افترضت دراسات كثيرة أن المستويات المرتفعة من فيتامين «دي» (D) في الدم ربما تساعد في درء أمراض القلب، والسكتة الدماغية، وارتفاع ضغط الدم، ومرض السكري.
* افتراضات أولية وتبدو هذه الافتراضات معقولة لأن الجسم البشري يحول فيتامين «دي» إلى مادة «كولسترول» (calcitriol) التي تثبط نمو الترسبات على جدران الشرايين، وهي الترسبات التي تؤدي إلى تصلبها، ومنع حدوث الالتهابات فيها. كما يساعد الكولسترول على الحفاظ على ضغط الدم في مستواه الاعتيادي، وربما يلعب دورا رئيسا في إنتاج وتنظيم الأنسولين، وهو العنصر المهم الذي يؤدي الإخلال به إلى حدوث داء السكري.
إلا أن معهد الطب the Institute of Medicine) IOM)، وهو مؤسسة تضم مجموعة من كبار الخبراء، امتنع عن تقديم توصيات بشأن تناول مكملات (حبوب) فيتامين «دي» لأغراض درء حدوث أمراض القلب والأوعية الدموية، لأن المعهد اعتبر تلك الدراسات «غير حاسمة».
وتقول الدكتورة جوآن مانسون، عضو لجنة معهد الطب ورئيس قسم الطب الوقائي في مستشفى بريغهام النسائي التابع لجامعة هارفارد، إن «أغلب الدلائل المتوافرة حتى اليوم، تستند إلى دراسات الملاحظة التي ربطت بين وجود مستويات منخفضة لفيتامين (دي) في الدم وازدياد خطر التعرض لمشاكل صحية، أي إنها لم تبحث في الأسباب والنتائج. ولذا، فإن علينا الاستمرار في الأبحاث للبرهنة على إمكانية فيتامين (دي) حقا في درء أمراض القلب والأوعية الدموية».
* أجوبة غير شافية
* وقد اشتد الاهتمام بدور فيتامين «دي» في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية بعد إجراء دراسات موثوقة. فقد قادت دراستان: الأولى «دراسة متابعة المهنيين الصحيين» Health Professionals Follow - up Study، والثانية دراسة متشعبة عن «دراسة فرامنغهام» Framingham Offspring Study، إلى نتائج أشارت إلى أن معدل وقوع «أحداث» سيئة في القلب أو الأوعية الدموية كان أعلى لدى المشاركين الذين رصدت لديهم مستويات متدنية من فيتامين «دي». كما سجل «المسح الثالث للصحة الوطنية ودراسة التغذية» The Third National Health and Nutrition Examination Survey (NHANES III)، ازدياد خطر الوفاة بنسبة 26% لدى المشاركين الذين كانت مستويات فيتامين «دي» متدنية لديهم. ووجدت دراسات أخرى زيادة في أخطار الوفاة بسبب مشاكل القلب والأوعية الدموية لدى المشاركين الذين تعرضوا لكميات أقل من الأشعة فوق البنفسجية (بي) من الشمس - وهي مصدر ملموس لفيتامين «دي».
ورغم أن هذه الدراسات ربطت مستويات فيتامين «دي» المنخفضة مع ازدياد خطر وقوع «أحداث» سيئة في القلب والأوعية الدموية أو الوفاة، فإن نتائجها لم تظهر أن تناول مكملات فيتامين «دي» يمكنه أن يدرأ وقوع تلك الأحداث. وهذا عائد إلى حقيقة أن مثل هذه النتائج لا تظهر إلا في التجارب الإكلينيكية العشوائية الكبرى التي توجد فيها مجموعة مراقبة ضابطة، مثل تلك التي تشرف عليها الدكتورة مانسون في دراستها الموسومة «تجربة فيتامين «دي» و«أوميغا - 3» Vitamin D and Omega - 3 Trial) VITAL). وهذه التجربة الكبيرة العشوائية، مزدوجة التعمية، أي التي يحدث فيها التمويه على المشاركين وعلى الأطباء، والتي يتم فيها أيضا تناول حبوب وهمية - سوف تختبر تأثير تناول 2000 وحدة دولية من فيتامين «دي» يوميا على أمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والسكري، إضافة إلى تأثيره على السرطان والأمراض الأخرى. ويتوقع أن تنشر النتائج في عام 2016.
وتقول الدكتورة مانسون: «حتى ذلك الوقت، فإني اقترح على الأشخاص من المعانين أو غير المعانين أمراض القلب تناول 600 إلى 800 وحدة دولية يوميا من الفيتامين، وفق توصيات معهد الطب».
* احتياجات يومية
* رغم أن تأثير فيتامين «دي» على أمراض القلب، وعلى عوامل الخطر المؤدية إلى تلك الأمراض، لم يحدد بشكل قاطع، فإن معهد الطب وبعد تقييمه لنتائج أكثر من 1000 دراسة، أوصى بأن جرعة 600 وحدة دولية من الفيتامين في اليوم، تفي بمتطلبات سلامة العظام لغالبية البالغين حتى عمر 70 عاما. ولكن وبعد تخطي هذه السن ينبغي زيادة الجرعة إلى 800 وحدة دولية يوميا. وتشمل هذه التوصيات تناول الفيتامين من الغذاء وكذلك - أو تناوله من المكملات، بافتراض أن الشخص لم يتعرض أبدا أو تعرض قليلا، للشمس.
ولم يعثر معهد الطب على أي دليل على أن المستويات العالية من فيتامين «دي» تقدم فوائد أكثر، بل إنها قد تسبب الضرر. وقد رصدت بعض دراسات الملاحظة حدوث معدلات عالية من الوفيات لدى الأشخاص الذين سجلت لديهم مستويات عالية من فيتامين «دي».
وإضافة إلى هذا، فإن تناول 4000 وحدة دولية من الفيتامين يوميا قد يؤدي إلى زيادة خطر تكلس الشرايين التاجية وظهور حصى الكلية. وتشرح الدكتورة مانسون هذا الجانب بقولها: «إن فيتامين (دي) يزيد من امتصاص الكالسيوم، ولذا فإن الأشخاص الذين يتناولون جرعات عالية من حبوب الكالسيوم قد يكونون خصوصا في وضع أكثر خطورة للوقوع في هذه المشاكل». وتضيف: «إن النقطة الرئيسة هي أن الزيادة لا تعني بالضرورة حدوث الأفضل».
وإن كنت ممن يعانون السمنة، أو كنت من الخاملين، أو الذين لا يحبون التعرض للشمس، أو الذين يتناولون طعاما غير صحي، فإنك ستكون على الأكثر من الذين تنخفض لديهم مستويات فيتامين «دي».
وقد يشكل تناول ما بين 600 إلى 800 وحدة دولية من الفيتامين يوميا في الغذاء تحديا لك، إن كنت من المعانين عدم تقبل اللاكتوز. وإن كنت مصابا بهشاشة العظام أو بحالة لا يقوم الجسم فيها بامتصاص العناصر الغذائية مثل المرض الجوفي celiac disease، - فقد تكون بحاجة إلى تناول كميات أكثر من فيتامين «دي». وكما يبدو، فإن من غير المهم إن كنت تتناول فيتامين «دي» من الغذاء مثل منتجات الألبان المدعمة بالفيتامين (خصوصا الحليب)، أو الأسماك الدهنية، أو من المكملات. كما أن جسمك سيقوم بتوليد كميات أكثر من فيتامين «دي» إذا تعرضت لأشعة الشمس، رغم أضرارها المحتملة على الجلد.
وتقول الدكتورة مانسون: «تكون المنتجات الغذائية كافية لبعض الأشخاص، إلا أن الكثيرين من الآخرين يحتاجون إلى مكملات الفيتامينات المتعددة أو المكملات الأخرى من فيتامين (دي) للوصول إلى المستوى المطلوب منه».
* رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»