مقدمة
لقد تعرضت هذه الفسيفساء الرومانية المتكونة من الداسيين، المجريين والألمان والغجر إلى حملة غزو واحتلال ولم يظهر اسم رومانيا إلا بعد اتحاد الإمارات الثلاثة: إمارتي الأفلاق وملدافيا سنة 1859، ثم لحقة بهما إمارة ترانسيلفانيا سنة 1918
عصر داسيا الروماني
- تم استيطان أراضي رومانيا الحالية منذ آلاف السنين، من قبل قبائل ظهرت في العصرين الحجري البرونزي والحديث، أهمها قبيلة كوتيني التي اشتهرت بصناعة أجود أنواع الفخار
- حوالي القرن السابع قبل الميلاد، أسس الإغريق مستعمرات تجارية على طول سواحل رومانيا في البحر الأسود أهمها مستعمرات كالاتيس، توميس وهيستريا
- في القرن الأول قبل الميلاد، شكلت قبائل داسيا دولة بقيادة الملك بوربيستا لمواجهة خطر وصول الإمبراطورية الرومانية إلى البلاد، لكن في عهد الملك ديسيبال، ورغم محاولات هذا الأخي توحيد مملكته، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل، ، واستطاع القائد الروماني تراجان هزيمته في سنة 102 ميلادي، وأصبحت داسيا إقليما تابعا لروما
- بعدها تزاوج التجار العبيد بقبائل داسيا مؤسسين بذلك دولة موحدة اعتمدت اللغة اللاتينية كلغة رسمية للبلاد، إلا أن مجد الرومان في داسيا لم يدم طويلا، لتعرضها لهجوم شعب القوط، فقرر قائدها أوريليس نقل مملكته إلى جنوب نهر الدانوب وبذلك انتهى الحكم الروماني لداسيا
عصر أمراء العصر الوسيط من القرن الخامس ميلادي إلى 1500
- بين القرنين الرابع والعاشر ميلادي، وصلت العديد من الشعوب لغزو داسيا، من بينهم، القوط، الهون، الآفار، السلاف، البلغار والمجيار، تاركين إرثا عرقيا وثقافيا كبيرين
- في القرن العاشر ميلادي، بدأ نظام اقطاعي مجزئ تحت سيطرة عسكرية، ومنذئذ توسع شعب المجيار في منطقة ترانسيلفانيا، وفي القرن الثالث عشر أصبح هذا الإقليم مقاطعة مجرية
- في نفس القرن، تمكن الأمير باساراب الأول من توحيد العديد من الأطياف السياسية المتواجدة جنوب منطقة الكاربات، مشكلا بذلك إمارة الأفلاق، والتي تلعب مع إمارة ملدافيا دورا مهما في تكوين الدولة الرومانية الحديثة مستقبلا
- وفي نفس الوقت توحدت قبائل شرق جبال الكاربات مؤسسين إمارة ملدافيا، فأصبحتا إمارتي الأفلاق وملدافيا حاجزا طبيعيا أمام امتداد الإمبراطورية المجرية غربا، والدولة العثمانية جنوبا
- كان يتمتع شعب ترانسيلفانيا بالدور العسكري والسياسي، أما لشعبي الأفلاق وملدافيا في كان لهما دور تجاري اقتصادي حصرا
فترة التوسع العثماني
- خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر، قاوم الأفلاق والملداف التوسع العثماني نحو الشمال، وبرزت أثناء هذه الفترة شخصيات أسطورية مثل ميرسيا الأكبر، فلاد تيباش (الذي اشتهر بدور مصاص الدماء دراكولا)، وستيفان العظيم
- عندما غزا الأتراك هنغاريا في القرن السادس عشر، تحول اقليم ترانسيلفانيا إلى ولاية عثمانية، إلا أنها استطاعت الحفاظ على حكمها الذاتي من خلال دفع جزية إلى السلاطين الأتراك
- في سنة 1600، حاول البطل القومي ميغال الشجاع توحيد القبائل الثلاثة (الأفلاق، ملدافيا و ترانسيلفانيا)، في معركة آلبا يوليا والتي انتهت لصالح العثمانيين
- وبعد هزيمة العثمانيين في معركة موهاكس سنة 1678، انتقلت منطقة ترانسيلفانيا إلى يد عائلة هابسبورغ النمساوية، في حين أن منطقتي الأفلاق وملدافيا خضعتا للحكم العثماني
- في القرن الثامن عشر ميلادي، شرع سكان اقليم ترانسيلفانيا في نضالهم لنيل استقلالهم، وفي سنة 1784، بدأ العبيد الثلاثة (هوريا و كلوشا وكريشان) انتفاضتهم ضد الحكم المجري، إلا أنها انتحت بالقمع وإعدام اثنين من الشخصيات المذكورة، وفي عهد الملك النمساوي جوزيف الثاني سنة 1785، قام هذا الأخير بإلغاء العبودية في هذا الإقليم
فترة الاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية
- في القرن التاسع عشر، تعرضت الإمبراطورية النمساوية بقيادة عائلة هابسبورغ، لتهديد القوى المتنامية والمشكلة بشكل كبير من المجريين الذين كانوا يسعون لنيل استقلالهم عن النمسا وتشييد دولة خاصة بهم
- ولتهدئة الأمور، قام النمساويون بإبرام اتفاق مع شعب ترانسيلفانيا، حيث طلبوا منهم توحيد صفوفهم ضد المجريين، ووعدوهم بالإعتراف بحقوقهم الوطنية
- بعد ذلك، دخل الرومانيون في حرب ضروس ودموية ضد المجريين في منطقة ترانسيلفانيا، كردة فعل منهم لسوء معاملة المجريين لهم طوال قرون وسنين وعديدة، وانتهت هذه الحرب بالتزامن مع التدخل الروسي الذي قام بحل مشاكل الإمبراطورية النمساوية ووضع حد للتمرد في المنطقة
- بعدها، أصبحت ترانسيلفانيا خاضعة للحكم المجري من بودابست، وتم إدخال الثقافة واللغة الهنغارية في الإقليم، ومعاقبة أي ترانسيلفاني يتكلم بلغة أخرى غير المجرية، وبقي الإقليم على هذا الحال إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى
- في حين، عرفت إمارتي الأفلاق وملدافيا ازدهارا بدعم فرنسي، وفي سنة 1859، تم اختيار خوان كوزا للصعود إلى العرش، مما أدى إلى إنشاء دولة "الإمارات الرومانية المتحدة" والتي بعد سنة 1861، أصبحت تعرف رسميا باسمها الحالي "رومانيا
- وفي سنة 1877، اعتلى العرش الأمير كارلوس الأول المدعم من طرف روسيا، والذي قام بالإعلان عن استقلال بلاده رسميا عن الدولة العثمانية
- وفي سنة 1881، تبنت رومانيا النظام الروماني، فتبنت اسم "مملكة رومانيا" ، وأصبح الملك كارلوس الأول ملكا عليها
رومانيا الكبرى والحرب العالمية الأولى
- استفادت رومانيا كثيرا من الحرب العالمية الأولى، بالرغم من إبرامها معاهدة سرية مع الإمبراطورية النمساوية المجرية سنة 1883، إلا أنها أخذت دورا محايدا خلال الحرب
- في سنة 1916، ونتيجة لضغوطات من الحلفاء الغربيين، أعلنت رومانيا الحرب ضد الإمبراطورية النمساوية المجرية
- بعد هزيمة الإمبراطورية النمساوية المجرية سنة 1918، تم تمهيد الطريق إلى نشأة رومانيا الحديثة. ومن خلال المعاهدات، استطاعت رومانيا ضم أراضي جديدة، مثل منطقتي بيسارابيا وبوكوفينا اللتين كانتا تابعتين للجمهورية الملدافية، و منطقتي بانات وترانسيلفانيا التي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية
- بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، استطاعت رومانيا مضاعفة مساحتها وعدد سكانها والذين وصل تعدادهم سنة 1920 إلى 16 مليون نسمة
خلال وبعد الحرب العالمية الثانية
- بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، نجحت رومانيا في ابرام العديد من المعاهدات مع قوى إقليمية ودولية مختلفة، مثل: فرنسا، بريطانيا، يوغسلافيا، تشيكوسلوفاكيا، اليونان، تركيا، بلغاريا، دون أن ننسى أنها أعادت علاقاتها الديبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي
- كل هذه المعاهدات والتحالفات كانت تصب لإرضاء الزعيم النازي أدولف هيتلر، وقامت الأحزاب الرومانية بمعارضة إنشاء نظام ديمقراطي في البلاد، خصوصا رابطة الدفاع الوطني المسيحي بزعامة القس ميخائيل الذي كان يتمتع بنزعة فاشية نازية صارمة
- وكنتيجة لعدم قدرة الملك كارلوس الثاني من وضع حد لميخائيل وحزبه الذي تجاوز كل حدود الوحشية والقسوة، قام هذا الملك بإعلان تبني رومانيا نظام ديكتاتوري ملكي وفي سنة واحدة، عرفت رومانيا تعاقب تسع حكومات متتالية
- وبعد فترة نجح الملك كارلوس الثاني من إرساء قوانين صارمة ضد الحزب الفاشي الذي كان سيدخل رومانيا في نفق مظلم مليء بالحروب الأهلية ، فقام بالقبض وإعدام 13 عضوا من هذا الحزب
- كردة فعل، قام أعضاء الحرس الحديدي بالتآمر لاغتيال آرماند كالينيسكو، رئيس وزراء الملك كارلوس الثاني، والذي تابع هذا الأمر بمذبحة راح ضحيتها 252 عضوا من هذا الحزب وتم عرض جثثهم في مختلف الساحات العامة لرومانيا
- بالرغم من الأحداث الأليمة، لم ينته تأثير الحرس الحديدي إلا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، خصوصا بعد سقوط الحلفاء الغربيين الذين كانوا يدعمون هذا الحزب المجرم
- بعدها، تم عزل رومانيا إقليميا وهذا بسبب دعمها لفرنسا سنة 1940، وقبلها بسنة تم تفكيك البلاد، فاغتنم الاتحاد السوفياتي الفرصة لاسترجاع منطقتي بيسارابيا وبوكوفينا، كما أن رومانيا خسرت جزءا من شمال ترانسيلفانيا لصالح المجر المتحالفة مع الألمان، ومنح منطقة دبروجة لبلغاريا
- هذه الأحداث أشعلت موجة من المظاهرات والاحتجاجات في البلاد، فأدرك الملك صعوبة تهدئة الأوضاع، فتنازل عن العرش لصالح أنطونيسكو الذي فرض ديكتاتورية فاشية، معلنا نفسه ملكا شمولي على رومانيا
فترة الجمهورية الرومانية الشعبية
- بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، دخلت رومانيا في عالم التصنيع وتحت الدعم السوفياتي وأصبحت من أكبر الدول الأوروبية من حيث اليد العاملة حيث بلغت هذه الأخيرة 720.000 عامل
- وشهدت هذه الفترة استرجاع رومانيا للأقاليم التي خسرتها أثناء الحرب العالمية الثانية مثل دبروجة وترانسيلفانيا
- بعد سنة، تم إلغاء الحكم الملكي في رومانيا، والشروع في بناء أول جمهورية حيث منح لها تسمية "جمهورية رومانيا الشعبية"، وفي سنة 1948، قررت الحكومة اصلاح الأراضي الزراعية وجعلها حكرا على الدولة، وانتزاع الأراضي من الفلاحين وتهجيرهم إلى سكنات اشتراكية
- في سنوات الخمسينات، دخلت رومانيا فترة الرعب، تخللتها عمليات اعتقال واغتيال القادة السياسيين والشخصيات المثقفة، كما شهدت فترة تأميم الشركات والمؤسسات الوطنية
- في سنة 1953، تم إدراج السلالة السلافية في المجتمع الروماني بأعداد ضخمة، وبهذه الطريقة تم القضاء على الرومانيين ذو أصل لاتيني (روما)، وبالتالي أصبحت رومانيا مقاطعة سوفياتية إلى غاية انسحاب القوات الروسية سنة 1968
- تعتبر فترة حكم الديكتاتور نيكولاي تشاوتشيسكو من أصعب المراحل التاريخية في رومانيا، انعدمت خلالها الحريات السياسية والصحافة، أي شخص يملك في بيته آلة كاتبة يتعرض إما للسجن أو الاغتيال، انتشرت ظاهرة غسيل الأدمغة، وكان هذا النظام يستخدم الشرطة كوسيلة للضغط على الشعب وزرع كل مظاهر الرعب والخوف، كما عرفت البلاد أزمة اقتصادية خانقة بسبب ارتفاع نسبة الديون الخارجية
.png){kind=spacer}
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير الياسمين
