الطاقة النووية أو المحطات النووية .. يسمع الكثير منا هذه الكلمة ولكنه لا يعرف عنها الكثير فقد يكون متخصصا فى الهندسة الكهربية لكنه لا يعرف الكثير عن الطاقة النووية لأنه لم يتعرض لها كثيرا بطبيعة دراسته. لكن أصبح موضوع استغلال الطاقة النووية فى توليد الكهرباء من الموضوعات بالغة الخطورة والأهمية هذه الأيام لأنه يعتبر الإستغلال الأمثل للطاقة النووية فى الأغراض السلمية.
تكلمنا فى الدرس الأول عن طرق توليد الطاقة الكهربائية وأعطينا نبذة عن كل نوع و فكرة عمله الرئيسية بدون الخوض فى تفاصيل كثيرة. ثم أنتقلنا فى الدرس الثانى للحديث عن النوع الأول والأكثر شيوعا وهو المحطات البخارية وتكلمنا عن التوربينات البخارية بوجه عام وفكرتها العامة . ثم فى الدرس الثالث تعرضنا لأول هذه الأنواع - أعنى من أنواع المحطات البخارية - وهو عن توليد الكهرباء باستخدام الوقود الإحفورى كالغاز الطبيعى والفحم . واليوم نكمل أنواع المحطات البخارية ومع النوع الأكثر خطورة و الذى يوضع عليه الكثير من علامات الإستفهام حول كيفية توليد الكهرباء بإستخدام الطاقة النووية.
فى البداية فإننا أتفقنا فى الدروس السابقة على أن الفكرة العامة للتوربينات البخارية هى تحويل الطاقة الموجودة فى البخار إلى طاقة تدير التوربينة ومن ثم تدير المولد والإختلاف بين الأنواع المختلفة لتوليد الكهرباء يكمن فى كيفية الحصول على البخار.
فى النوع الأول من المحطات البخارية كنا نستخدم الوقود الأحفورى كالفحم أو الغاز الطبيعى أو السولار لكن اليوم نتكلم عن إستخدام الطاقة النووية فى الحصول على الحرارة التى تنتج البخار المحمص ومن ثم يدير التوربينة وهذا شكل إحدى المحطات النووية فى الصورة التالية
فما هى الطاقة النووية ؟ وما هى أنواع المحطات النووية ؟ وكيف يتم الإستفادة من هذه الطاقة الكبيرة ؟ وماهى مخاطرها ؟ وما الفارق بين التفاعلات النووية الإندماجية والتفاعلات النووية الإنشطارية ؟ وأسئلة أخرى كثيرة سوف نجيب عنها فى السطور القليلة القادمة.
أولا لا بد أن نعرف ما هى الطاقة النووية ؟
وللإجابة عن هذا السؤال دعنا نبدأ من البداية
الذرة هى المكون الرئيسى لكل الأشياء الموجودة فى الدنيا فكل شئ مهما صغر أو كبر يتكون من مجموعة من الذرات. ومن المعلوم للجميع أيضا أن الذرة تتكون من نواة ( يوجد بها البروتونات والنيترونات ) و إلكترونات تدور حول النواة.ويتحدد وزن الذرة بناءا على عدد الجسيمات الموجودة بها ( أى مجموع البروتونات الموجبة والنيترونات المتعادلة والإلكترونات السالبة ) وبناءا على هذا المجموع يتحدد وزن الذرة و موقعها فى الجدول الدورى.
والطاقة النووية هى الطاقة الموجودة داخل الذرة نفسها ( أى فى النواة ) حيث يوجد البروتونات والنيترونات. ترتبط هذه الجزيئات كلها بقوة كبيرة جدا وذلك فى أى ذرة. لكن لو إنقسمت نواة أحدى الذرات التى تحتوى على جزيئات كثيرة ( مثل اليورانيوم 235 ) إلى أكثر من نواة لعناصر أخرى فإنه ينتج من هذا الإنقسام طاقة هائلة . هذه الطاقة تسمى الطاقة النووية أو رد الفعل النووى nuclear reaction وهذه الطاقة هى التى تستخدم فى إنتاج البخار الذى يدير التوربينة البخارية. وتعتبر هذه فكرة عامة عن المحطة النووية.
ويوجد نوعين من أنواع المحطات النووية حيث تنقسم هذه المحطات من حيث نوع التفاعل إلى تفاعلات إنشطارية Fission وتفاعلات إندماجية fusion . والأن لنتعرف على كل نوع من هذه الأنواع على حده
أولا : التفاعلات الإنشطارية Fission
وفكرته ببساطة هو كما ذكرنا من قبل أنه إنقسام نواة ذرة كبيرة مثل اليورانيوم إلى أكثر من نواة داخل المفاعل النووى ليخرج كمية كبيرة من الطاقة فى صورة حرارة تستخدم فى إنتاج البخار الذى يدير التوربينة ومن ثم المولد.
ثانيا : التفاعلات الإندماجية Fusion
والفكرة هنا هو بدلا من الحصول على ذرة واحدة تحتوى على جزيئات كثيرة فإننا نأتى بمجموعة من أنوية الذرات لتجتمع معا وتكون نواة كبيرة والذى يصاحبه تحرر لكمية كبيرة من الطاقة . لكن التفاعلات الاندماجية لم تعد تستخدم هذه الأيام لتوليد الطاقة الكهربية لأنه من الصعوبة بمكان التغلب على قوة التنافر الطبيعية بين البروتونات الموجبة داخل الذرات.
ففى التفاعلات النووية الإنشطارية فإن نواة ذرة اليورانيوم تنشطر عندما يتم قذفها بإلكترون وعندما تنشطر تحرر كمية من الحرارة والإشعاع Radiation ومجموعة من النيترونات التى من الممكن أن تستخدم لعمل تفاعل إندماجى مع ذرة يورانيوم أخرى وهكذا.
يكون المفاعل النووى داخل مبنى كبير من الخرسانة والحديد ليقلل من احتمالية خروج الإشعاعات النووية الضارة خارج المحطة أو لا قدر الله فى حالة حدوث إنفجار.
ولكن السؤال الأهم الأن هو كيف يمكن التحكم فى هذا التفاعل المستمر دائما لنأخذ كمية الحرارة المرادة فى هذا الوقت حسب الأحمال الكهربية؟؟ والإجابة ببساطة أنه توجد مادة يتم حقنها تمتص النيترونات فكما قلنا أن أول ذرة يتم قذفها بإلكترون ثم يتم التفاعل بعد ذلك مثل العقد الذى أنفرطت أولى حباته فينفرط الباقى تباعا عن طريق أن النيترونات المحرره تقذف أنوية أخرى وهكذا فلو أستطعنا أن نتحكم بكمية النيترونات نستطيع التحكم بكمية الطاقة الخارجة وهذه هى الفكرة ادخال مادة تمتص النيترونات. هذه المادة تسمى بقضبان التحكم control rods لأنها تدخل وتخرج من أعلى حسب كمية الطاقة المطلوبة فكلما دخلت لأسفل أكثر كلما أمتصت كمية أكبر من النيترونات فتقل الطاقة الخارجة من المفاعل.
وهذا الشكل يمثل تخطيط لمحطة نووية ويظهر مكان قضبان التحكم فى الصورة
منقول
المصدر مدونة المهندسين