لماذا نبكي على الإمام الحسين عليه السّلام
عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ شَبِيبٍ، عَنِ الرِّضا في حَدِيثٍ أَنَّهُ قَالَ لَهُ: «يَا ابْنَ شَبِيبٍ إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لِشَيْءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٌّ عليه السَّلام، فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْسُ، وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا مَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ شَبِيهُونَ، وَلَقَدْ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ».
البكاء هو سيلان الدموع من العين لأسباب مختلفة كالحزن والألم والخوف والجزع والشوق والمحبة والفرح، واحتل الإمام الحسين مقاماً وشأناً عظيماً في البكاء عليه عند المسلمين بناء على مكانته من الله تعالى ورسوله ﷺ.
وقد كان لشهادة الإمام الحسين في عاشوراء سنة 61 هجرية الأثر الأكبر على قلوب المسلمين، وكما ورد عن الإمام الحسين : «أنا قتيل العبرة ما ذكرني مؤمن إلا استعبر».
وعند ولادة الإمام الحسين أخذ رسول الله ﷺ الإمام الحسين وبكى عليه، فسألوا رسول الله ﷺ لماذا تبكي؟ فقال: أتاني جبريل وأخبرني بأن فئة من أمتي تقتل ولدي هذا، وبكى الجميع في يوم ولادته .
وبكاه جميع الأنبياء والرسل على مصيبته قبل ولادته، وبعد استشهاده ليومنا هذا وحتى قيام يوم الدين، نحن نبكي على الإمام الحسين تأسياً برسول الله ﷺ وأهل البيت ، ولنا في رسول الله ﷺ أسوة حسنة.
قال الله تعالى: ﴿كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ﴾ [الدخان: آية 25-29].
إن السماء والأرض تبكي إذا مات المؤمن والعالم والإمام، في ”المناقب“ لابن شهر آشوب ”ره“ عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «إن السماء والأرض لتبكي على المؤمن إذا مات أربعين صباحا، وإنها تبكي على العالم إذا مات أربعين شهرا، وإن السماء والأرض ليبكيان على الرسول أربعين سنة، وإن السماء والأرض ليبكيان عليك يا على أربعين سنة.
والإمام كلما عظمت مصيبته واشتدت فاجعته عظم بكاء السماء والأرض عليه، وكانت مصيبة الإمام الحسين هي أعظم من كل مصيبة وفاجعة، لذا بكت السماء والأرض بكاءً ما بكته على أحد قبله ولا بعده من نبي ولا وصي، بل أبكت مصيبته جميع أنواع المخلوقات من ملك وفلك وجماد ونبات وأشجار وأحجار وحيوان ومن إنس وجن وخسف القمر وكسفت الشمس، ومطرت السماء دماً، وتفجرت الأرض دماً، وما رفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط، وتغيرت الطبيعة بأكملها عند مقتل الإمام الحسين .
وعن رسول الله ﷺ: ”كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت على مصاب الحسين فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة“، وقد حل علينا شهر محرم الحرام بالأحزان والهموم يروي لنا قصة البطل الشهيد الغريب العطشان المظلوم، ولنتعلم من مدرسة الحسين الإباء والتضحية والفداء والبطولة والإقدام والتحمل والصبر والتوبة والحب والإيثار والذوبان في حبه وكل عام نجلس ونستمع عند المنبر الحسيني للدروس والعبر ونتخلق من منهل الحسين بالخلق الرفيع من التسامح والصفح والعفو والترابط، والتآخي وصلة الرحم، والكرم والبذل والعطاء.
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة ** لكنما عيني لأجلك باكية
حسين.. يا حسين...
السَّلامُ عَلَى الحُسَيْنِ وَعَلَى عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ وَعَلَى أَوْلادِ الحُسَيْنِ وَعَلَى أَصْحَابِ الحسين