كما يسبِّب فَرطُ التَعَرُّق خطر الإصابة بالعدوى الجرثومية والطفح الجلدي أيضاً. لا يزال سببُ فَرط التَعَرُّق عندَ بعض الناس مجهولاً، لكنَّه يمكن أن يكون وراثياً داخل الأسرة. ومن المفيد استشارةُ الطَّبيب لمعرفة ما إذا كانت المشاكلُ الهرمونية أو المشاكل الأخرى، مثل داء السكَّري أو العدوى، لها علاقة بفَرط التَعَرُّق. كما أنَّ أنواعاً معيَّنة من الأطعمة والمشروبات قد تسبِّب فَرط التَعَرُّق عندَ بعض الناس. وإذا كانت هذه الأطعمةُ والمشروبات هي السبب، فقد يكون اعتماد نظام غذائي محدَّد مفيداً لعلاج حالة فَرط التَعَرُّق.يُمكن علاج فَرط التَعَرُّق بواسطة:• تناول الأدوية، مثل الدريسول المضادِّ للتَعَرُّق أو عقاقير تُدعى حاصرات بيتا.• العلاج بمغاطس الأيونات (إرحال أيوني)، حيث يضع المريضُ راحتيه في حوض مملوء بالماء الذي تسري فيه تيَّارات كهربائية.• حقن البوتوكس للجم الأعصاب التي تسيطر على الغدد العرقيَّة.• إجراء عملية جراحيَّة تُسمَّى "قطع العصب الوِدِّي sympathetectomy" الذي يؤدِّي إلى منع الجهاز العصبي الودِّي من إرسال الإشارات إلى اليدين.
مقدِّمة
يُقدَّر أنَّ واحداً بالمائة من البالغين يعانون من التَعَرُّق الزائد؛ والتَعَرُّق الزائد هو حالة طبِّية معروفة "بفَرط التَعَرُّق".فَرطُ تَعَرُّق الراحتين هو الحالة الأكثر شُيُوعاً بين حالات فَرط التَعَرُّق. وهي الحالةُ الأكثر إحراجاً من الناحية الاجتماعية، حيث يخشى الذين يعانون من التَعَرُّق الزائد من أيِّ موقف يُضَّطرون فيه إلى التواصل مع الآخرين بالأيدي. وقد تُؤثِّر هذه الحالة في قدرة المريض على التفاعل مع الآخرين، كما قد يكون لها أثر سلبي على حياته الاجتماعية.يشرح هذا البرنامج التثقيفي حالة فَرط التَعَرُّق وخيارات العلاج الرئيسيَّة له.
التَعَرُّق
التَعَرُّقُ هو وظيفة طبيعية من وظائف الجسم، يساعد على تبريد الجسم عندما ترتفع حرارتُه. ولهذا السبب، يتعَرَّق البشر بعد التمارين الرياضية أو عند تعرُّضهم لطقس حار، كما يتعَرَّقون بسبب الضغط النفسي أيضاً.يتعَرَّق الأطفال والبالغون؛ وعندما يصل الإنسان إلى سنِّ البلوغ، فإنَّ جسمه يرشح العرق أكثر من ذي قبل، ولا تتناقص كمِّية العرق المفرزة كلَّما ازداد عمر الإنسان. ولكن، قد تحصل زيادة في التَعَرُّق عند بعض الناس، وعند حصول ذلك فإنَّنا ندعو الحالة فَرط التَعَرُّق.تقوم الغددُ العَرَقية بإفراز العرق. وفي الجسم ملايينُ الغدد العرقيَّة المنتشرة في جلد الإنسان، لكنَّ بعض مناطق الجسم تحوي عدداً أكبر من هذه الغدد. ومن هذه المناطق: جلد اليدين والقدمين والإبطين والمنطقة الأربية (المغبنيَّة). يتكوَّن العرق من الماء والملح، ويكون عديم الرائحة غالباً. ولكن، تصبح رائحته ظاهرة عادة عندما يمتزج بالجراثيم الموجودة على الجلد.يتحكَّم الجسم بصورة تلقائية بعملية التعرُّق للحفاظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية؛ ويتمُّ هذا التحكُّم بواسطة نظام خاص في الجهاز العصبي يُسمَّى الجهاز العصبي الودِّي، حيث تسير الأعصاب المشكِّلة للجهاز العصبي الودِّي من الدماغ إلى الحبل الشوكي (النُّخاع)، ثمَّ تنتشر من الحبل الشوكي إلى المناطق المختلفة من الجسم.كما يتحكَّم الجهاز العصبي الودِّي أيضاً بمعدَّل ضربات القلب وبضغط الدم وبوظائف جسميَّة غير إرادية أخرى. والوظائفُ اللاإراديَّة للجسم هي الوظائف التي تعمل من غير أن يفكِّر الإنسان بها.تنشأ الأعصابُ الودِّية التي تسير إلى اليدين من ضفيرتين عصبيتين تقعان على جانبي العمود الفقري، وتبدآن من مستوى أعلى الصدر.عندما تتَعَرُّق راحتا اليدين كثيراً، فإنَّ الأطبَّاء يُسمُّون هذه الحالة فَرط تَعَرُّق الكفين أو الرَّاحتين. وعندما يتعَرَّق باطنُ القدمين كثيراً، فهم يسمُّون هذه الحالة فَرط تَعَرُّق باطن القدمين، كما يطلقون تسمية فَرط تَعَرُّق الإبطين عندما تتَعَرُّق منطقة الإبط كثيراً.
أعراض فرط التعرق
لا يشكل التَعَرُّق مشكلةً عند معظم البشر. وبمقدور العطور أن تسيطر على الرائحة المنبعثة، لكنَّ الأشخاص الذين تفرز أجسامُهم الكثير من العرق، قد يجدون صعوبة في السيطرة على التَعَرُّق. ولهذا السبب، قد يعاني الأشخاص المصابون بفَرط التَعَرُّق من بعض المشاكل في مجريات الحياة الاجتماعية العادية.يُعرَّف تَعرُّق الكفَّين باسم "فرط تعرُّق الرَّاحتين". وهذه حالةٌ طبِّية تسبِّب زيادة إفراز العرق. وبالنسبة للأشخاص المصابين بهذه الحالة، تصبح الأنشطة العادية اليومية (كالمصافحة أو تشابك الأيدي) مصدراً للإحراج الاجتماعي والتوتُّر النفسي. ويمكن للتوتُّر النفسي أن يزيد من تفاقم الحالة نفسها. وقد تصبح الكتابة أو استخدام لوحة المفاتيح أو العزف على آلة موسيقية من الأنشطة الصعبة جداً.
قد يُضطرُّ الأشخاصُ المصابون بفَرط تَعَرُّق الراحتين إلى تعديل سلوكهم من أجل القيام بالأنشطة العادية اليومية؛ فمثلاً، قد يُضطرُّ المصاب إلى استخدام وسادة تحت راحته لحماية ما يكتبه بالقلم من التلطُّخ بسبب العرق، أو إلى استعمال المناديل باستمرار لتجفيف كفِّه.يحتاج المريضُ إلى تغيير ملابسه الداخلية وجواربه غالباً، وقد يعجز عن استخدام أحذية مكشوفة.يعدُّ فَرطُ تَعَرُّق الراحتين الحالةَ الأكثر شُيُوعاً لفَرط التَعَرُّق، وهي الحالةُ الأكثر إحراجاً اجتماعياً؛ ويخشى الذين يعانون من التَعَرُّق الزائد من أيِّ موقف يُضَّطرون فيه إلى التواصل مع الآخرين بالأيدي، وقد تؤثِّر هذه الحالة في قدرة المُصاب على التفاعل مع الآخرين، ويمكن أن يكونَ لها أثر سلبي على حياته الاجتماعيَّة.لا يشكِّل الإحراجُ والمواقف الاجتماعية الصعبة المشكلةَ الوحيدة التي يسبِّبها فَرط التَعَرُّق، فمن دون غسل اليدين وتجفيفهما المنتظم قد تظهر العدوى الفطرية التي تسبِّب بدورها رائحة كريهة، كما يسبِّب فَرط التَعَرُّق خطر الإصابة بالعدوى الجرثومية وبالطفح الجلدي أيضاً. لذلك، يحتاج بعض الناس الذين يعانون من هذه الحالة الصحِّية إلى مزيد من العناية فيما يخصُّ نظامهم الغذائي.
أسباب فرط التعرق
لا يزالُ سببُ فَرط التَعَرُّق غير معروف عند بعض الأشخاص، لكن يمكن لفَرط التَعَرُّق أن يكون وراثياً ضمن الأسرة.قد تسبِّب المشاكل الهرمونية فَرط التَعَرُّق في الجسم، وهذا هو السبب الكامن وراء أهمِّية الفحص الذي يجريه الطبيب عندما تبدأ معاناةُ المريض من التَعَرُّق المفرط المفاجئ الزائد عن الحدِّ الطبيعي، وقد تكون هذه الحالةُ إشارة إلى وجود داء السكَّري أو نشاط زائد في الغدة الدرقية أو إلى وجود عدوى.قد تسبِّب بعضُ الأدوية والأطعمة والمشروبات التَعَرُّقَ الزائد أو ظهور رائحة مختلفة للعَرَق. وعندما تكون هذه هي أسباب التَعَرُّق، فمن الممكن أن تتمَّ السيطرة على التَعَرُّق الزائد بتغيير النظام الغذائي.
علاج فرط التعرق
يُمكن معالجةُ فَرط التَعَرُّق عن طريق الأدوية، مثل المغاطس المتأيِّنة iontophoresis وحقن البوتوكس، كما تشمل الأدوية المستخدَمة في علاج فَرط التَعَرُّق الدريسول Drysol وحاصرات بيتا؛ فدواءُ الدريسول هو مضادُّ تعرُّق مصنوع من كلوريد الألومنيوم، حيث يتمُّ وضعه على راحتي اليدين، فيقوم بسدِّ القنوات العرقية بواسطة أملاح الألومنيوم، ممَّا يسبِّب تعرُّقاً أقلَّ على الجلد.
في حال تعرُّق المريض تعرُّقاً زائداً في كلِّ أنحاء الجسم، فقد يصف له الطبيب دواءً مضاداً لإفراز العرق من مجموعة مُضادَّات المفعول الكوليني anticholinergic. ويعمل هذا الدواءُ على لجم تأثير الأسيتيل كولين الذي هو مادَّة كيميائية موجودة في جسم الإنسان تساعده على تنبيه عمل الغدد العرقية، ممَّا يؤدي إلى إفراز المزيد من العرق. وتتحسَّن العلامات والأعراض خلال أسبوعين عادة. لكن، وبسبب انتشار الأسيتيل كولين في مناطق عديدة من جسم الإنسان، فإن الآثار الجانبية السلبية ستكون كثيرة.أمَّا المعالجةُ بالمغاطس المتأيِّنة فهو معالجةٌ أخرى ثبتت منفعتها، حيث يضع المريضُ راحتيه أو قدميه بشكل منفصل في حوض مملوء بالماء الذي تسري فيه تيَّارات كهربائية، فيقوم التيَّار الكهربائي بتغيير طريقة عمل الغدد العرقية، ويُنقص من كمِّية العرق التي تقوم بإفرازها تلك الغدد.
تتطلَّب المعالجةُ بالمغاطس المتأيِّنة الخضوعَ لعدَّة جلسات، بمعدَّل ثلاث جلسات أسبوعياً، وتستغرق كلُّ جلسة بين ثلاثين وستِّين دقيقة، حيث تعتمد مدَّةُ الجلسة على عدد المناطق التي يتمُّ علاجها في كلِّ مرة. وقد يكون هذا الشكلُ من المعالجة مزعجاً أو متعباً بعضَ الشيء. كما قد تساعد مشاهدةُ التلفزيون أو القراءة خلال جلسات المعالجة على قضاء الوقت.تشكِّل حقن البوتوكس خياراً آخر من خيارات العلاج، والبوتوكس هو المادَّةُ نفسها التي تساعد على إزالة تجاعيد الوجه، حيث يقوم بوظيفته هذه عن طريق شلِّ عضلات محدَّدة. لقد اكتشف الأطبَّاء بأنَّ حُقَن البوتوكس تشكِّل طريقة فعَّالة لمعالجة فَرط التَعَرُّق الشديد أيضاً، حيث تقوم طريقةُ عملها على لجم الأعصاب التي تتحكَّم بالغدد العرقية. ويستمرُّ تأثير حُقَن البوتوكس المؤقَّت حتَّى أربعة أشهر، ويحتاج المصابون بفَرط التَعَرُّق إلى حُقَن البوتوكس في راحتي اليدين كلَّ أربعة أشهر تقريباً. ومن السهل أن يتحمَّل المريض هذا الإجراء العلاجي، لكنَّه ليس الإجراء الأكثر إراحة له.عندما لا تنفع طرقُ المعالجة غير الجراحية في إراحة المريض، وعندما يريد المريض حلاً دائماً، فقد يكون عليه التفكير في المعالجة عن طريق عمل جراحي؛ حيث يعدُّ قطع العصب الودِّي جراحةً من أجل معالجة فَرط تَعَرُّق الراحتين والتحكُّم به، وقد تقلل من التَعَرُّق على الوجه والإبطين والقدمين في بعض الحالات أيضاً.يكون الهدفُ من العمل الجراحي هو إيقاف الجهاز العصبي الودِّي عن إرسال الإشارات إلى اليدين، ويتمُّ هذا عن طريق قطع العصب الودِّي الذي يمتدُّ إلى اليدين ويتحكَّم بالغدد العرقية. تكون نتائجُ الجراحة بالنسبة لدى معظم المرضى فورية ودائمة. ولقد استمرَّ استخدامُ عملية قطع العصب الودِّي كإجراء طبِّي لمدَّة ثلاثين سنة، ولكن أدَّى التطوُّر الحديث في عالم الطبِّ إلى إمكانية إجراء هذه العملية عن طريق شقَّين صغيرين في إبطي المريض.قد لا تكون بعضُ هذه المعالجات مشمولة بالتأمين الصحِّي؛ ففي حالة وجود تأمين صحِّي لدى المريض، يكون عليه أن يتَّصل بالجهة المؤمِّنة لمعرفة ما إذا كانت تغطِّي نفقات هذه المعالجة.
الخلاصة
عندما يتعَرَّق الجسمُ كثيراً، تُعرَّف هذه الحالةُ الطبِّية باسم فَرط التَعَرُّق؛ وهي قابلة للمعالجة بالأدوية والمغاطس المتأيِّنة وبحقن البوتوكس، أمَّا الأدوية المستخدَمة لعلاج فَرط التَعَرُّق فتضمُّ الدريسول وحاصرات بيتا.عندما لا تفيد الإجراءات غير الجراحية في علاج أو تخفيف فَرط تَعَرُّق الراحتين، أو عندما يرغب المريض في حلٍّ دائم، فقد يكون عليه التفكير باللجوء إلى الجراحة، حيث تعدُّ عملية قطع العصب الودِّي من العمليات التي تُعالج وتتحكَّم بفَرط تَعَرُّق الراحتين. كما يمكن، في بعض الحالات، أن تقلِّل أيضاً من التَعَرُّق على الوجه والإبطين والقدمين.يكون تأثيرُ عملية قطع العصب الودِّي فورياً، ويحصل معظم المرضى على كفَّين جافَّتين بعد العملية الجراحية مباشرة؛ كما يقلِّل هذا الإجراء من مقدار التَعَرُّق الوجهي عند معظم المرضى. أمَّا بالنسبة لبعض المرضى، فقد يقلِّل هذا الإجراء فَرط التَعَرُّق في القدمين أيضاً.يعدُّ فَرطُ تَعَرُّق الرَّاحتين أو الكفِّين الحالةَ الأكثر شُيُوعاً من بين حالات فَرط التَعَرُّق، والتي تسبِّب أكبر حرج اجتماعي. ولكن، بفضل تطوُّر الطبِّ، فإنَّ المعالجات الدوائية والجراحية أصبحت متوفِّرة لتدبير هذه الحالة.
العربيه للمحتوى الصحي