عاشوراء ليلة عبادة
مفهوم العبادة في الشريعة الإسلامية له مصاديق متعددة، وإن كان الانصراف الأولي إلى العبادات التوقيفية؛ كالصلاة والصوم والحج وغيرها من العبادات ولكنها أعم وأعمق.
فالعبادات مصطلح ديني فقهي له علاقة بتلك الأعمال الخاصة التي شرعها المولى تعالى لعباده، بصور خاصة، واشترط فيها نية القربة له سبحانه.
والعبادات كمصطلح فقهي يقابل المعاملات الذي هو الآخر له علاقة بمعاملات الناس فيما بينهم، كما أن للعبادات معنى لغوياً أعم من المعنى الاصطلاحي، وهو مطلق الطاعة مع الخضوع والتذلل لله تعالى.
وإذا ما أردنا أن نعرف مصادر هذه العبادات، فإنها منحصرة بالكتاب والسنة المطهرة الشريفة؛ فالكتاب كما تعلمون يراد به القرآن الكريم، أما السنة المطهرة فهي قول وفعل وتقرير أو إعراض المعصوم عن أي فعل.
ومن السيرة العملية في السنة المطهرة ابتداءً من رسول الله ﷺ وإلى جميع المعصومين نجد ظاهرة البكاء، والتي ذكرتها روايات المسلمين قاطبة بلا استثناء، من أن النبي ﷺ كان أول من بكى على سبطه الحسين، لإعلام الأمة مكانة الحسين ، وحجم الجريمة التي انتهكت بحقه؛ فيتأسى به المسلمون، ويتقربون إلى الله تعالى بذلك.

وإذا ما أخذنا بالاعتبار أن مصطلح العبادة مطلق الطاعة، والخضوع والتذلل لله، فإن أقرب مصداق هو الاقتداء بفعل النبي ﷺ قربة إلى الله تعالى، وذلك بأن يظهر المسلمون الحزن في عاشوراء الحسين، ويعدوا ذلك نوعاً من أنواع العبادة بالمعنى الأعم، والتقرب لله ولرسوله ﷺ.
ومن عادة المسلمين تحري ليلة القدر ليعيشوا القرب والأجواء الروحانية، فإن فعل الإمام الحسين ليلة عاشوراء وأصحابه حيث "بات الحسين وأصحابه تلك الليلة، ولهم دوي كدوي النحل، ما بين راكع وساجد، وقائم وقاعد.
لذا حري بالمسلمين أن يتخذوا هذه الليلة من ليالي العبادة، ويتفننوا في أنواع العبادات الواردة في الشرع، ومن مصاديق إحيائها بالعبادة هو حضور مجالس ذكر مصيبة الحسين ؛ فهي مصداق قول الإمام الصادق : لفضيل: تجلسون وتحدثون؟ قال: نعم جعلت فداك، قال: إن تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا يا فضيل! فرحم الله من أحيى أمرنا، يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه، ولو كانت أكثر من زبد البحر.
فإحياء ذكرى عاشوراء يعد واجباً دينياً وأخلاقياً على كل مسلم، إيمانا منه بمعاني هذه الذكرى الخالدة، ودفاعاً عن قيم الحق والعدالة التي ضحى الإمام الحسين من أجلها.
كما أن يوم عاشوراء له أعمال خاصة ذكرها العلماء، منها:

1- الامتناع عن السعي في حوائج الدنيا.
2- البكاء على الحسين وأهل بيته.
3- إقامة مجالس العزاء.
4- زيارة الإمام الحسين ”الحضور لكربلاء“.
5- تعزية المؤمنين.
6- الامتناع عن الطعام والشراب.
7- قراءة زيارة عاشوراء.
رزقنا الله وإياكم في الدنيا زيارة الحسين وفي الآخرة شفاعته.