مراقبة
ضوء أديسون
تاريخ التسجيل: September-2016
الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
الجنس: أنثى
المشاركات: 22,568 المواضيع: 8,058
صوتيات:
139
سوالف عراقية:
0
مزاجي: متفائلة
المهنة: بيع كتب
أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تلك العبادة المظلومة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تلك العبادة المظلومة
عندما يدخل أحباب الله للصلاة في المساجد، فإن الطبيعي هو شعورهم بالأمن والسعادة والسمو الروحي والاطمئنان كونهم قد دخلوا بيوت الله سبحانه المتصف بالرحمة والعدل والإحسان والمحب لمخلوقاته جميعاً دون استثناء، لكن للأسف يختزن كثيرون منا من الجيل القديم أقلاً، أو لنقل البعض منا - لعل هذا يحظى بالقبول والإجماع -، ذكريات سيئة لمواقف حصلت لهم أيام الطفولة، عند زيارتهم لبيوت الله في بدايات التجربة الروحية الإيمانية، وذلك خلافاً لما يمكن أن تتوقعه أن يحصل في دور العبادة، والسبب رجالٌ يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، متنمرون على عباد الله، ظناً منهم أن أفعالهم أمر بمعروف أو نهي عن منكر.
سلوك الإساءة هذا الذي مارسه البعض في الساحة الدينية قديماً ضد الصبية الصغار، مثل الطرد لآخر صفوف الصلاة مثلاً، والذي يصح أن نسميه بـ «التنمر الديني»، قد يحسبه البعض حالة طارئة استثنائية، ظهرت أو تظهر هنا أو هناك ثم سرعان ما تتلاشى وتختفي دون أن يبقى لها أدنى أثر، لكنها في الحقيقة ظاهرة شائنة منتشرة بصور شتى ودائمة، انتقدها بعض الفضلاء من رجال الدين وغيرهم بغية الإصلاح، ولا زالت مظاهرها رغم ذلك بحاجة منا للمزيد من جهود النقد والمصارحة والبحث والتدقيق والمعالجة، لذا رأيت هنا أن أخصص هذا المقال كمعالجة سريعة لما التمسته من مخاطرها في المجتمع، وللإشارة العاجلة لملابسات خطيرة تتعلق بها لتجعل منها إشكالية مرضية ووبائية عميقة.
ويمكننا القول إنك أينما حضرت وحيث ما وليت وجهك فستجد من نسميه بـ «المتنمر الديني» حاضراً، سواءً في المساجد، حيث تجد هذا المتنمر يدقق في سلوكيات الناس ويفحصها، مقتحماً كثيراً من الخصوصيات، جاعلاً من نفسه «مقياس الصواب والخطأ» بميكروسكوباته الخاصة، ليهاجم هذا وذاك. أو تجده في غيرها من أماكن ومحافل يمكنه أن ينشط فيها أيضاً، فهو ناشط في كل مكان وكل مجال، تجده حاضراً في الشارع والديوانيات والمناسبات الاجتماعية المختلفة من أفراح وأحزان، وفي وسائل التواصل الاجتماعية المختلفة عبر المنصات المتنوعة، وفي أماكن العمل أيضاً … الخ. فمرة ستراه يمارس التهكم واستنقاص شخص ما، بسبب قصة شعر شبابية لا تعجبه، قصها شاب مسكين، ومرة أخرى ستجده يعمد لتحقير شخص آخر بسبب بوست نشره أو مقطع فيديو نقله أو مقالة كتبها، فلم ترق له ولم ترضي ذوقه أو قناعاته، أو تجده متصيداً للعثرات والزلات وصغائر اللمم، ومرة ثالثة أو رابعة أو خامسة سيظهر لك ليشعل حرباً دينية شعواء هدفها الحقيقي التصفيات المعنوية والمحاصرة النفسية والاجتماعية للآخر المختلف عنه في جدال ما، بغض النظر عن موضوع ذلك الجدال، فهو هنا فقط وفقط مهاجم شرس يمارس عنترياته، بسبب خلفية اصطفافات وتحزبات في ظل خلافات دينية معينة مترسبة في أعماقه، أو بسبب استصحاب قضايا ومواقف سابقة، ولأنه يغطي نفسه بغطاء ديني محاولاً التخفي بهالة القداسة التي قد تخفي أمام الكثيرين سلوكه المشين وأخلاقه القذرة أو ما يمكن أن نسميه أحياناً، لإيضاح المفارقة بين سلوكه وسلوك الإنسان الطبيعي، بـ «سلوك اللقافة» الذي لا مبرر له - والذي يجب التأكيد على وصفه، لتقبيحه -، فستجد أنه أيضاً تواق للمزايدة الدينية، يعمل من خلالها ضمن آليات تجنيد الفريق، فهو يشاجر ويهاجم ويزأر طالباً ومتوقعاً النصرة من الآخرين، زاجاً في المعركة بحمل كل ما يستطيع من نصوص دينية مقدسة وأفكار دينية رائجة، مطوعاً كل ذلك لما يريد بمختلف الطرق والسبل، وحق ويحق له ذلك الاستنصار!، أليس هو الناطق باسم الله والمحامي عن دينه؟!. وإن لم يستطع التجييش أو النطق صراحة أمامك ضربك من تحت الحزام أو في الظهر - رغم أن المؤمن ليس بهماز ولا لماز، كما أنه لا يغدر ولا يفجر -، كي يظهر أمام الناس في صورة بطل الورع والتقوى الطاهر المطهر بحسب تصوراته وتصويراته للتقوى الباطلة المتوهمة، أو بطلاً عند نفسه في الأنانية ضمن إشكالات أمراض وعقد العظمة، لينفخ في صورة أناه المتغطرسة، لكنه عادة ما يجد لنفسه أنصاراً بين مجاميع الناس يصدقونه وسينصرونه، بسبب التبرقع الديني الخادع.
وهنا تظهر خطورة هذا التنمر وعمق جذوره أكثر، فالغطاء الديني يزيد من خطورة هذا المرض، وهجوم الفريق في ظله، لما تجلبه العناوين الدينية المستغلة من استقطاب ديني يجعل الضحية في مرمى أخطر وأشد السهام المميتة، من المتنمر وحاشيته المباركة، دون أن يدرك كثير من الناس موضع الخلل.