.
هناك مثلٌ قشتاليٌ إسبانيٌ شهيرٌ يقول: "no hay tu tía" وترجمته الحرفية "لا يوجد توتيا" ، ويضرب هذا المثل عند التعثر بالمشكلات دون العثور على حل لها "يعني عند فقدان الأمل" ـفما هي توتيا tutía أو التوتيا at-tūtiyā
ورجوعاً إلى أصل الكلمة وكما هي عادة الكلمات الإسبانية البادئة بما يشبه أل التعريف، فإن هذه الكلمة "التوتيا" كما يقول الإسبان: هي اسم لدواء عند العرب
وهي مادة بيضاء يستخرج بعضها من الأحجار المعدنية، وبعضها من المواد المتراكمة على فوهات الأفران والمداخن، وتنتج عن انبعاثات بعض عمليات الإحتراق، ثم تعالج التوتيا بعد جمعها وفق الصناعة الدوائية المعتبرة
ونجد في المصادر العربية أن العرب قد استعملوها في علاج جروح أرحام النساء وكذلك في علاج السرطان المتقرح (كما ذكره أبو بكره الرازي في كتاب الحاوي)
وقد ذكر الرئيس ابن سينا بعضاً من فوائد التوتيا في كتابه القانون، فقال:
ـ أنه يجفف الرطوبات بِلَا لذع
ـ وينفع مغسوله من القروح بشكل عام، حَتَّى القروح السرطانية
ـ وهو نَافِع من وجع الْعين
ـ ويمْنَع الفضول الخبيثة المحتقنة فِي عروق الْعين
ـ ونَافِع أيضاً لقُرُوح الْمعدة والمذاكير وأورامها
وكأن الله أجرى ألطافه في هذه المادة البيضاء حتى صارت تستعمل في شفاءات كثيرة، وبصور مختلفة، فتكون غسولاً ومرهماً، وتدخل في كثير من الصناعات الدوائية حتى اليوم،
وهي مشهورة في الطب الحديث واسمها الكيميائي أوكسيد الزنك zinc oxide
إذا فـ "لا يوجد توتيا" no hay tu tía" تعني:
ليس لك أمل، كما لو قلنا لمريض: ليس لك أمل بالعلاج حتى لو استعملت مرهم التوتيا العربي
وهذا إن دل فيدل على براعة أطباء العرب، الذين صارت أسماء علاجاتهم مرادفة للأمل، لما كتب الله فيها من أمره بالشفاء والمعافاة