من وحي شهادة الإمام زين العابدين وسيّد الساجدين علي بن الحسين(ع) :
===========
< نعمة الضمير، ومسؤوليّة المراقبة والمحاسبة >
____________
قال (ع):
[ يا بن آدم، لا تزال بخير ما دام لك واعظٌ من نفسك، وما كانت المحاسبة من همّك، وما كان الخوف لك شعاراِ، والحزن دثاراً، يا بن آدم، إنّك ميّتٌ ومبعوثٌ، وموقوفُ بين يدي الله عزّ وجلّ ومسؤولُ، فأعدّ له جواباً.].*
.........................
* الأمالي: المفيد، ص ٣٣٧؛ تحف العقول:ص ٢٨٠.
____________
يترجم الإمام السجّاد (ع) ويؤكّد الحقيقة القرآنية الي نطقت بها أعظم آيات العدل والإحسان الإلهي في قوله تعالى :
{ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا }.
_ الأسراء ١٤ _
فهذه الآيّة من أعظم آيّات عدله وإحسانه سبحانه، وهل هناك عدل وإنصاف أعظم من أن يكون الإنسان هو المحاسب والمحاكم لنفسه؟!
وهل هناك نعمة وإحسان وتشريف وتكريم أعظم من نعمة العقل والفطرة ؟!
وفي ذات الوقت هي من أعظم آيات الحثّ على ضرورة محاسبة الإنسان ومراقبته لنفسه في عالم الدنيا قبل أن يُحاسب ويُحاكم على نتائج أفعاله وسلوكياته الدنيويّة في العالم الآخر ، ففيها تحذير وتنبيه للإنسان وإيقاظ له من غفلته عن نفسه، ومنع له من إرتكاب أفدح الجرائم بحقّها، ودلالة له عمّا يمنعه عنها،
وهذا
الضامن للإنسان عن الوقوع في هذا الإرتكاب لجريمة
" ظلم النفس " ،
و "اللجام" الذي يكبح جماح هذه النفس عن الوقوع في مهاوي معصيةالله تعالى ومخالفة أوامره ونواهيه وأحكام دينه
هو " الفطرة الأصيلة" و
" الضمير الإنساني" ،
ولكن بشرط أساسي هو أن تُحسن تربية وتهذيب هذه النفس، وتنمية قواها واستعداداتها الداخلية ، لتحصل على رقيب داخلي "ضمير كسبي"
قويّ ومتيقّظ دائماً ومتوافق على طول الخطّ مع مقتضيات
" الضمير الوهبي"،
الذي هو عبارة أخرى عن الفطرة الإنسانية الأوليّة الي فطر الله تعالى الناس عليها ،فهذا الضمير الكسبي هو الذي يقوم بأعظم وأشرف الوظائف وهي وظيفة المراقبة والمحاسبة والمحاكمة للنفس في هذا العالم الذي يمكن فيه التدارك والتوبة والعودة إلى الذات الحقيقية والفطرة القويمة عند انحراف بوصلة النفس وخروجها عن وجهتها التي يريدها الله تعالى لها ،وقبل فوات الفرصة التي فواتها أعظم غُصّة، وقبل تجاوز محلّ التدارك والعودة في هذا العالم والإنتقال الى عالم اللاعودة ،
،فالضمير هو الرقيب الدائم ،والواعظ الذي لايملّ ولا ييأس، والناصح الأمين ،
والمحاسب الشديد ،والضامن لصاحبه الصحّة النفسيّة والقلب السليم ،
كلّ ذلك – طبعاً – بشرط حضوره ويقظته ونموه نموّاً إيجابيّاً وفق منهج تنموي يضعه ويشرف عليه مرشد ومعلّم معصوم ،عالم بأسرار النفس وطرق صلاحها وفلاحها،وأسباب فسادها وإنحرافها، وإشارة أبرة بوصلتها بعيداً عن عوالم الحقّ والحقيقة والفضيلة والجمال..
■■■■■■■■■■
أعظم الله تعالى لكم الأجر وأحسن لكم العزاء بذكرى شهادة الإمام الهمام زين العابدين وإمام المحبّين لله تعالى والمحبوبين عنده سبحانه الإمام علي بن الحسين.(ع)..
وطيّب ليلتكم بإستذكار سيرته المباركة العطرة ، والإنتهال من فيض علومه ومعارفه، وكلماته التي تقطر عشقاً وحبّاً وعذوبة وحلاوة وحكمة عالية لا يمكن أن تصدر إلّا من مثله من الكُمّل من الناس من أصحاب العلم والمعرفة والحصانة النفسيّة والفكريّة والسلوكيّةالإلهيّة.
■■■■■■■■■■
الشيخ مهدي عاتي المالكي..