التغير في توزيع كتلة الأرض يؤثر على معدل دورانها (بيكسابي)
أظهرت دراسة جديدة أن ذوبان الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية العالمية نتيجة التغير غير المسبوق في المناخ بالعقود الأخيرة يمكن أن يؤدي إلى إبطاء حركة كوكب الأرض وزيادة طول اليوم.
وخلصت الدراسة -التي نشرت يوم الاثنين 15 يوليو/تموز الجاري في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (بي إن إيه إس)- إلى أن معدل الزيادة الحالي في طول اليوم على الأرض أعلى من أي وقت مضى خلال القرن الـ20، وفي ظل سناريوهات الانبعاثات العالمية واستمرار تأثيرها على المناخ فإن معدل طول اليوم الناتج عن تغير المناخ سيستمر في الزيادة وقد يصل إلى معدل أكبر بمرتين من المعدل الحالي بنهاية القرن.
ووفقا للمؤلف المشارك في الدراسة مصطفى كياني شهواندي الباحث في الجيوديسيا والمسح التصويري في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، فإنه ومع ذوبان الصفائح الجليدية القطبية والأنهار الجليدية العالمية فإن المياه الناتجة عن الذوبان تتدفق نحو المحيط، وبسبب حركة دوران الأرض فإن هذه الكتل المائية تتوزع عبر المناطق الاستوائية، وتؤدي هذه العملية إلى زيادة تفلطح الأرض.
ويضيف شهواندي في تصريحات للجزيرة نت "بالنظر إلى قانون حفظ الزخم الزاوي في الفيزياء فإننا نعلم أنه كلما كان الشكل أكثر تفلطحا زادت صعوبة حركته الدورانية، لذلك فإن معدل دوران الأرض يتباطأ، وبالتالي يزداد طول اليوم".
حفظ الزخم
ويعتبر مبدأ حفظ الزخم الزاوي مبدأ أساسيا في الفيزياء، وينص على أنه إذا لم تؤثر قوى عزم خارجي على النظام الدوراني -وهو ما يحدث في حالة الأرض- فإن الزخم الزاوي الكلي يبقى ثابتا، وبعبارة أخرى فإن سرعة الدوران تظل ثابتة طالما أن عزم الدوران الخارجي يساوي صفرا، ولهذا المبدأ تأثيرات كبيرة على حركة دوران الأرض.
وبالنسبة للأرض فإن هناك خاصية أخرى هي عزم القصور الذاتي، وتعتمد على توزيع كتلتها ومعدل دورانها، لذا فإن التغيرات في توزيع كتلة الأرض مثل ذوبان الأغطية الجليدية والتيارات البحرية واسعة النطاق والنشاطات التكتونية يمكن أن تؤثر على عزم القصور الذاتي، وبحسب مبدأ الحفظ إذا زاد عزم القصور الذاتي يجب أن يقل معدل الدوران، وهو ما يؤدي إلى زيادة طول اليوم الأرضي.
واستنتجت الدراسة أن اتجاه تغير طول اليوم الناجم عن تغير المناخ تراوح بين 0.3 و1.0 مللي ثانية في القرن الـ20، لكنه تسارع حاليا إلى 1.33 مللي ثانية منذ عام 2000، وتشير توقعات الاحترار المناخي في المستقبل في ظل سيناريوهات الانبعاثات العالية إلى أن معدل طول اليوم قد يصل إلى 2.62 مللي ثانية عام 2100.
واستخدمت الدراسة -بحسب تصريحات شهواندي للجزيرة نت- أحدث البيانات والتوقعات المناخية على مدى قرنين من عام 1900 إلى نهاية عام 2100، باستخدام نموذج جيوفيزيائي لمعادلة مستوى سطح البحر على أرض تدور لاستنتاج التغيرات في معدل دوران الأرض.
القمر يؤثر على دوران الأرض وبالتالي طول يومها (الجزيرة)
التداعيات على استكشاف الفضاء
يحدث التباطؤ في دوران الأرض لسبب أكثر أهمية حاليا هو قوة جاذبية القمر التي تسحب المحيطات في عملية تسمى "احتكاك المد والجزر" وتسببت في تباطؤ تدريجي قدره 2.40 مللي ثانية لكل قرن على مدى ملايين السنين.
لكن الدراسة الجديدة توصلت إلى نتيجة مفاجئة، وهي أنه إذا استمر البشر في إطلاق الغازات المسببة للاحتباس الحراري بمعدلات مرتفعة فإن تأثير تغير المناخ سيكون أكبر من تأثير جاذبية القمر بحلول نهاية القرن الـ21.
وعلى الرغم من عدم قدرة البشر على إدراك هذا الفارق الضئيل عبر مئات السنين فإن هناك كثيرا من التأثيرات على أنظمة الملاحة الفضائية والتواصل مع المركبات والبعثات الفضائية.
ويوضح شهواندي في حديثه للجزيرة نت أن "زيادة طول اليوم الأرضي بهذا المقدار الضئيل تؤثر على دقة ضبط الوقت عند التواصل مع المهمات الفضائية، لذلك قد يكون من الضروري إدخال الثواني الكبيسة، والتي لها تأثير كبير على أنظمة الحاسوب، كما أن ملاحة المركبات الفضائية تتطلب معلومات دقيقة للغاية فيما يتعلق بدوران الأرض، وإذا لم نأخذ في الاعتبار تأثير تغير المناخ فإن ذلك قد يؤدي إلى تعطيل نجاح البعثات الفضائية".