أذهلتنا حياة المدنية الحديثة عن فعل أشياء جميلة وبسيطة تجلب لنا المنافع والسعادة والرضا. نسينا عندما نلتقي أن نقول: السلام عليكم وعندما نفترق أن نقول: إلى اللقاء!

جميلٌ جدًّا أن نبدأ بالسلام والتعارف ونبني شبكة اجتماعية واسعة. من تجارب شخصية عرفت كثيرًا من الأشخاص الرائعين في الحياة المهنية والشخصية وذلك إما لأنني بدأتُهم بالسلام والكلام أو هم ابتدأوا. من لا يهتم بالسلام والتحية يخسر العديد من الفرص المهنية والمعارف، فقط لأنه شح بكلمتين "السلام عليكم".

نحن كائنات اجتماعية تزدهر من خلال إقامة علاقات إيجابية مع البشر الآخرين. الابتسامة وقول "السلام عليكم" يساعدنا على التركيز على شيء آخر غير ما يجعلنا حزينين أو غاضبين أو محبطين ويصرف أذهاننا عن مشاكلنا ولو للحظة واحدة. إنه طريقة إيجابية ومفعمة بالطاقة لبدء يوم جديد.

كلمات بسيطة؛ سلام يجلب البهجة وسؤال عن الحال يقرب المسافات بين المشاعر. كلمات تبدأ بين عابري سبيل تتحول إلى صداقة من أروع وأدوم الصداقات! أليست هذه من محاسن الدين الإسلامي الذي يحث على الانفتاح والتواصل والتوادد والسكينة بين الناس كلهم؟ إضافة لما في السلام من الثواب الأخروي، السلام يساعدنا على توسيع شبكتنا الاجتماعية، والتعرف على أشخاص جدد، وتكوين صداقات جديدة. بدء المحادثات يعزز مهارات الاتصال لدينا، ويعزز ثقتنا، ويحسن قدرتنا على التعبير عن أنفسنا بشكل فعّال. بالإضافة إلى ذلك، يفتح الأبواب أمام فرص جديدة، على المستويين الشخصي والمهني.

عبادة ومحبة وألفة اجتماعية وشعور بالاحترام والانتماء جمعتها كلمتان "السلام عليكم". أنقل لكم باقة جميلة من آيات القرآن الكريم تذكر التحية والسلام:

{وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}.
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}.
{دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ}.
{فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً}.

أولى الإسلام اهتمامًا واضحًا بالسلام والتحية والتعارف الشخصي. وفي الآيات السالفة بيان واضح على جمال السلام! يستطيع القراء الكرام أن يقرأوا بأنفسهم الأحاديث النبوية الكثيرة التي تحث على السلام وآدابِ السلام ويتعرفون على منافع البدء بالتحية.

ماذا يعني أن أحدًا يسلّم علي "السلام عليكم"؟ تمرّ في ذهني معانٍ كثيرة وليس تفسيرًا لمعنى السلام، منها أنه يقول لي: أنا مسالم وأنت آمن مني، لن أوذيك. أنا أدعو الله لك بالأمن والسلامة. أنا أحترمك وأراك! ربما يجد القراء معاني أروع من التي ذكرتها، لا بأس!