أغمضت عيني من أجل عملية جذب أفكاري، استمعت إلى صوتي الداخلي، هناك نداء بالانسحاب من الصخب الخارحي حيث الضوضاء، والأصوات العالية والفوضى الكثيرة، تهت في بداية الأمر حاولت البحث عن مخرج، الأفكار كثيرة، تتزاحم كأنها قطرات المطر المنهمرة، هنا تنبأت بضرورة توجيه البوصلة نحو السماء، بدأ الهدوء يتسلل رويدًا رويدًا إلى داخلي أخذت نفسي بالسكينة، فتحت عيني نحو السماء، وإذ أجد نفسي أمام موكب من الإلهام، فانغمرت روحي بعذوبة التأمل، همسات دافئة يتمتم بها لساني، كترنيمة الدعاء حيث اندمج فيها العالم الداخلي والخارجي، المداعبة حساسة بين الشعور والتعبير، لدرجة أصبحت الكلمات ثقيلة على لساني، والتعبير غير قادر على وصف شعوري.
مشاعر مختلطة بين الحزن والفرح، الحزن لقرب المصاب وعظم الخطب، والفرح شوقًا واشتياقًا للتواصل، فإيقاع الفرح وإيقاع الحزن يلتقيان في انسجام، اختلج القلب، وتصاعدت أنفاس الأمنيات فالوجهة أمنية تقبع في القلب، توقف الزمن منحنيًا للحظة مرور طيفه، أرى روحي واقفة على عتبة بابه، دمعاتي تسابق خطواتي، حيث تنطوي هناك كل المسافات، وتتسع الأفقيات، تتكئ الروح الشغوفة على حافة بوابته تطلب الإذن بالدخول، مع امتداد النظر إلى القبة الشاهقة، وأنا أقرأ إذن الدخول شعرت بقشعريرة انفصلت عن عالمي المادي، أجنحة بيضاء ترفرف حولي أخذت روحي ترتفع وتحلق سابحة حيث ملايين الأرواح، في بساط من نور.
ارتوت روحي من ظمأ مدمعي، تلك الرقرقات التي نبعت من منبع صافٍ امتلأ بذلك الحب الطاهر المقدس، فكل دمعة تحكي حكاية عشق ترويها القلوب قبل الشفاة. الألسنة عاجزة عن التعبير، الحديث هناك حديث القلوب.
وراء خيمة قامت معركة، وعلى ضفاف نهر تلألأ قمر، وأضاءت شمعة ليلة الحناء، في رحلة السفر كان العطش شديدًا، ولكن القائد شق طريقه في الصحراء ليقدم نفسه قربانًا للسماء، هناك وقع الأسر، لكن الأميرة حملت أطفالها بحنان في هودج الكرامة والإباء رافعةً رأسها نحو السماء، بهذه الصور قرأت الزيارة.
أمواج بشرية تتدافع مع تمتمات تمتزج بالدموع تملأ المكان، مناجاة روحية بين العاشق والمعشوق، وفي مسارات النور كان الاقتراب من حضرة الحبيب، شعور الاقتراب لا يمكن أن يوصف لأنه خارج نطاق التعبير والمفردات، هو لقاء بمثابة حياة من بعد العدم.