TODAY - December 09, 2010
ملعب للاطفال يضم مساجد ومعابد لتشجيع التسامح الديني في الدنمارك
فريدريتشا
يتسلل الاطفال من سطح مسجد ليلعبوا الغميضة في معبد هندوسي، ففسحة اللعب المكرسة للاطفال هذه مصممة لتعزيز التسامح في وقت تشهد فيه العلاقات بين الاديان بعض الفتور في الدنمارك.
وقد ساهم متطوعون من اديان مختلفة في فريدريتشا في انشاء فسحة اللعب هذه الواقعة على الشاطئ والتي افتتحت في آب/اغسطس في بلدة فخورة بالدور الذي لعبته في القرن الثامن عشر كملاذ لمضطهدي اوروبا.
ثمة مسجد اخضر ذو قبة ذهبية، وكنيسة قروية من القرميد الاحمر والابيض ومعبد هندوسي زاهي الالوان.
تقول كارولين البالغة من العمر تسعة اعوام "من الممتع رؤية كيف تكون المساجد والمعابد الهندوسية واللعب مع اطفال من ديانات اخرى".
وهذا الملعب هو طريقة ممتازة ليعرف الاهل اطفالهم على ديانات وثقافات اخرى، كما تقول هان رافن وهي امرأة في الخمسين من العمر تعيش في قرية مجاورة.
تضيف "من المهم ان يتكلم الاهل مع اطفالهم ويعلموهم ان يكونوا غير متعصبين ومنفتحين على الآخرين منذ صغرهم".
كارولين لم تزر يوما مسجدا حقيقيا. ومن غير المحتمل ان تزور مسجدا في الدنمارك قريبا، مع تأجيل مشروع بناء اول مسجد في البلد بمدينة كوبنهاغن بسبب مشاكل مالية وشائعات بأنه ممول من طهران.
لاسلام هو ثاني اكبر ديانة في الدنمارك التي تضم اكثر من 200 الف مسلم بين سكانها البالغ عددهم 5,5 ملايين نسمة.
لكن العلاقات مع الاقلية المسلمة التي تشكل نحو 3,5% من مجموع السكان اصبحت متوترة منذ ان نشرت صحيفة "يلاندز بوستن" الدنماركية في العام 2005 اثني عشر رسما كاريكاتوريا للنبي محمد اعتبرت مجدفة ومهينة.
الرسوم الكاريكاتورية التي صور احدها النبي محمد يعتمر عمامة بشكل قنبلة ذات فتيل مشتعل اثارت احتجاجات واسعة النطاق وعنيفة احيانا في كل ارجاء العالم الاسلامي، وادت الى مقاطعة الشركات الدنماركية وتهديد المصالح الدنماركية في الخارج والى محاولات اعتداء على مقر صحيفة "يلاندس بوستن" واحد الرسامين الكاريكاتوريين.
وطالبت عدة بلدان اسلامية باعتذار رسمي من الحكومة الدنماركية التي رفضت ذلك مرارا، مشددة على اهمية حرية التعبير في البلد.
في الوقت نفسه، قام حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدد، وهو حليف اساسي للحكومة اليمينية المعتدلة، بتصعيد خطابه المناهض للاسلام محذرا من "اسلمة" الدنمارك واوروبا.
واظهرت دراسة نشرت نتائجها في آب/اغسطس ان نحو 55 بالمئة من الدنماركيين يعتقدون ان الاسلام عقبة امام التآلف الاجتماعي.
في جو كهذا، يقول المراقبون ان مشروع ملعب فريدريتشا شديد الاهمية.
يقول مهدي مظفري، وهو استاذ في الشؤون الاسلامية في جامعة ارهوس "من الجيد السعي الى التغلب على الاحكام المسبقة من خلال التسامح".
قد لا تواجه مجموعات دينية اخرى اصغر الوصمة نفسها كالاسلام، لكن نظرا الى قلة اعداد اتباعها في البلد الاسكندينافي، فإن معظم الناس ما زالوا لا يعرفون شيئا عنها.
احد العناصر الغائبة عن الملعب الجديد هو كنيس يهودي، مع ان فريدريتشا كانت في اوائل القرن الثامن عشر اول مدينة تستقبل يهودا في الدنمارك، حيث الكنيسة اللوثرية الانجيلية الدنماركية هي الديانة الرسمية.
وتضم الدنمارك اليوم نحو سبعة آلاف يهودي، وتقول جدة كارولين انه من الغريب الا يتم تمثيلهم في الملعب، لا سيما بالنظر الى تاريخ البلدة.
لكنها مع ذلك "مسرورة بهذا المكان الذي يشجع الحوار بين الاديان ويعلم التسامح".
ويصر منظمو المشروع على ان غياب الكنيس في الملعب لم يكن متعمدا.
وتشرح القسة البروتستانتية كارينا دالمان ان كل الاديان دعيت الى المشاركة، لكن نظرا الى اعداد اليهود القليلة، لم ترد الجالية اليهودية على الدعوة.
ويقول رئيس بلدية فريدريتشا توماس بانك ان البلدة تضم 50 الف شخص من اكثر من مئة جنسية مضيفا انه يأمل ان يتم تقليد هذا الملعب الريادي وان "يساهم في جعل العالم اكثر تسامحا للاجيال المقبلة".