الموصل / سيف الدين العبيدي
في وسط ازقة الموصل القديمة وامام منارة الحدباء وجامع النوري الكبير عمل احد العاشقين للتراث الموصلي على تحويل منزله الى متحف صغير يضم مقتنيات المنزل التراثي، وجدران وضع عليها صورا قديمة لكافة مناطق ام الربيعين، ومقتنيات يعود تاريخها الى ١٠٠ عام او اكثر، وأغاني موصلية قديمة تطرب اذان الزوار من العراقيين والاجانب.
" دار فن التراث الموصلي" هو اسم المتحف الجديد الذي اسسه شمس الدين الراوي على يده وتحت إشرافه وعلى مساحة ٤٠ مترا مربعا شيده على هيئة ٤ طوابق فظهرت منه إطلالة رائعة على ازقة المدينة القديمة بمقياس ٣٦٠ درجة عند أعلى المنزل.
شمس الدين الراوي ذو الـ ٦٤ من العمر تقاعد من وظيفته في صحة نينوى قبل ٤ سنوات وتفرغ لشغفه وحبه للتراث، فعمل على تحويل منزله الثاني الى دار يمثل التراث الموصلي بكافة تفاصيله.
الراوي في حديثه لـ(المدى) اوضح ان الطابق الاول للدار جعل منه متحفا صغيرا يضم المئات من القطع القديمة الصغيرة كان قد جمعها من الاصدقاء وباقي المعدات القديمة ومن المحلات، وفي الطابق ذاته اضاف غرفة موصلية قديمة، اما الطابق الثاني فقد جسد به غرفة تراثية موصلية للعرسان بكافة تفاصيلها.أما الطابق الثالث فضم إيوان موصلي قديم مع شرفة تطل على البيوت القديمة، وفي الطابق الرابع جسد فيه المقهى الموصلي القديم بطريقة جلسته والمحتويات التي فيه، اما سطح المنزل فجعل منه إطلالة ساحرة على منارة الحدباء والمدينة القديمة بمنازلها وشوارعها ومحلاتها.
الراوي اكد ان المشروع جاء على نفقته الخاصة وراتبه التقاعدي، وقد كلفه ٦٠ مليون دينار عراقي تضمنت اعمال ترميم المنزل من اضرار الحرب وكذلك شراء المقتنيات القديمة، وقد استغرق العمل ٣ سنوات بدأ به عام ٢٠٢١.
يقول الراوي ان حبه للتراث دفعه لهذا الامر واعتزازه بالهوية التراثية الموصلية، وقد بحث من بين أنقاض البيوت التراثية عن واجهات منازلها المصنوعة من المرمر الموصلي والنقوشات والزخارف والتي تمثل عبق العمارة الموصلية وقد وضع بعض من هذه القطع في متحفه وذلك لكي يعرف الزوار على ماكانت عليه البيوت القديمة قبل دمارها خلال الحرب. وفي الآونة الاخيرة عمل الراوي على التوثيق الصوري لواجهات المنازل الموجودة في الواجهة النهرية للموصل القديمة اعترازاً بها، وختم حديثه لـ(المدى) بتمنياته ان يزوره كافة العراقيين من المحافظات لكي يعرفهم على تراث ام الربيعين ويمتعهم بإطلالة على منارة الحدباء.
محمد محمود أحد الزوار ذو الخمسينات من العمر اوضح ان الدار يراه تحفة فنية رائعة لا تقدر بثمن لما فيه من تحف ومقتنيات قديمة اعادته لذكريات طفولته عندما رآها، وبين ان طفولته كان بالقرب من الدار عند أحد بيوت المجاورة لمنارة الحدباء لكنه غادرها منذ شبابه.
وأضاف "بالرغم من أن الدار صغير لكنني انبهرت بكل ما فيه من تحف فنية ومقتنيات من الصعب ان تجدها في مكان آخر لإنها انقرضت، خاصة بعدما حصل للموصل من دمار ذهب معه الكثير مما يضمه التراث الموصلي لكن صاحب الدار وهو صديقي اصفه بالبطل لإنه استطاع ان يقتني هذا التراث ويساهم في امتداده للجيل الحالي". في الوقت ذاته فإن الشاب محمد عبدالرزاق احد الزوار قادماً من العاصمة بغداد عبر عن اندهاشه لما رآه من مقتنيات وتحف واجواء تمثل البيت الموصلي، واوضح ان هكذا مشاهد يراها امامه لأول مرة واصفاً انها تشبه المسلسل الشهير "باب الحارة" وانه قدم بالصدفة الى هذا المكان لإنه لم يعرفه مسبقاً.
وبين ان ما يسمع ويشاهد عن الموصليين لما يقدموه في مجال التراث، انهم شعب محب للحياة واستطاعوا ان يعودوا للنهوض في كل مجالات الحياة، بغضون سنوات معدودة.