عطور الرجل هذا الشتاء.. مغلفة بالدفء
بخور ومسك وفلفل وردي لتأثير طويل وقوي
لندن
أريج الأزهار والورود وعبق العنبر والبخور والمسك وشذا الأخشاب الثمينة وغيرها لا تؤثر على نفسية ومزاج المرأة فحسب، بل حتى الرجل، الذي لم يعد يقتصر على ماء الكولونيا كما في السابق، وأصبحت شركات التجميل والعطور تتوجه له بنفس القدر تقريبا الذي تتوجه به إلى المرأة. الدليل هو هذا الكم الهائل من العطور التي تطرحها في كل موسم، وتخاطب كل الأذواق والشخصيات والمناسبات. فهناك مثلا عطور للرجل الرومانسي، وأخرى للروحاني، وغيرها للعملي أو الكلاسيكي، وهلم جرا. ويلاحظ أنه منذ أن دخلت المرأة مجالات العمل بكل ثقلها لتنافسه في وظائف كانت حكرا عليه سابقا، ومنذ ظهور الرجل «الميتروسكشوال»، وهو يدخل في منافسات جانبية مع الجنس الناعم فيما يتعلق بإقباله على تحسين مظهره ومزاجه وتلميع صورته، وفي الوقت ذاته خلق انطباع إيجابي لدى الآخر. وهذا ما يمنحه له العطر إذا تم اختياره بعناية، لكونه يعزز ثقته بنفسه، كما يحفزه على النجاح، انطلاقا من قناعته بأن المزاج العالي ينعكس على طريقة تعامله مع الآخرين، التي تكون في الغالب إيجابية. لكل هذا، توصلت شركات العطور إلى أنها يجب أن تتوجه إلى الرجل لخلق نوع من المساواة، لا سيما أنه بشر له أحاسيس ومشاعر، مثل المرأة تماما، وبالتالي ينجذب إلى عطور من شأنها أن توقظ بداخله ذكرى عزيزة على قلبه، كما يميل لا شعوريا إلى عطور تعبر عن ميوله وما يريد أن يخلفه من انطباع لدى الآخرين. وهذا ما ركزت عليه الكثير من بيوت الأزياء والعطور في آخر إصداراتها المثيرة التي جمعت فيها الروحاني بالحسي، والعملي بالمبتكر، والكلاسيكي بالعصري، ونذكر منها «بلو دو شانيل» Blue de Chanel، و«نارسيسو رودريغيز» Narciso Rodriguez، و«سيتي دو لويفي» Septe، و«بلاي» Play من «جيفنشي»، و«تير ديرميس» Terre D›Hermes من «هيرميس»، وكلها عطور يكمن سحرها في أنها لا تتبخر سريعا وتخلف تأثيرا قويا لدى الآخرين.
* استخدم المصريون القدماء العطر على شكل البلسم في المراسم والمناسبات الدينية، كما استخدموه، في أوقات لاحقة، في مراسم الزواج والاستعداد للمعاشرة.
* استخدم المر والبخور في الاحتفالات الدينية خصوصا، بينما كانت نباتات مثل الزهر والنعناع توضع في الزيوت لاستخلاص دهانات زكية خاصة بالجسم.
* يمكن القول إن أواخر القرن التاسع عشر كانت الحقبة الحقيقية لصناعة العطور، بفضل التقدم في مجال الكيمياء العضوية. في هذه الفترة حلت منتجات العطور الصناعية محل بعض المواد والمركبات غالية الثمن التي يصعب العثور عليها.
* في بداية القرن العشرين أصبحت بلدة غراس الواقعة في إقليم بروفانس الفرنسي (في الجنوب) مركزا لزراعة الزهور والأعشاب العطرية وعاصمة صناعة العطور بلا منازع، فمنها تولد أزكى العطور التي نعرفها اليوم. وكانت البداية فيها طريفة، إذ كان يوجد بها مصنع جلود كبير، يخلف رائحة قوية وكريهة، مما جعل الرجال الذين يعملون في المدابغ يلجأون إلى استعمال خلاصة زهر البرتقال، التي كانت تنمو في البلدة، لتلطيف الرائحة التي تعلق في أنوفهم وأجسادهم. كانت هذه بذرة صناعة العطور.
* يعتبر البخور من أهم مكونات العطور الفخمة، فقد كان يحتل في القديم نفس المكانة التي يحتلها الماس حاليا، وهذا ما يؤكده المؤرخ بليني الذي كتب أن العمال في هذا المجال كانوا ملزمين بـ«خلع ملابسهم قبل مغادرة المركز، مخافة سرقة بعض هذا العطر النفيس».
* «بلو دو شانيل».. للرومانسي المتمرد
* بعد مرور 11 عاما على طرح الدار عطرها الرجالي «الير بور أوم» الرياضي، طرحت دار «شانيل» عطرها الجديد «بلو» الذي يتميز بنوع من الصراع المثير بين الانتعاش والقوة، وبين الأناقة والتمرد على المتعارف عليه. خلطته مكونة من الأخشاب الثمينة والمعطرة التي تفتح الأبواب لنغمات أخرى مثل الحامض والغريب فروت، والفلفل الوردي، والزنجبيل، والنعناع، وجوز الطيب، والفيتفير، والياسمين، والبخور، والبتشولي، وخشب الصندل. ورغم هذه الخلطة الغنية والمتنوعة، فإن الجميل فيه أنه لا يزكم الأنف منذ الوهلة الأولى، بل يتغلغل في الأحاسيس بهدوء لذيذ ليسكنها طويلا ويجعل من الصعب الاستغناء عنه.
* «بلاي» من «جيفنشي».. للـ«بلاي بوي» العصري
* كل ما فيه يجسد الحلم والنجاح، بدءا من وجهه جاستن تيمبرلايك، المعروف بجرأته واستعداده لدخول أي تحد، إلى خلاصاته التي تتراقص على إيقاعات موسيقية صاخبة، يغلب عليها خشب الأميريس الدافئ الذي لا يتبخر عبقه سريعا. وهو خشب يعرفه سكان جزر الكاريبي جيدا ويستعملونه منذ زمن قديم بطريقتهم، قبل أن توظفه دار «جيفنشي» في عطر مترف وحيوي. إلى جانب خشب الأميريس، يتميز أيضا بنغمات من المسك الخفيف وأخشاب الصندل والأرز، كما لم تغب الأزهار عنه، فهي تسجل وجودها عبر خلاصات زهرة التياريه، وزهرة البرتقال وأوراق الماغنوليا والبتشولي، وزهرة السحلب، إلى جانب خلاصات العنب الوردية، والدراق الأبيض، والبرغموت، والبازيلا العطرة ولبان جاوا.
* «سييتا».. للروحاني والقوي
* «سييتا»، أي رقم 7 من دار «لويفي» الإسبانية من العطور المثيرة هذا العام. عطر كما يدل اسمه يجمع سبعة مكونات دقيقة، كل واحد منها يمثل قيمة من قيم العطر وفلسفته، بدءا من كلاسيكيته التي تنبع من أعماقه، أو من حداثته التي لا تتوقف عن مفاجأتنا بقدرتها على إعادة ابتكار شذاه مع مرور كل دقيقة، من دون أن ننسى إيحاءاته الروحانية القوية. فأول ما ينبعث من قارورته الزرقاء عند فتحها رائحة البخور المدغدغة للأعصاب، لكنه أيضا عصري يلعب على التناقضات، مثل مفهومي القوة والنعومة بمزجه البخور والأخشاب الثمينة بالأزهار المنعشة التي تشمل الورد وزنبق الوادي وعشبة «نيرولي» المغربية، إلى جانب أرز الأطلس المغربي والمسك ونجيل الهند والتفاح الأحمر.
* «نارسيسو رودريغيز».. مسك في مسك
* عندما أطلق المصمم الأميركي نارسيسو رودريغيز عطره لأول مرة بعدد محدود في عام 2009، لم يكن يتوقع له كل هذا النجاح، مما شجعه على تأليف سيمفونية جديدة منه معززة هذه المرة بنسبة أكبر من المسك مع لمسات سخية من عبير الأزهار، مثل السوسن إلى جانب الفلفل الوردي ليضفي عليه قوة.
* «تير ديرميس».. المقبل على الحياة
* «تير ديرميس» عاصفة من الروائح معبأة في قارورة صغيرة. فيه تصرخ خلاصات الفواكه الحمضية الطازجة مع رائحة التراب إلى جانب الفلفل والجيرانيوم وخشب الأرز والبتشول ونجيل الهند. خلاصات مترفة تجعل الدم يسري في عروقك وتميزك عن الباقين.
* «أزارو أليكسير».. الشرقي الغامض
* يعتبر من العطور الشرقية بغموضه وإثارته وقوته، وهو ما يحتاج إليه الرجل كلما انخفضت درجات الحرارة. يعتبر نسخة متطورة ومتجددة من العطر الأساسي، لكنه جاء هذه المرة مدعوما بالعنبر، لإكسابه بعض الغموض والسحر الرجولي، بالإضافة إلى البرغموت واللافندر والورد والجيرانيوم والطحلب وخلاصات أخرى تنعشه، مثل الليمون والمندرين.