عاشوراء الحسين (ع) مبادئ وقيم
السلام عليك يا أبا عبدالله، وعلى الأرواح التي حلت بفنائك عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
أيام قليلة ويهل علينا شهر «عاشور» فيتجدد الحزن والأسى على محبي آل البيت ، بذكرى استشهاد إمام مصلح وسيد من سادات الجنة وهو الإمام الحسين بن علي ، فتتغير كل مظاهر الفرح بين الناس في مجتمعنا، وترفع الرايات السود شعاراً للحزن على استشهاده في العاشر من محرم الحرام سنة 61 هـ.
سيدي يا حسين؛ تبكيك القلوب وتدمع لأجل مصابك الأعين أيها الإمام المصلح والقائد الرباني للقيم والمبادئ الإنسانية، في أيام شهر محرم الحرام لم تعد الحياة كما عرفناها، حيث يسكت كل شيء فيها وتصبح الطرقات وأزقة البلدات تعج بالحسينيين المعزين بمصابك الجلل، فتتوقف حركة السيارات في الشوارع ويهم الناس بحضور مجالس المدرسة الحسينية.
خليط من عباد الله في مجالس الإمام الحسين تحييهم ذكرى استشهاده، فأيام شهر محرم الحرام فرصة لتهذيب النفس وتغذيتها بالمبادئ والقيم الحسينية التي نهض من أجلها الإمام الحسين ، فعلى الجميع الاستعداد لها والاستفادة منها والسير على نهج الحسين في أفكارنا وأعمالنا وتصرفاتنا، وأن لا نجعلها أيامًا عابرة للذكرى فقط، بل علينا أن نبكي إمامنا الحسين بصدق وإخلاص مؤمنين بنهضته وقضيته من أجل إصلاح الأمة، وأن لا تكون مجرد عاطفة تنتهي بانتهاء أيام عاشوراء.
واقعة عاشوراء الأليمة التي استشهد فيها الإمام الحسين وأولاده وأهل بيته وأصحابه في أعظم وأقسى معركة عرفها التاريخ، حيث جرى فيها انتهاكات وهتك لحرمات آل البيت ، كانت لها انعكاسات وأصداء واسعة على مر السنين، وقد صور الفن بجميع أشكاله معظم الأحداث التي وقعت في يوم عاشوراء على شكل لوحات فنيّة وأفلام ومسلسلات كتبتها أنامل الشعراء والأدباء.
حضور المجالس الحسينية أمر مطلوب من الجميع لكنه يجب احترامها وأذابها، فعلينا الحضور إلى المأتم بملابس لائقة وأن لا تكون ضيِقة أو شورتات للنزهة، والعقول يجب أن تكون حاضرة مع الخطيب البارز لاستلهام القيم والمواعظ التي سطرتها مدرسة الإمام الحسين ، وأن لا تكون عقولنا شاردة في ملذات الحياة الدنيا، وحينما ندخل المجلس الحسيني علينا بإغلاق جوالاتنا وأن لا يشغلنا سحر شاشاتها الذكية، وأن نبتعد عن الكلام الجانبي أثناء القراءة خصوصاً إذا كان متعلقاً بالأمور الشخصية والدنيوية.
عاشوراء فرصة للتغيير وقضايانا المجتمعية كثيرة مثل: المخدرات وكثرة الطلاق والتطاول على الناس والغيبة والبهتان وتسارع أقدام بعض الناس من الجنسين لارتكاب المعاصي في زمن الإنترنت، وتهاون الكثير من أولادنا وبناتنا بالصلاة التي هي عمود الدين ومن أجلها نهض الإمام الحسين وحافظ على أدائها وسط المعركة وغيرها من القضايا التي لا مجال لذكرها في هذه المقالة، وهذه القضايا تحتاج إلى مرور وتوجيه من الخطباء الذين يعتلون المنبر الحسيني في أيام عاشوراء، وأن لا تذهب أوقات المجالس في قصص ربما تكون أسطورية أو خرافية قد لا تجد لها مكاناً في عقول المتلقين.
إن حب الحسين ليس شعاراً نردده هنا وهناك بل هو نهج نتبعه وسلوك نعمل به وطريق يحتاج إلى متابعة، فليعلم الذين يحضرون المجالس الحسينية ليتهم يعلمون، بأن الكثير من الناس من مختلف الديانات يحبون الإمام الحسين ومنهم الكفار والمنافقين، ولهذا لا بدَّ أن يعرف من يقف ويخدم في المأتم بأن الخدمة لها أجرها وثوابها لكنها ليست كافية إلا أن تجعل الإمام الحسين معياراً لفكرك وعملك وتصرفك في كل شيء، وحضورك في مواكب العزاء مثاب ومأجور عليه، لكن متابعة الحسين بالمحافظة على الصلاة التي هي عمود الدين وحضورك الدائم لأدائها جماعة في المسجد أكثر ثواباً.
وفي الختام: علينا أن نستقوي على الشيطان الذي زين لنا الحياة الدنيا ودناءتها، ونعاهد الله تعالى ورسوله ﷺ ونعاهد الإمام الحسين بن علي في عاشوراء، بالعمل بالقيم والأخلاق التي سطرها في كربلاء ومن أجلها قال: ”أما من ناصر ينصرنا ونرددها لبيك يا حسين“ وعظم الله أجوركم
.