سيكولوجية الألوان وتأثيرها في البيئة
________________________________________
لقد كتب الكثيرون حول تأثير الألوان على مزاج الشخص وسلوكه. ويقول بعض الخبراء إن التغيير الذي يؤثر في المزاج يحدث في الحقيقة بسبب الألوان في البيئة المحيطة بنا .. إلا أن تفاصيل ذلك لا تزال غير واضحة.
ارتبطت أعمال السلامة والبيئة في المنشآت بألوان معينة فاللون الأحمر يرمز إلى الخطر الكامن واللون الأخضر يرمز إلى السلامة والأمان .. واللون الأصفر يرمز إلى التنبيه والتحذير .. كما أن هذه الألوان هي نفسها ألوان إشارات المرور المعروفة لنا.
فلماذا هذه الألوان بالذات ؟؟
اللون الأحمر أقوى ألوان الطيف هو لون الطاقة والحيوية والحرارة والقوة وهو لون الخطر ، ويساعد الحيوانات والحشرات في صراعها الدائم من أجل البقاء .
وإذا كان الإنسان يستعين بإشارات المرور الحمراء والرايات الحمراء في بيئة العمل من أجل تفادي الحوادث المميتة .. فإن الحيوانات والحشرات تستعين هي الأخرى بالألوان الحمراء وتستخدمها منذ يوم ولادتها كنظام لإظهار مكامن الخطر وأماكن الموت.
وكمثال على ذلك فإن حشرات البق الصغيرة ذات الرائحة الكريهة تستعين بلونها الأحمر لكي تبعد الحشرات الأخرى التي تسول لها نفسها بالاقتراب منها ، وتخبرها بأنها سامة وبأنها من فصيلة الحشرات التي لا تؤكل .
واللون الأحمر يحمل صفة الدفء فهو يمثل النار والدم ويعطي إحساساً بالحركة والانفعالية ، وأيضا يعطى الإحساس بالخطر والعاطفة والحيوية والقوة والنشاط وهو أول لون استخدمه الإنسان في زخارفه ..
من جانب آخر يوحي ارتداء اللون الأحمر بالثقة بالنفس والقوة ويعطي إحساسا بالنشاط وخاصة عند الشعور بالإرهاق .. فحين أجريت اختبارات على حجرات دراسية خاصة بالأطفال تبين أن تلك التي طليت باللون الأحمر سببت نشاطاً كبيراً لدى الأطفال الذين يشغلونها..
كما أن اللون الأحمر يمكن أن يؤثر على الأداء في أماكن العمل ويرفع من معدلاته ومن المعتقد أن لون المكتب الأحمر يكون أكثر تحفيزا ويسبب القوة، أو التوتر للعامل.
ويبقى اللون الأحمر مرتبطاً بالخطر والحظر والعقاب ك "الخط الأحمر" و "اللائحة الحمراء"
كما يعني أيضا التعريفات الجمركية المرتفعة كان نقول "رسوم حمراء" .. وأيضاً "الكارت الأحمر" في مباريات كرة القدم ويعنى العقاب بالطرد.
ونحن في بيئة العمل ً نضع أحيانا رايات حمراء في أماكن العمل التي يكمن بها خطر معين.
أما اللون الأخضر فإنه لون السلامة ويسبب الشعور بالأمان والرقة كما أنه يوحي بالجمال والنماء والنعيم في الدنيا والآخرة..فالعين تطمئن للنظر إليه والجوارح تسكن إليه تبعا لذلك ..فهو من نعيم الجنة وهو اللون الثانوي الذي ينتج من مزج اللونين الأزرق والأصفر
ومن العوامل التي تجلب السعادة للنفس التأمل في إبداع الخالق عندما تكتسي الأرض بالخضرة بعد نزول الغيث .. وعلى العكس من الطبيعة الانفعالية التي يتميز بها اللونان الأحمر والأصفر.. فإن اللون الأخضر هو لون الحياة ولون الطبيعة في أبهى حللها ولون الكلوروفيل الذي يعتبر الخضاب الضروري الذي بدونه لا يمكن إن تعمل ماكينة الحياة ..
وهو اللون الذي تستخدمه الحشرات والحيوانات لكي تعيش في مأمن من الإخطار وفي حماية الحشائش والإعشاب الخضراء التي تحجبها عن الأعداء . وأما بالنسبة لبعض الكائنات الأخرى كالطاووس والخنافس والساحليات فإن اللون الأخضر يعتبر لون الزينة ولون إغراء الإناث ودعوتهن للزواج.
نأتي للون الأصفر أجمل الألوان الموجودة في الطبيعة وأكثرها وفرة ولفتاً للأنظار .. فالناظر إليه يشعر بالسرور والانشراح. ونقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى في سورة البقرة : " بقرة صفراء فاقع لونها تسرا لناظرين "
أيضاً اللون الأصفر مرتبط بالتنبيه والتحذير!! فهناك " الكارت الأصفر" الذي يبرز للاعب ويعنى تحذيره إذا تكرر منه الخطأ ..
وفى مجال العمل في السلامة والبيئة يلعب اللون الأصفر دوراً كبيراً في التنبيه والتحذير من المخاطر مثل مد الشرائط التحذيرية الصفراء حول أعمال الحفر الخطرة أو الكابلات الكهربائية المكشوفة وهكذا ..
ونجد أن اللون الأصفر تتميز به الغالبية العظمى من الحيوانات السامة عن بقية الحيوانات الأخرى .. والتي وإن كانت تتميز بألوان متنوعة فإن اللون الأصفر يدخل في تركيبها بشكل كبير وملفت للنظر، حيث يتوزع هذا اللون ويحزم جسمها مثل الشريط التحذيري تماماً ..!!
وهي بهذا الامتياز الذي يمنحه لها اللون الصفر تكون قادرة على بث الرعب والخوف في نفوس الحيوانات التي تسول لها نفسها بمهاجمتها ، وتحذرها بأنها ذات طبيعة سامة ولحم كريه .
إضافة إلى الدور الذي يلعبه اللون الأصفر في الدفاع والحماية ، هناك دور آخر يساعد الحيوانات على انجاز مهامها بكل سهولة .. أنها مهمة الانسجام مع المحيط البيئي ومهمة التخفي بحيث يصبح من السهل على بعض الحشرات الصغيرة الاختفاء وسط أوراق الأشجار الذابلة بشكل يصعب معه رؤيتها .
واللون الأصفر ينشط الدماغ ويقوي العقل .. وارتداء الملابس الصفراء من شأنه تحفيز الإبداع وتصفية الذهن وخاصة أثناء الإصابة بالتوتر النفسي.. كما يعتبر هذا اللون رمز للقدرة الفكرية والذكاء والمرح والإبداع في آن واحد
ونجد أن اللون البرتقالي قريب من الأصفر فهو ينتج عن مزج اللون الأحمر والأصفر ، والنتيجة مزيج من التمتع بالطاقة العالية التي يتميز بها اللون الأحمر والمحافظة على القدرة الذهنية المنبعثة للون الأصفر.
والحديث عن باقي الألوان لا ينتهي طالما أن الألوان بعدد لا متناهي .. فمن المعلوم أن الألوان الأساسية في الطلاء ثلاثة هي " الأحمر والأصفر والأزرق " على اعتبار أن الأبيض والأسود ليسا من الألوان " وينتج عن مزج هذه الألوان عدد لا نهائي من الألوان التي تلعب دوراً كبيراً في حياتنا
كما لا يخفى علينا دورها الهام في فنون أعمال الديكورات .. وتأثير ألوان الطلاء المختلفة والإضاءة في إعطاء الشعور باتساع المكان أو العكس .. وفى وحدة وترابط الموجودات .. وفى الإحساس بالدفء أو البرودة .. والكآبة أو البهجة .. أو في إشاعة جو الهدوء والسكينة.
في حين يعتبر اللون الأزرق من الألوان الباردة ، ويقع في الدائرة اللونية مواجها لمجموعة الألوان الحمراء والبرتقالية التي يتكامل معها وبين مجموعة الأزرق السباتية ، فالأخضران المائلة للزرقة ، فالأخضران المائلة للصفرة حتى الأصفر ، وبين مجموعة الأزرق البحري فالبنفسجي فالأرجواني حتى الأحمر .
ونحصل على اللون الأزرق بوضع مرشحين أحدهما أخضر مزرق والآخر بنفسجي ما جنتا متراكبين أمام أشعة الضوء الأبيض ، وهو يزداد عمقا وشفافية حينما يحيط به مساحة سوداء مستوية أو عندما يعرض بمساحات واسعة .
وعندما ينتقل الأزرق من أمام خلفية بيضاء إلى خلفية سوداء فإنه يتحول من القاتمة المظلمة إلى العمق المضيء . وهو اللون الوحيد الذي يغمر سطح الأرض ، وهو يحدد الإبعاد ، ويعطي الشعور بالعمق ، وهو لون قابل للتأثر سلبي بارد ، يمتاز بتخفيف التوتر والعصبية عند الإنسان .
والأزرق في السماء سمو وعمق ، وفي المياه برودة وارتواء ، وفي الغيوم خير وأمل ، وهو يبعث على الهدوء والتفاؤل حيث كانت الفتيات المقبلات على الزواج في اليونان يتفاءلن به ويحرصن على ارتداء شريط أزرق أو خاتم من هذا اللون في حفلات الزفاف منعا للحسد .