أقواس الكنيسة الغربية والجدار الغربي في موقع أم الجمال الأثري (هيئة تنشيط السياحة الأردنية، وكالة الأنباء الفرنسية)
أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) موقع أم الجمال الأثري الأردني بأقصى شمال المملكة في قائمتها لمواقع التراث العالمي الإنساني، ووصف وزير السياحة والآثار الأردني القرار -أمس الأحد- بأنه "إنجاز كبير للأردن".
وكتبت المنظمة التي تعقد اجتماعا للجنة التراث العالمي في نيودلهي حاليا، عبر منصة إكس، "إن تاريخ الهياكل المكتشفة في أم الجمال يعود إلى القرن الأول الميلادي، عندما شكلت المنطقة جزءًا من مملكة الأنباط. وتوفر المجموعة الغنية من النقوش باليونانية والنبطية والصفاوية واللاتينية والعربية التي اكتشفت في الموقع والتي تمتد إلى بضعة قرون رؤى حول تاريخها وتلقي الضوء على التغييرات في المعتقدات الدينية لسكانها".
بقايا مبان قديمة في موقع أم الجمال الأثري (شترستوك)
وتقع أم الجمال على بعد 86 كلم شمال عمان بالقرب من الحدود الأردنية السورية، واشتهرت باسم "الواحة السوداء" لكثرة الصخور البركانية السوداء. ويعود سبب التسمية "أم الجمال" إلى استخدام الجمال وسيلة تنقل في القوافل التجارية.
استوطن الأنباط القرية في القرن الأول الميلادي، وبعد إعلان الدولة الرومانية احتلها الروم لتصبح قرية زراعية وتجارية مهمة منذ القرن الخامس حتى القرن الثامن الميلادي.
أطلال وبقايا قديمة في موقع أم الجمال الأثري بالأردن (الفرنسية)
وتحولت أم الجمال إلى الديانة المسيحية إبان الحكم البيزنطي وبني فيها 15 كنيسة على مراحل مختلفة أقدمها كنيسة جوليانوس، وفتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي أثناء الحكم الأموي إلى أن ضربها زلزال مدمر سنة 749 أدى إلى تدمير كثير من مبانيها الأثرية ونزوح سكانها.
اشتهرت تاريخيا بأنها كانت ملتقى للطرق التي ربطت فلسطين والأردن بسوريا والعراق، إذ إنها تقع على طول طريق تراجان وتشكل محطة في منتصف هذا الطريق الذي يصل بين عمان والبصرة أو دمشق والبصرة.
وهي سابع موقع أثري أردني يدرج على لائحة التراث العالمي لليونسكو، أضيف إلى البتراء وقصير عمرة وأم الرصاص ووادي رم والمغطس والسلط.
وقامت مملكة الأنباط القديمة المزدهرة وعاصمتها البتراء بين عامي 169 قبل الميلاد و106 بعد الميلاد في صحراء الأردن ومنطقة حوران وسيناء والنقب وجنوب شرقي فلسطين وأجزاء من شمال شبه الجزيرة العربية، وعرفت باسم بلاد العرب الحجرية أو الصخرية عند الإغريق والرومان، ونقش الأنباط كتاباتهم باللغة العربية والحرف الآرامي.
التراث والسياحة
قال وزير السياحة والآثار مكرم القيسي، في مؤتمر صحافي الأحد، إن إدراج "أم الجمال" على قائمة التراث العالمي هو "إنجاز كبير للأردن يجب أن نفخر به".
وأضاف "هذه خطوة أولى وسنقوم باتخاذ خطوات أخرى لتنمية الموقع وزيادة خدماته ورفعه إلى العالمية حيث تم رصد مبالغ لإعادة تأهيله ليكون جاهزا لاستقبال السياح، هو تراث عالمي يجب المحافظة عليه".
وأوضح القيسي أنه "سيتم القيام بحملات ترويجية للموقع، ودعوة سفراء عرب وأجانب ومستثمرين ومديري فنادق لزيارة الموقع".
وتابع أن "من أهداف الوزارة القادمة دعوة المستثمرين المحليين والدوليين للاستثمار في الموقع من خلال ترويج شامل وتقديم موقع أم الجمال كوجهة سياحية جذابة".
ويستمر اجتماع لجنة التراث العالمي لليونسكو المنعقد حاليا في نيودلهي إلى الأربعاء.
ويسهم قطاع السياحة في المملكة بما بين 12% إلى 14% من إجمالي الناتج الداخلي، ويعتمد اقتصاد المملكة -البالغ عدد سكانها نحو 10 ملايين نسمة وتغطي الصحراء نحو 90% من أراضيها- إلى حد كبير على السياحة.
بقايا مبان قديمة في موقع أم الجمال (شترستوك)
وبحسب الوزير، فقد استقبلت المملكة في عام 2023 أكثر من 6 ملايين سائح وتجاوزت إيرادات قطاع السياحة 7 مليارات دولار.
ولكن السياحة بدأت تتأثر بسبب الحرب في غزة، وقال الوزير "نحن اليوم لدينا أقل بـ4.9% عما تحصلنا عليه (من إيرادات) في النصف الأول من عام 2024 بالمقارنة مع عام 2023 وأقل بـ7.9% بعدد الزوار بالمقارنة مع عام 2023".
ويأتي السياح في الدرجة الأولى من أوروبا وأميركا وكندا تليها دول آسيا والمحيط الهادي.
ويضم الأردن عشرات المواقع السياحية والأثرية كالبحر الميت الذي يعدّ أخفض منطقة على سطح الأردن وصحراء وادي رم التي تشبه تضاريسها سطح القمر والمغطس حيث موقع عماد السيد المسيح بحسب التقليد المسيحي.
كما يضم مدينة البتراء الأثرية المشهورة بمعابدها ومنازلها المحفورة في الصخر الوردي على بعد نحو 250 كلم جنوب عمان، وهي من التراث العالمي.