قصة مثل : ( اتمسكن حتى تتمكَّن )
، يوجد من الناس من يتحايل لنيل مصالحه أو بلوغ مآرب، ويتظاهر بالضعف والمسكنة والاستكانة والرقة ، وحتى الليونة، ويلبس لكل حالة لباسها ، ويتصرف أمام كل موقف بما يناسبه ، وعندما يتحقق له ما يريد ، ويصل الى ما تمناه ، او يتمكن من مبتغاه ، يعود إلى وضعه الطبيعي ، ويظهر على حقيقته فرعون زمانه. فيضرب هذا المثل لمن يتصنَّع طبعا غير طبعه ، او يسلك سلوكا غير سلوكه ، للوصول الى هدفه وتحقيق مطلبه ، او فيمن يتظاهر بالخضوع والتذلل ، حتى يتمكن من تحقيق ما يطمح اليه . وهذا الحال منافٍ للاخلاق الحميدة ، وهو توبيخ وتحقير للانسان الذي يسلك شتى الوان النفاق كوسيلة للوصول الى الغاية او الهدف المنشود. يرادفه: ( الغاية تبرر الوسيلة ) ، كما قال الشاعر
صلى المصلي لأمر كان يطلبه ** لما انقضى الأمر لا صلى ولا صاما
وهذا البيت له قصه تتعلق برجل من الروم ، يسمّى ( سلوم ) ، وهذا الإنسان قدم بمهمه استخباراتيه عسكريه ، وانَّ حكَّام الاسكندريه قديما شيدوا منارات بحريه مغناطيسية ، تمنع وصول السفن الحربية الرومية إلى شاطىء الإسكندريه . قدم (سلوم) وقد دفن صناديقا مليئة بالذهب في مناطق مختلفه من الإسكندرية ، بعيدة عن منارات الاسكندرية المغناطيسية ، وتعلم سلوم اللغة العربية وأتقنها ، وبعد ذلك ادَّعَى التَّديُّن وصار شيخاَ ، فانقطع للعبادة والقراءة ، وداوم على الصلاة في المسجد ، حتى شاع ذكره ، وتحدث الناس عنه صغيرهم وكبيرهم ، فلما انتشر أمره تعرف عليه الملك وقرَّبه إليه ، فصار كلما احتاجت خزينة الملك مالا دلهم على مكان من أماكن صناديق الذهب المدفونة ، فوثق به الملك ، ولمَّا احتاج الملك يوما مالا ، قال سلوم له : يوجد تحت منارات الإسكندرية ذهب كثير ، فامر الملك بهدم المنارات لاستخراج الذهب ، فبطل مفعول المغناطيس ، ولم يجدوا ذهبا ، ونجح ( سلُّوم ) في مهمته ، فرَّ ولم يعثر الملك على أية أثر له ، ولمَّا هُدِمَتْ المنارات المُمَغْنطة ، هجمت الأساطيل الرومية على الاسكندريه ، فوجدوا هناك أبياتاً من الشعر ، سارت بها الركبان واصبحت مضرب الأمثال ، ويقال أنَّ ( سلوم ) الذي كتبها :
صلى المصلي لأمر كان يطلبه ** لما انقضى الأمر لا صلى ولا صاما
سلوم مازاد في الإسلام خردلة ** ولا ترهبن في أمر ولا قاما
يعني سلوم ( اتمسكن حتى اتمكن ) .