جريمة هزت الحي الشعبي في منطقة الأميرية الشعبية شرقي القاهرة، كما انتشرت شعارات التحذير للفتيات من أشقاء صديقاتهن المراهقين، هذا ما فجرته جريمة اغتصاب طالبة الإعدادية على يد شقيق صديقتها وزميلتها، بل إن هذه الجريمة تمت في منزل الأسرة وفي غياب الأب والأم عن المسكن.
عندما اقتاد المتهم وهو طالب بأحد المعاهد العليا الضحية عنوة في أثناء استذكار دروسها مع شقيقته، حيث حبس شقيقته الصغرى في حجرتها، وقام باغتصاب صديقتها بوحشية في حجرته المجاورة حتى لقيت مصرعها مصابة بنزيف حاد وصدمة عصبية ونفسية من دون أن يكترث لصراخها أو توسلات شقيقته مرتكباً جريمة قتل واغتصاب من الدرجة الأولى، وبدلاً من عقابه أو تقديمه للعدالة، شاركت أسرته ممثلةً في والديه وشقيقته الصغرى في إخفاء الجريمة البشعة والتخلص من الجثة بإلقائها في صحراء الإسماعيلية.
الكشف عن الجريمة
بداية الكشف عن جريمة قتل تلميذة الإعدادية التي لم تتعدَّ سنها الرابعة عشرة كان من خلال بلاغ تقدمت به والدتها الموظفة بإحدى المصالح الحكومية عن غياب ابنتها الطالبة بالصف الثاني الإعدادي، وقالت الأم إن ابنتها (14 سنة) كانت قد خرجت لاستذكار دروسها مع زميلتها وصديقتها، وبعد مرور أكثر من ساعتين، وهي فترة الاستذكار مع صديقتها لم تعد إلى منزلها، بل مرت ثلاث ساعات ثم أربع ساعات حتى اتصلت الأم بأسرة صديقة ابنتها، فأكدوا أنها انصرفت من منزلهم مبكراً على غير عادتها، ما زاد من شكوك الأم وتوجست خيفة أن تكون ابنتها قد تعرضت لمكروه، وبعد بحث لدى جميع الأقارب وأصدقاء الأسرة لم يعثر للفتاة الصغيرة على أثر, في الوقت الذي كثفت فيه الشرطة من جهودها، وقبل أن يصبح اختفاؤها لغزاً محيراً، وبعد مرور نحو 5 أيام على اختفاء الضحية، أبلغ بعض الأعراب الذين يمرون بالصحراء عن العثور على جثة فتاة صغيرة ملفوفة داخل سجادة وملقاة في الصحراء قرب طريق القاهرة ـ الإسماعيلية الصحراوي، فبدأ ضباط المباحث فحص ملامح الجثة ومطابقتها مع ملامح صورة فوتوغرافية قدمتها أسرة الضحية للشرطة للمساعدة في التعرف إليها، وبعدها تأكد الضباط أن الجثة للتلميذة المختفية، ولكن، من يكون قاتلها؟ ومن الذي قام بلفها بسجادة مازالت جديدة للتخلص منها؟ إضافة إلى بعض قطع القماش حيث حاول الجاني لفها حول جسد الضحية لإخفاء الجريمة، وتم استدعاء والدَيْ المجني عليها فتعرفا إلى ابنتهما وقالا إن الجثة خاصة بها، ولكن معطيات الجريمة ولف الجثة بالسجادة والقماش يؤكد أن هناك من ارتكب الجريمة وتخلص من الجثة لإخفاء فعلته تماماً، وبدأت رحلة الشرطة في كشف سر هذه الجريمة الغامضة، حيث أكدت التحريات أن التلميذة القتيلة شوهدت وهي تصعد إلى شقة صديقتها كما اعتادت لاستذكار دروسها معها، ولكن لم يشاهدها أحد في أثناء نزولها في الموعد الذي ذكرته أسرة صديقتها، بل ردد البعض أنهم شاهدوا أفراد الأسرة ينزلون ليلاً ويستقلون سيارة مستأجرة ووضعوا في داخلها بعض المتعلقات ومن بينها سجادة، وبعرض السجادة على بعض الشهود أكدوا أنها السجادة نفسها، وهنا أيقن ضباط المباحث أن أفراد هذه الأسرة وراء ارتكاب الجريمة، ولكن ما هو السبب أو الدافع؟ وهذا ما كشفت عنه التحقيقات ومعلومات جهاز البحث الجنائي التي أكدت أن القتيلة الصغيرة اعتادت الحضور إلى صديقتها لاستذكار دروسهما معاً، وفي اليوم المشؤوم، حضرت الضحية وقد كانت تتجمل بملابس جديدة، وعندما كانت الفتاتان جالستين حضر القاتل وصافح شقيقته وصديقتها، ولكن هذه المرة رآها بعيون ذئب بشري، فقد شاهد أنثى مراهقة لم تستوقفه من قبل، فسأل شقيقته عن والديهما فقالت له إنهما ذهبا في زيارة سريعة للاطمئنان إلى أحد أقاربهما المرضى، فشعر القاتل أن الفرصة مواتية لالتهام فريسته، ودخل إلى حجرته وهو يرمي صديقة شقيقته بنظرات لم تفطن لها، ثم عاد مندفعاً إلى حجرة شقيقته حيث شد صديقتها عنوة معه وهو يهدد شقيقته بالقتل إذا استغاثت أو صرخت، وقام بإغلاق الباب على شقيقته من الخارج، ثم دفع الضحية إلى حجرته، ولم يستمع إلى صرخات شقيقته أو توسلات ضحيته وهي تصرخ بينما كان يكتم أنفاسها حين تردد «حرام عليك»، ظلت الضحية تستعطفه، بينما شقيقته تطرق باب غرفتها وهي في حالة ذهول أقرب إلى الجنون، وتنادي على شقيقها قائلة «حرام عليك أوعى تعمل كده دي صاحبتي»، لكن الذئب البشري لم يكن يستمع سوى إلى صوت الرغبة الشيطانية في داخله وهو يطرح الضحية عنوة ويمزق ملابسها وهي تقاومه بكل قوة دفاعاً عن نفسها وشرفها وتغرس أظفارها في جسده، واستمر الصراع ما بين محاولاته المتوحشة ودفاعها المستميت نحو 15 دقيقة حتى خارت قواها واستسلمت مغشياً عليها ليواصل الذئب البشري اغتصابها ما أصابها بنزيف حاد وصدمة عصبية تسببت لها في هبوط حاد أدى إلى وفاتها بين يدي المتهم الذي وجد الضحية جسداً بلا حراك.
أربعة في مهمة
حضر الأب والأم من الخارج ليجدا ابنيهما في حالة ذهول وبكاء، وشاهدا أقسى مشهد يمكن أن يشاهداه في حياتهما، فجثة الضحية على سرير الابن وملابسها ممزقة وملقاة في أرجاء الغرفة، ما يشير إلى تعرضها للاغتصاب، ولم يكن المشهد يحتاج إلى تفسير، فقد سارعت الابنة بالارتماء في حضن أمها وهي ترتعد خوفاً، وتقول: «صاحبتي ماتت.. هو اللي اغتصبها وقتلها وحبسني في غرفتي».
جلس الأب مع الأم واتفقا على إخفاء جسم الجريمة لإبعاد الشبهة عنهما، ولكن كيف وهم لم يتورطوا في جريمة من قبل، بل هم أسرة مسالمة ليس لها خصومات مع أحد، وفكروا في إخفاء الجثة داخل سجادة منزلية كبيرة، بينما ذهب الأب لاستئجار سيارة خاصة لنقل الجثة بداخلها، حيث حمل الابن القاتل السجادة وبداخلها جثة الفتاة، كما ساعدته الأم في نقلها إلى السيارة، وأشاعوا أمام حارس العقار إلى اعتزامهم نقل السجادة إلى شقة أخرى خاصة بهم، وقاد الأب السيارة برفقة الابن القاتل وبصحبتهما الأم والابنة صديقة القتيلة، وطوال الطريق حتى إلقاء الجثة قرب الكيلو 74 بطريق القاهرة ـ الإسماعيلية، كان الأربعة في حالة مأساوية فالأب يطرق رأسه بيديه وهو يقول «وديتنا في داهية منك لله» والأم في حالة نحيب متواصل وهي تردد «ضعت وضعيتنا معاك»، بينما كان الابن القاتل في حالة ذهول غير مصدق ما حدث، وأن نزوته الحيوانية تسببت في تدمير الأسرة بالكامل، أما الابنة صديقة القتيلة فتكاد تتوارى في المقعد من فرط الرعب الذي عاشته وفقدانها لصديقتها على يد شقيقها.
حتى جاء بلاغ العثور على جثة الضحية في الصحراء، وتوصل رجال المباحث إلى دلائل تشير لارتكاب ابن تلك الأسرة للجريمة واشتراكهم جميعاً في إلقائها في مكان بعيد. وعند مواجهتهم بكل ذلك لم يستطيعوا الإنكار، بل اعترفوا في تلقائية لأنهم ليسوا مجرمين محترفين، وأمرت النيابة بحبس القاتل بتهمة الاغتصاب الذي أدى إلى الوفاة، والأب والأم بتهمة التستر على الجريمة وإخفاء جثة القتيلة، بينما الابنة الصغيرة تم إيداعها إحدى دور الرعاية الاجتماعية نظراً لظروفها النفسية والعصبية، فمازالت الصدمة تسيطر عليها وتكاد تودي بعقلها، بعد أن فقدت صديقتها بالوفاة وأسرتها بالسجن.