وحيدًا كصياد
وحيدًا إلا منه
باحثًا عن لؤلؤة في قاع بحر أمواجه تغريه بالبعيد بما وراء الزرقة، في الأبجدية سعيًا إلى المعنى اللامرئي، يمدُّ شباك عينيه غارقًا، وكأن الناظر إليه يبصره طيفًا، يتشكل كما النص في يديه على هيئة كائن، يملأ حيزًا من الفراغ.

وباتساع أفقه، ذلك المخزون الذي يتقاطع مع صياد، يصغي إلى الحس الغائب عن الواقع، يتحسس صنارة في عالم أراده يحتويه.

يخلق من هذه اللحظات أكثر من "سيناريو"، عبر التخيل، عبر شقلبة الحدث الممكن حدوثه، أو اللاممكن في قالب ممكن، وما بينهما يغرس سنبلة المعنى، أو يقطف السنبلات.

اليقظة في دلالتها الواقعية لا تعنيه نسبيًا، بقدر أن اللايقظة تعنيه، يكتبها ليس ككاتب تعنيه المعاني في ظاهر دلالتها، ولكنه يستشرف صنع دلالة من اللامرئي، يسعى الآخر إلى تركيبها؛ لينثر ما انساب منها على وعيه الإدراكي.


هو يستنطق البحر، تجيء كل الأشياء تلامسه، تستفز حواسه، تتمكن منه، تشده كجاذبية كي يقاسمها الجاذبية.

وهو عيناه تحدق، الوغول عمقًا، التيه في المعنى، ثمة جاذبية هنا، تتكسر على وقعها زجاجة بقربه، لا يشعر بأنين صوتها، كل ما يشعر به ذلك الطنين الذي يرعشه، جاهدًا يحاول الإمساك به، وكأن الصياد في داخله ينتظر اللحظة المشتهاة، ليبصر في أعماق روحه، ها قد تمكنت منها أخيرًا، حتى ينتابه الشعور بأن شيئًا ما قد أفلت من يديه، ليعيد ما ابتدأه بشيء من الشيء الذي اصطاده آنفًا.