{دولية:الفرات ينوز} أعلنت الهيأة العامة للعناية بشؤون الحرمين الشريفين، مساء أمس الأربعاء، البدء في رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا لموسم الحج هذا العام
وأظهرت صور ومقاطع فيديو مباشرة فريق من المختصين والفنيين في الهيئة لعملية رفع الكسوة باستخدام عدد من الرافعات للحفاظ على نظافة الكسوة وسلامتها.وقالت الهيأة في منشور بحسابها على منصة "إكس" إن "رفع كسوة الكعبة بدأ بالجزء السفلي بمقدار 3 أمتار، وتغطية الجزء المرفوع بإزار من القماش القطني الأبيض بعرض 2.5 متر وطول 54 مترا من الجهات الأربع للكعبة المشرفة، وفك 3 من القناديل، ثم تثبيت القماش الأبيض على جميع الجهات، كل على حدة".
وحسب ما أفاد الموقع الرسمي للهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين الشريفين، تم رفع كسوة الكعبة المشرفة على 8 مراحل باستخدام 10 رافعات واستغرقت العملية نحو 4 ساعات بمشاركة 36 فنيا ومختصا.
وتشتمل الكسوة على ستارة باب الكعبة و4 قطع مكتوبة عليها سورة الإخلاص، وحزام الكعبة الذي يقارب طوله 45 مترا، و6 قطع تحت الحزام مطرزة بآيات قرآنية، إضافة إلى 16 قنديلا وقطعة للإهداء.
وقبل تثبيت الكسوة تغسل الكعبة المشرفة ويستخدم لغسلها ماء زمزم ودهن العود وماء الورد.
كسوة الكعبة.. محطات تاريخية
تاريخيا، كان العرب في الجاهلية يتسابقون لنيل شرف كسوة الكعبة، فكان يكسوها ميسورو العرب وملوكهم وعامتهم بكل ما تيسر إلى أن جاء الإسلام.
وفي حجة الوداع قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بتبديل كسوة الكعبة بأقمشة يمانية، تبعه الخلفاء الراشدون حتى عهد معاوية بن أبي سفيان، وهو أول من عطر الكعبة في موسم الحج وأضاف إلى ذلك تعطيرها في شهر رجب، وقد كسا الكعبة مرتين في العام، المرة الأولى في يوم عاشوراء، والثانية استعدادا لعيد الفطر.
كان أول من كسا الكعبة بالحرير الأسود الخليفة العباسي المهدي الذي أمر بألا يوضع عليها غير ثوب واحد، بعد أن كانت الكسوة تتراكم عليها حتى كاد بناؤها يتداعى، وبعد ضعف الدولة العباسية انتقلت المسؤولية إلى سلاطين مصر، خاصة أيام الفاطميين ثم المماليك، ثم انتقل أمرها إلى العثمانيين.
وكانت كسوة الكعبة تصنع من أفضل الأقمشة الدمشقية وترسل إلى مكة من منطقة الكسوة في دمشق، ثم انتقلت صناعتها إلى مدينة تنيس المصرية، حيث بدأت صناعة الكسوة الفاخرة من الحرير وتطريزها، وتبارز الخلفاء فيها حيث كسا هارون الرشيد الكعبة مرتين في العام، وزاد عليه المأمون فكساها 3 مرات في العام.
واعتبر المصريون شرف صناعة كسوة الكعبة خاصا بهم ويجب ألا ينازعهم فيه أحد، وفي عام 751 للهجرة صنع ملك اليمن كسوة من بلاده، وتكررت المحاولات من الفرس والعراق، لكن حكام مصر أصروا على الاستمرار في صناعتها.
وخصص الملك الصالح الناصر بن قلاوون في ذلك العام وقفا في مصر لكسوة الكعبة مرة كل سنة، وتم العمل بهذا القانون بانتظام حتى عهد محمد علي، إذ نشب خلاف سياسي بسبب طرق احتفالات قافلة كسوة الكعبة، فتوقفت مصر على إثره عن تصنيع كسوة الكعبة لمدة تجاوزت 6 سنوات.
مجمع كسوة الكعبة
في العام 1927 أمر الملك عبد العزيز آل سعود بتأسيس دار كسوة الكعبة وتزويدها بآلات النسيج والتطريز التي يتم تحديثها كل عام.
وتحتوي هذه الدار على أكثر من 200 عامل، وهي تنتج كسوة الكعبة الخارجية والداخلية والكسوة الداخلية للحجرة النبوية الشريفة، وتستخدم أجود أنواع الخيوط على مستوى العالم.
ويبلغ وزن الكسوة نحو 670 كيلوغراما لتغطي الكعبة بأكملها، ويجلب الحرير الذي تصنع منه الكسوة من إيطاليا، أما الذهب والفضة اللذان يزينان قماش الكسوة فيجلبان من ألمانيا، وتقدر تكلفة الكسوة الواحدة كل عام بنحو 6 ملايين دولار لتكون بذلك أغلى ثوب في العالم.
وفي عام 1962 أمر الملك سعود بن عبد العزيز بتجهيز مصنع الكسوة المشرفة، وأسند هذه المهمة حينها إلى أخيه الملك فيصل الذي كلف وزير الحج والأوقاف حسين عرب، فقام باختيار مبنى تابع لوزارة المالية.
وفي عام 1976 انتقل مصنع كسوة الكعبة إلى مبناه الجديد بأم الجود وجهز بأحدث المكائن المتطورة في الصناعة.
أين تذهب الكسوة القديمة؟
تسلّم الكسوة القديمة في الوقت الحالي إلى لجنة من الحكومة السعودية تتولى تقطيعها إلى قطع صغيرة، ثم تقوم بتوزيعها هدايا على كبار الشخصيات والدول والسفارات في المملكة العربية السعودية.
وتعرض كسوة في جامع أولو بمدينة بورصة التركية تعود إلى عام 1517، وهي في المكان نفسه الذي أودعها فيه السلطان سليم الأول، حيث حصل عليها من مصر عقب الفتح العثماني، وتعد أقدم كسوة كاملة للكعبة موجودة بحالتها الكاملة في العالم.