النتائج 1 إلى 2 من 2
الموضوع:

التغيرات المعمارية في بغداد: هوية مفقودة

الزوار من محركات البحث: 7 المشاهدات : 167 الردود: 1
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 82,255 المواضيع: 78,935
    التقييم: 20697
    مزاجي: الحمد لله
    موبايلي: samsung j 7
    آخر نشاط: منذ 8 ساعات

    التغيرات المعمارية في بغداد: هوية مفقودة

    التغيرات المعمارية في بغداد: هوية مفقودة

    ادت التغيرات المعمارية في العراق على مدار العقدين الماضيين الي فقدان هويتها المعمارية بالاضافة الي مشكلات وتعديات عديدة شهدتها الحياة المعمارية في المدينة

    شهدت الهوية المعمارية للعراق تغيراً شاملاً في أعقاب الغزو الأمريكي عام 2003. ويثير الواقع الحضري بالعراق بعد الحرب عدة تساؤلات بخصوص التخطيط الحضري. لذلك يسعى فريق فنك إلى تناولها في ضوء التغيرات العمرانية عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويسعى هذا المقال لاستعراض التغيرات المعمارية في مدينة بغداد وتأثيرها على تفضيلات السكان إلى جانب علاقتها بالمكانة الاجتماعية والاقتصادية وانعكاساتها على جودة الحياة.
    ملخص
    كانت بغداد عاصمة الدولة العباسية ومركز الحضارة العربية الإسلامية لقرون. وكانت بوتقة ثقافية صهرت جميع مظاهر الحياة في الدولة الإسلامية وعكست نموها الطبيعي، بما في ذلك عمارتها المتميزة. مع ذلك، شهدت المدينة سلسلة من الأزمات والصراعات ومظاهر الإهمال التي أدت إلى تآكل هويتها المعمارية شيئاً فشيئاً.
    يستكشف هذا المقال التغيرات التي طرأت على بيوت بغداد على مدار العقدين الماضيين. وذلك بهدف تسليط الضوء على قيمة هويتها المعمارية، وعرض المشكلات والتعديات التي شهدتها الحياة المعمارية في المدينة منذ عام 2003، إلى جانب بيان العوامل التي ساهمت في زيادة البناء العشوائي في ضواحي بغداد واستعراض ما لذلك من آثار على مستوى المعيشة وجودة الحياة بالمدينة.

    مقدمة
    أثّرت أزمة الهوية الثقافية والمعمارية في بغداد في التفضيلات العامة، وأدت إلى تزايد التلوث البصري بالمدينة. تميزت العاصمة العراقية عبر تاريخها بالتصميمات المعمارية الجذابة ومبانيها التي تعكس تراثها الثقافي. وتميزت الضواحي السكنية دوماً برونقها المعماري والتزمت بقواعد التخطيط والبناء.
    تركزت الأضرار التي تعرضت لها بغداد في أثناء الحرب على البنية التحتية العامة والمباني الحكومية بصفة رئيسية. ورغم تضرر بعض المناطق السكنية والأثرية أيضاً، فقد نجت بغداد من الصراعات منذ 2003 مقارنةً بالمدن الكبرى الأخرى في العراق مثل الموصل.
    إلا أن السنوات التي تلت الحرب كانت لها تداعيات مدمرة لهوية المدينة التاريخية والمتميزة التي بدأت في الاندثار. إذ تراجعت العمارة التقليدية في الأحياء السكنية ليحل محلها الوحدات السكنية المجزأة التي انتشرت بفعل البناء العشوائي. وأصبح معظم الأبنية الجديدة في بغداد رديئة التصميم والتنفيذ.
    وسقطت بغداد حالياً في دوامة من الفوضى والتدهور نتيجة غياب آليات مراقبة الجودة إلى جانب سوء الإدارة والتخطيط طوال العقدين الماضيين.
    يسلط هذا المقال الضوء على هوية بغداد ومعالمها المعمارية. كما يتابع اندثار البيوت البغدادية ذات التصميمات الجذابة لتحل محلها مبان جديدة تؤثر سلباً على المظهر العام للمدينة.
    تغير المشهد الإسكاني ببغداد
    تؤدي المباني دوراً حيوياً في جميع المجتمعات. فإلى جانب دورها الأساسي في توفير المأوى واستضافة الأنشطة المختلفة، تعكس العمارة ثقافة مجتمعها وتراثه وثرواته، فضلاً عن تأثيرها في البيئة.
    وقد أدى الطلب المتزايد على السكن في بغداد إلى تغيرات حادة في النمط المعماري بالمدينة. ففقدت ضواحي المدينة على مدار سنوات لمستها المعمارية التراثية لتظهر محلها الأبنية العشوائية. وسوف يستعرض المقال في ما يلي التغيرات التي طرأت على عمارة المدينة منذ أواخر القرن التاسع عشر إلى اليوم بتفصيل أكبر.
    البيت البغدادي التقليدي ما بين عامي 1880 و1958
    ركزت البيوت البغدادية التقليدية على التصميم الداخلي. وكان المنزل عادة يتكون من طابقين: الطابق الأرضي ويتوسطه فناء مربع أو مستطيل تحيط به عدة غرف وإيوان، وهو غرفة أو رواق مربع مقعر تحيط به الجدران من ثلاث جهات بينما تتصل الجهة الرابعة المفتوحة بالفناء. أما الطابق الأول فيضم غرفاً تتصل بردهة تفضي إلى فناء فسيح ومفتوح يسمح بدخول الضوء والتهوية.
    أما واجهة البيوت التقليدية فهي أبسط لأن التركيز يكون على التصميم الداخلي. وتتكون الواجهة من جدار من الطوب يكون فيه باب البيت وبعض النوافذ الخشبية المطلة على الشارع. وعادة ما تقترن هذه النوافذ بالشناشيل أو المشربيات، وهي شرفة بارزة يغطيها الخشب المنحوت. وتوفر هذه الشرفات رؤية من الداخل فقط لتمكّن سكان البيت من رؤية الخارج دون أن تسمح للمارة بالشارع برؤية ما في المنزل.
    ويطغى اللون الأصفر الباهت المميز للطوب العراقي واللون البني المميز للشناشيل بما فيها من زجاج ملون على التصميم المعماري ببغداد.
    تراعي البيوت البغدادية القديمة تغيرات الطقس وتتعامل معها بطريقة مميزة. إذ يتسم الفناء الأوسط بجدرانه السميكة التي تحتفظ بالهواء الليلي البارد داخل المنزل. وعادة ما يكون الفرق في درجات الحرارة بين داخل المنزل وخارجه كبيراً، ويصل أحياناً إلى 20 درجة مئوية. وهذا نتيجة التصاق المنازل ببعضها من ثلاث جهات ومحدودية النوافذ الخارجية إلى جانب استخدام الأقبية والسراديب التي تنقل الهواء.
    وتجدر الإشارة إلى أن تاريخ البيوت البغدادية يُعدّ امتداداً لتاريخ العمارة السكنية منذ العصر العباسي. وكان التأثير المعماري العثماني على هذه البيوت محدوداً، إذ اقتصر أثره على المساجد. علاوة على ذلك، كانت مواد البناء المستخدمة في البيوت التقليدية هي الطوب والخشب اللذان كانا يُستخدمان منذ العصر العباسي، بينما اقتصر تأثير العمارة العثمانية على التوسع في استخدام الخشب في الطابق العلوي إضافة إلى استخدام بعض الزخارف.
    ورغم أهمية الحفاظ على تراث بغداد وهويتها المعمارية، فقد تعرّض عدد كبير من البيوت التقليدية في العراق للتدمير نتيجة الحرب والهجمات الإرهابية، ومن المؤسف أن كثيراً من البيوت الباقية يعاني الإهمال وسوء الصيانة.

    الفيلات أوروبية الطراز من 1958 إلى 2003
    شهدت العمارة التقليدية والتركيب الحضري في بغداد تحولات جذرية في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وازدادت هذه التحولات وضوحاً بعد الحرب العالمية الثانية لمكانة بغداد عاصمةً للعراق وكونها مركزاً لكثير من الأنشطة.
    وكان معظم المنازل التي بُنيت في بغداد خلال تلك الحقبة تتكون من طابق واحد أو طابقين، وتميزت ببساطة تصميمها وأناقته. وضم كل منزل حديقة أمامية أو خلفية محاطة بسياج. وبعكس منازل بغداد التقليدية، ركزت هذه المنازل على الجانب الخارجي بدلاً عن تمحورها حول الفناء الداخلي.
    كانت الدولة أول من أدخل تصميم الفيلات المستوحى من بيوت الطبقة الوسطى في الغرب ليكون النمط السائد لمنازل العراقيين. كان المنزل يتوسط قطعة من الأرض وتُستخدم المساحة الباقية للحدائق والمرأب وحرم المنزل أمام الواجهة. وتميزت هذه الفيلات بنوافذ زجاجية كبيرة تفتح إلى الخارج لأن المساحات الخارجية كانت كبيرة كفايةً للحفاظ على خصوصية الأسرة. نتيجة لذلك، لم تعد هناك حاجة إلى الشناشيل أو المشربيات.

    المنازل ذات التصميم غير المحدد من 2003 وحتى الآن
    شهدت المدن العراقية خلال العقدين الماضيين، لا سيما بغداد، أزمة إسكان متزايدة نتيجة النمو السكاني السريع، والهجرة الداخلية، والبطء في تنفيذ مشروعات الإسكان. وأدى هذا إلى زيادة الطلب على المنازل القائمة وتقليل مساحة الوحدات السكنية بها.
    وأخذت التصميمات العشوائية للمنازل تنتشر عندما بدأ مُلاك المنازل في تجزئة عقاراتهم وبيعها، لأسباب مادية في أغلب الأحيان. وفي بعض الحالات تلجأ العائلات إلى تجزئة المنزل لتلبية احتياجات أطفالهم وأسرهم المتنامية لتوفير سكن مستقل لهم دون الاضطرار إلى شراء منزل جديد.
    لذا توسع المُلاك في تجزئة وحداتهم السكنية. فقُسِّمت المنازل التي كانت مساحاتها تتراوح في الأصل بين 200 و800 م2 إلى وحدات أصغر لا تتجاوز مساحاتها 50 م2 من دون أي مراعاة لقوانين البناء.
    نتيجة لذلك، تخالف منازل كثيرة حالياً عدداً كبيراً من قوانين واشتراطات البناء، بما في ذلك الاشتراطات الخاصة بالفراغات الأمامية والجانبية، والمساحة المخصصة للمباني، والارتفاع المسموح به، وعدد الطوابق، إلى جانب البناء على حديقة المنزل أو المرأب. وأدى هذا الأمر إلى زيادة الضغط على البنية التحتية بالمدينة، وهو ما خلق بيئة حضرية غير آمنة داخل العاصمة.
    كما تؤثر هذه الممارسات تأثيراً كبيراً في تخطيط الأحياء وعمارتها، إذ تؤدي إلى تحويل منزل فسيح تتجاوز مساحته 300 م2 إلى ست وحدات صغيرة في فترة قصيرة. لذلك عادة ما يختفي الباب الوحيد للمنزل وتظهر مكانه ستة أبواب للوحدات الجديدة العشوائية.
    ولأن أغلب المواطنين يعجزون عن تحمل نفقات المعماريين أو الاستعانة بالمتخصصين في عملية التصميم والتنفيذ، انتشرت هذه الأبنية العشوائية في أنحاء المدينة. وتسبب ظهور هذه المخالفات المعمارية وكثرة أبواب المنازل في تشويه المظهر الجمالي للمدينة وزيادة العشوائية فيها.

    تمثل مدينة بسماية السكنية، الواقعة على بعد 10 كيلومترات جنوب شرق العاصمة بغداد، أولى خطوات مواجهة أزمة السكن في بغداد. فبعد تراجع مشروعات البناء والتطوير العقاري على مدار عشرين عاماً، يُعد هذا المشروع الأول من نوعه. وهو ضمن أكبر مشروعات الإسكان في العراق، إذ يضم 100 ألف منزل وسيستوعب نحو 600 ألف نسمة. وقد بدأ العمل بالمشروع عام 2013 وما يزال قيد التنفيذ.
    أثار هذا المشروع جدلاً حول العمارة في بغداد التي عانت أزمتين: أزمة اقتصادية أدت إلى توقف عملية إعادة إعمار البلاد، والأزمة الناتجة عن سنوات من الحرب والاضطراب وانخفاض جودة التعليم التي قوّضت الإبداع وقللت الاحتكاك بالابتكارات المعمارية العالمية، فضلاً عن تنفيذها.
    يقدّم المشروع خدمات البنية التحتية ويوفر مستوى معيشة أفضل مما تقدمه الأحياء السكنية في العاصمة. إلا أن التصميم المعماري للمشروع وما شهده من تحول نحو التوسع الرأسي يثير تساؤلات عديدة. فمشروع مدينة بسماية، بما يحويه من أبنية سكنية مرتفعة، لا يتماشى مع الخصائص المعمارية لمدينة بغداد ولا يمثل هوية المدينة.
    تعاني العمارة العراقية بكل أسف من فقدان للهوية نتيجة تأثر معظم المعماريين الشباب بالاتجاهات المعمارية الغربية والعمارة الحديثة. لذا تكاد تنعدم المشروعات الإنشائية التي تراعي مظاهر الهوية المحلية سواء خلال مرحلة التصميم أو التنفيذ النهائي.

    خاتمة
    توجد حاجة ماسة إلى توعية المواطنين بأهمية الهوية المحلية بكل أشكالها. ومن الضروري أيضاً توثيق التراث المعماري نظراً إلى قيمته التاريخية ودوره المحوري في تشكيل الهوية المحلية والحفاظ عليها.
    كذلك من الضروري تحديث التعليم وتطويره، لا سيما من خلال تدريس الهوية المعمارية وتطورها خلال التعليم الجامعي، بهدف تعزيز معرفة الطلاب بقيمة العمارة الإقليمية. ويجب على الدولة فوق كل شيء أن تحرص على تفعيل وتطبيق القوانين التي تساعد على وقف تعديات البناء وتآكل الهوية في واحدة من أهم المدن التاريخية على مستوى العالم.
    وأخيراً، من المهم وضع خطط لمواجهة أزمة الإسكان وإعداد حلول بهدف التوسع في المدينة لاستيعاب الزيادة السكانية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تنفيذ مشروعات الإسكان الجديدة التي تأخذ بعين الاعتبار المناخ في العراق، وتراعي خلفيات العراقيين الاجتماعية والثقافية، وتحافظ على هوية المدينة المعمارية والتاريخية الفريدة.

  2. #2
    مراقبة
    تاريخ التسجيل: January-2021
    الدولة: العراق/بغداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 15,488 المواضيع: 1,797
    التقييم: 21472
    أكلتي المفضلة: الدولمة
    موبايلي: A11
    آخر نشاط: منذ 2 ساعات
    شكرا ثامر

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال