توطئة: بعض الخواطر فيها صراحة أكثر من بلاغة وفي كلها مرجو ومطلوب من القراء الكرام الغفر والصفح عن الزلات!
كان فجر اليوم دافئًا مع الأصدقاء بالجدل حول زينة الرجال والنساء. مشينا في الكلام طولًا وعرضًا حتى ذكر لنا أحد الأصدقاء حكاية جميلة عن أحد الأئمة وأحفاد النبيّ محمد -صلى الله عليه وآله- في أهمية زينة الرجل لزوجته. أذكر لكم -القراء الكرام- الحكاية مختصرة:
عن الحسن الزيات البصري، قال: دخلت على أبي جعفر -عليه السلام- أنا وصاحب لي فإذا هو في بيتٍ منجد، وعليه ملحفة وردية، وقد حفّ لحيته واكتحل، فسألنَا عن مسائل، فلما قمنا، قال لي: يا حسن، قلتُ: لبيك، قال: إذا كان غدًا فأتني أنت وصاحبك، فقلت: نعم جعلت فداك، فلما كان من الغد دخلتُ عليه وإذا هو في بيتٍ ليس فيه إلا حصير وإذا عليه قميص غليظ، ثم أقبل على صاحبي، فقال: يا أخا البصرة إنك دخلتَ علي أمس وأنا في بيت المرأة وكان أمس يومها، والبيت بيتها، والمتاع متاعها، فتزينت لي، على أن أتزين لها كما تزينت لي، فلا يدخل قلبك شيء، فقال له صاحبي: جعلتُ فداك قد كان والله دخل في قلبي فأما الآن فقد والله أذهب الله ما كان، وعلمت أن الحقّ فيما قلت.
القراء الكرام: هل ينبت الوردُ في الصحراء؟ هل يولد انسجام بين رجل لا يعتني بزينته وامرأة لا تعتني ولو بالحد الأدنى من الزينة؟ أليس من العقل والحبّ أن يرغب الزوجُ زوجته فيه وترغِّب الزوجةُ زوجها في نفسها؟ ليس عندي إحصاءات لكنني أجزم أن منشأ الخلاف يبدأ من الخارج ثم يسري إلى داخل العلاقة الزوجية ويُسممها، تمامًا كما يسمم الجرحُ الصغير الجسد كله!
لا يتعطر ويحب أن تفوح الروائح العطرة الزكية من زوجته! يعرض عن زوجته ويطلب منها أن تأخذه بالأحضان! يخشن معها ويغلظ في الكلام ويطلب منها أن ترقق له المشاعر والكلمات! يطلب منها كل شيء ولا يلزم نفسه بأي طلب! نحن في زمن يجب أن يعمل فيه الزوج "والزوجة" مثل الإطفائي الذي يطفئ الحرائق، لا مثل الذي يشعل النار في غابة جافة في فصل الصيف.
نحتاج إلى تبريد الأجواء لأن ضغوط الحياة ليست هينة! كلمة رقيقة، منظر حسن، صمت وهدوء، تحمل وفهم، صفاء وراحة بال! أما إذا شعر أحد الطرفين بأنه مغبون وخاسر في الحياة الزوجية فلن تستقر العلاقة ولن تستمر مهما وضعنا لها من مسكنات ومهدئات!
غاية الأمر: بيتٌ عالٍ فخم ليس فيه ودّ هو بيت مهدوم. بيت من أبسط البيوت فيه محبة ووئام هو أجمل البيوت. أما قوام الود والمحبة فيأتي من انجذاب الجسد إلى الجسد والعقل إلى العقل! لا تطلب من زوج أو زوجة الصبر على ترك أحدهما العناية بالجسد إنما اطلب من المقصر أن يعتني ويقوم بالواجب وإن بالحدّ الأدنى!
أغلب حالات النزاع في الشراكة الزوجية يبدأ من تجاهل أحد الطرفين حقوق الطرف الآخر أو جهله بها! في الحياة الزوجية حقوق وواجبات وأول خطوة في الطريق الطويل -السعيد- تبدأ من معرفة الحقوق والواجبات ثم العمل بها!