شذرات من حياة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام)
الجزء ( 1 )
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين
بمناسبة اقتراب الاول من شهر محرم الحرام وهو اليوم الاول من العام الهجري ولما له مكانه متميزة لدى المسلمين في ارجاء المعمورة .
لكونه بداية عام جديد وفيه حدثت الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة الى المدينة المنّورة والتي كانت تسمى يثرب وبعد ان شرفها الرسول الكريم لبدأ صفحة جديدة
للرسالة النبوية مع الانصار والمهاجرين معه ...
نبدأ بشرح شذرات من سيرة وحياة الامام الحسين بن علي بن ابي طالب ( عليهم السلام ) من مصادرها الموثوقة والتي حضيت بتأييد
الفريقين من جمهور المسلمين .
وسيكون بشكل أجزاء لبيان بعض من جوانب حياته وسيرته العطرة
المقدمة:
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين عن الرضا (عليه السلام): (الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة ...)
كثيراً ما يقرع سمعنا هذا الحديث المبارك أو نراه معلقاً في أماكن مختلفة، ولكن هل فكرنا يوماً في ما يعنيه بشكل حقيقي.
ولا يخفى على الأخوة المؤمنين أن درك عميق المعاني التي أشار إليها المعصومون (عليهم السلام) في أحاديثهم لا يتيسر لأفهامنا القاصرة ولكن معرفة بعض الجوانب الظاهرة التي قصد الأئمة (عليهم السلام) بيانها لشيعتهم مما يخفى كثيراً على البعض من دون التأمل فيها.
وعلى كل حال فما نريد بيانه أن كون الحسين (عليه السلام) مصباح هدى وسفينة نجاة تشبيه مهم من الأئمة (عليهم السلام) له سلام الله عليه، يراد منه أن الهداية والنجاة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحسين(عليه السلام).
فالهداية: هي بيان الطريق الموصل إلى الله تعالى، والذي لا يعرفه إلا الله ومن أرسله سبحانه لغرض الهداية من الأنبياء والأوصياء.
والنجاة: هي انتشال الناس من الخطايا والمعاصي والذنوب وإيصالهم إلى بر الأمان والعفو والمغفرة.
ولكن هنا تساؤلين:
1- لماذا خُصَّ الحسين(عليه السلام) بهذا الوصف، مع أنها وظيفة الأنبياء والأوصياء جميعاً على مر الزمن ـ كما أسلفنا ـ حتى قال في حقه الإمام الحسن (عليه السلام): (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله).
2- ما هي وظيفتنا تجاه الحسين (عليه السلام) وكيف نستفيد من هذا العطاء الإلهي بما ينفع في الأمرين المتقدمين وهما الهداية والنجاة.
أما جواب السؤال الأول:
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
إن أنبياء الله تعالى على كثرتهم ـ وهم مائة وأربعة وعشرون ألف نبي ـ وكذلك أوصياء هؤلاء الأنبياء كلهم أو جلهم قد مروا بحالة المواجهة مع أقوامهم، ثم بعد ذلك ماتوا أو قتلوا وكما في الحديث أنه: (إذا قبض الله نبياً من الأنبياء، بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة)، فيكون يوماً مشهوداً من أيام الله تعالى، ولكن من الملفت للنظر أن هذه الأيام التي تؤرخ لفقد ولي من أولياء الله تعالى على الأرض على كثرتها لم يتميز فيها يوم كما تميز يوم الحسين (عليه السلام)، فقول الإمام الحسن الزكي (عليه السلام) المتقدم: (لا يوم كيومك يا أبا عبد الله) بعد كل هذا أمر عجيب ومحير، وحري بنا أن نتأمل عظمته ونراعي ذلك.
إن الإمام الحسين (عليه السلام) مُعَداً له في علم الله تعالى أن يقود مشروعاً لتصحيح مسار الرسالة المحمدية الخاتمة، التي هي دستور الله تعالى في الأرض للأجيال جميعاً وفي كل الأزمنة، بل إن رسالات الأنبياء السابقين كانت تمهيداً لهذه الرسالة السماوية، وتهيئة عقول الناس لتقبلها.
ثم لعِظَمِ هذه الرسالة وخاتميتها كان التحدي من قبل طغاة الأمة كبيراً ولذا كان النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) يقول: (ما أوذي نبي بمثل ما أوذيت)، ومن الطبيعي أن محاولات شياطين الإنس لم تنته بنهاية حياة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) بل استمرت وبشدة أكبر بعد حياته، ويكفي ما حدث من غصب الخلافة، ونحلة الزهراء (عليها السلام)، وضربها وإحراق بيتها وإبعاد أهل البيت وتحجيم مكانتهم في المجتمع... الخ دليلاً على ذلك.
وشيئاً فشيئاً بدأ الطلقاء والمنافقون يتسنّمون منابر المسلمين ويصلون إلى سدة الحكم لا لشيء إلا لمحو هذا الدين وصرفه عن مساره من جهة، والتنعم بأموال المسلمين بإنفاقها على ملذاتهم من جهة أخرى.
أما الأئمة المعصومون الذين هم الحماة للدين، فقد كانوا مهمشين مبعدين... مقتلين، فكان الحسين (عليه السلام) وكانت عاشوراء بكل مآسيها مشروعاً للتضحية والفداء ومثالاً لتضحية الأئمة في الحفاظ على دين الله وشرعه.
وليس غريباً أن تكون أصداء عاشوراء بتلك الضخامة فهي الدفة التي غيرت مسيرة الدعوة الإسلامية وأنقذتها من التحريف والتزييف ونقّتها من الشوائب التي دأب الأعداء إلصاقها بها.
لذا فيوم الحسين يوم ليس كباقي الأيام الخالدة بل هو يوم أعاد الدين إلى الحياة بإعادة الحياة إلى الدين حتى قيل: الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء.
فمن هذا العرض يتضح ـ نوع اتضاح ـ أن الهداية التي قام بها الحسين (عليه السلام) في ذلك الوقت المظلم كان لها من الأهمية والتميز ما استحقت هذه الأوصاف.
وأما السؤال الثاني: عن الوظيفة تجاه الحسين (عليه السلام).
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
وجوابه: أننا لابد أن ننظر للحسين(عليه السلام) كمشروع إلهي لإحياء الدين وحفظه، وبهذه النظرة يكمن مفتاح الجواب وينفتح منه ألف باب، فلو أردنا أن نكون حسينيين وجب علينا أن نعيش قضية الحسين التي عاشها في وجدانه نعيشها في ضمائرنا.
وهذه القضية هي قضية هداية الأمة والحفاظ على دين جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وهذا يكون عن طريق:
- تخلّق الإنسان في نفسه بأخلاق الإسلام العظيمة وتطبيق أحكام الخالق جل وعلا، لنكون دعاة للدين بشكل عملي.
- نشر الثقافة الدينية الصحيحة في المجتمع عن طريق بيان العقائد الحقة والأحكام الفقهية.
- تبسيط ما يحتاج إلى تبسيط من هذه العقائد والأحكام.
- دفع الشبهات التي تواجه الفكر الإسلامي.
- حث المجتمع على الالتزام بهذه الأفكار والمفاهيم والأحكام وأن تكون منهجاً لهم في الحياة.
- حث المجتمع على التخلق بأخلاق الإسلام والالتزام بتطبيق أحكامه، لا مجرد معرفتها والتفكر بها والحديث حولها، بل تكون دستوراً عملياً لهم في الحياة بعد معرفة أنه الطريق الوحيد الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة.
- تفعيل دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يواجه هجمة شرسة لتهميشه بمسميات مختلفة، بعد أن شخّص أعداء الإسلام أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الكفيل بالحفاظ على نسيج المجتمع الإسلامي محتفظاً بثوابته.
- مواكبة العصر بإيجاد طرق بديلة لنشر الأفكار الصحيحة واستخدام العلوم الحديثة وما ينتج عنها من وسائل اتصال وإيصال للمعلومة في سبيل نشر فكر أهل البيت (عليهم السلام) إلى الناس.
يتبع رجاء ( الجزء 2 ) : اضغط