مَنْ أكثر حنّية البنت أم الولد؟
لنسأل من عنده ذكور وإناث من القراء الكرام: من أكثر حنية في عموم الحياة وخصوصًا على الوالدين؟ البنت أم الولد؟
من الغريب جدًّا أنه كان في عادات العرب في الجاهلية وأد البنات مع أن البنات أكثر حنّية تجاه الوالدين وأكثر رقة من الأولاد. كان لدى العرب أسباب غير منطقية؛ اقتصادية أن المرأة لا تشارك في الحروب، الخوف من عار أسر المرأة وغير ذلك من الأسباب التي اجتمعت فكانت نتاجها العادة البغيضة، وأد البنات؟
يقال بأن المرأة في الجاهلية إذا ما حان وقت ولادتها، حفرت حفرة فإن ولدت بنتًا رمت بها في الحفرة، وإن ولدت غلامًا أبقته. يقول عنهم القرآن الكريم: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}. يسأل الله سبحانه وتعالى في سورة التكوير في القرآن الكريم: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ ۞ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}؟ المسؤول بالحقيقة عن قتل الموؤدة أبوها والله ينتقم منه ولعل في سؤال الموؤودة نفسها لا الوائد نوعًا من التوبيخ لقاتلها ومقدمة لأن تسأل الله أن يأخذ بثأرها من الذي قتلها!
ذاك تاريخ وزمان مضى ما له من رجعة! كانت فيه حياة المرأة في الجاهلية صعبة جدًّا فلما جاء الإسلام أعاد للمرأة مكانها الطبيعي ولم تظل البنت والمرأة جامدة في مكانها! إنما تعلمت وعلّمت وأنتجت وربّت بما ينسجم مع ما منحها الله من مكانة. عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "نعم الولد البنات المخدرات، من كانت عنده واحدة جعلها الله سترًا له من النار".
جاء في شعر حِطّان بن المُعَلَّى:
لَوْلَا بنيات كزغبِ القطا .. رددن من بعض إِلَى بعضِ
لَكَانَ لي مُضْطَرب وَاسع .. فِي الأَرْض ذَات الطول وَالْعرضِ
وَإِنَّمَا أَوْلَادنَا بَيْننَا .. أكبادنا تمشي على الأَرْضِ
لَو هبت الرّيح على بَعضهم .. لامتنعت عَيْني من الغمضِ
في خلاصة دراسات غربية -لأننا في العادة ننقل عن الدراسات الغربية- أن البنات أكثر حنية من الأولاد بحيث تقدم البنات ضعف ما يقدمه الأولاد من رعاية عندما يتقدم الوالدان في العمر. يتهرب بعض الأولاد وتبقى البنت تحمل عبء الرعاية.
غاية المرام: ربما يكون البر بالوالدين خلقًا ليس له علاقة بالبنات والأولاد. في الأولاد من يبر والديه ومن يعقّهما وفي البنات كذلك. لكن العين لا تخطئ والقلب يدرك حنية وعطف البنت على والديها. ما هي الأسباب الحقيقية؟ الله الذي خلق الذكر والأنثى وحده يعرف أما العلم فقد لا يعرف كل شيء. هل يستطيع العلم أن يعرف لماذا تتعلق البُنيّة وتغرم بأبيها أو جدّها أكثر من الصبيّ