الملقحات كالنحل وبعض الفراشات شهدت انخفاضا كبيرا في كفاءة البحث عن الطعام بعد تعرضها لمستويات مرتفعة من تلوث الهواء (بيكساباي)
حذرت دراسة جديدة من أن النحل وغيره من الحشرات المفيدة للنظام البيئي تتضرر بشكل غير متناسب من تلوث الهواء مقارنة بالآفات الأخرى المدمرة للمحاصيل.
وفي الدراسة، التي نشرت يوم 11 يوليو/تموز في مجلة "نيتشر كوميونيكشنز"، حلّل المؤلفون بيانات من 120 دراسة علمية لفهم كيفية استجابة 40 نوعا من الحشرات في 19 دولة لملوثات الهواء مثل الأوزون وأكاسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت والمواد الجسيمية.
وقد شهدت الملقحات، ومنها النحل وبعض الفراشات، انخفاضا بنسبة 39% في كفاءة البحث عن الطعام بعد تعرضها لمستويات مرتفعة من تلوث الهواء. وفي المقابل، لم تتأثر حشرات المن آكلة النباتات بالآفات الأخرى تأثرا كبيرا.

الأوزون ظهر على أنه ضار بشكل خاص للحشرات المفيدة (بيكساباي)

أخطر ملوثات الهواء
وفقا للمؤلف الرئيسي للدراسة جيمس ريالز، وهو زميل الأبحاث في قسم الإدارة المستدامة للأراضي في جامعة ريدينج البريطانية، فإن ملوثات الهواء الشائعة الناتجة عن الأنشطة البشرية يمكن أن تسبب انخفاضا كبيرا في كفاءات الكائنات اللافقارية، كما أن ملوثات الهواء يمكن أن تكون لها تأثيرات مباشرة عن طريق إحداث تغييرات على المستويات الفسيولوجية والجزيئية.
ومن بين ملوثات الهواء، ظهر الأوزون على أنه ضار بشكل خاص للحشرات المفيدة، وذلك يقلل من قدرتها على النمو والقيام بأدوارها في النظام البيئي بنسبة 35%. وحتى انخفاض مستويات الأوزون عن معايير جودة الهواء الحالية تسبب في أضرار جسيمة كما أن أكاسيد النيتروجين تضعف بشكل كبير الحشرات النافعة.
ويضيف ريالز في تصريحات للجزيرة نت "يمكن أن تكون لهذه الملوثات أيضا تأثيرات غير مباشرة عن طريق إحداث تغييرات في حالة التغذية للنباتات المضيفة، أو عن طريق تعطيل الملاحة والتواصل عبر الرائحة من خلال التفاعلات الكيميائية التي تعدل إشارات الرائحة ومركبات الإشارة (المركبات العضوية المتطايرة)".
ويلفت الباحث النظر إلى أنه رغم خطورة تأثير تلوث الهواء على الحشرات والملقحات، فإنه لا يحظى بالاهتمام الكافي من الباحثين وصناع القرار. ويوضح -في تصريحه للجزيرة نت- أن "النحل الذي يلقح زهورنا والدبابير التي توفر مكافحة الآفات الطبيعية معرضة لخطر مزيد من الانخفاض إذا لم تتم معالجة مستويات تلوث الهواء. إننا نواجه سيناريو الخسارة-الخسارة حيث يضر تلوث الهواء بالحشرات المفيدة دون التأثير على الآفات، وذلك قد يؤدي إلى مزيد من الضرر للمحاصيل، وانخفاض الغلة، ونقص الغذاء على رفوف المتاجر الكبرى".

الدراسة ركزت على كيفية تأثير تلوث الهواء على جوانب مختلفة من سلوك الحشرات وبيولوجيتها ومن ذلك التغذية والنمو والبقاء والتكاثر والقدرة على تحديد مصادر الغذاء (بيكساباي)
الحشرات المفيدة
ركزت الدراسة على كيفية تأثير تلوث الهواء على جوانب مختلفة من سلوك الحشرات وبيولوجيتها، ومن ذلك التغذية والنمو والبقاء والتكاثر والقدرة على تحديد مصادر الغذاء. ومن بين كل هذه العوامل، تأثرت قدرة الحشرات على العثور على الغذاء بشدة حتى انخفضت بنحو الثلث في المتوسط.
ويشير الباحثون إلى أن الحشرات المفيدة (مثل النحل والدبابير) كانت الأكثر تأثرا بتلوث الهواء بسبب اعتمادها على التواصل القائم على الرائحة. وتستخدم العديد من الحشرات المفيدة إشارات كيميائية محمولة جوا لتحديد مكان الزهور أو العثور على رفقاء أو اصطياد فرائسها.

ويمكن لملوثات الهواء أن تغير مسارات الرائحة كيميائيا أو تتداخل مع قدرة الحشرات على اكتشافها، ويؤدي ذلك بشكل أساسي إلى تعطيل بيئتها الحسية. في المقابل، تعتمد العديد من الآفات بدرجة أقل على إشارات الرائحة البعيدة المدى وبدرجة أكثر على الاتصال المباشر أو الإشارات البصرية، وذلك يجعلها أقل عرضة لتأثيرات تلوث الهواء على الإشارات الكيميائية المحمولة جوا، وفقا للبيان الصحفي الرسمي من جامعة ريدنج البريطانية المشاركة في الدراسة.
ووفقا للدراسة، فإن أعداد الحشرات تتناقص بالفعل على مستوى العالم، وحتى المستويات المعتدلة من ملوثات الهواء تضر بالحشرات المفيدة، وهذا يعني أننا بحاجة إلى لوائح أكثر صرامة بشأن جودة الهواء لحماية أصعب العاملين في الطبيعة.