لبنان بين ملف النزوح السوري والورقة الفرنسية
دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي إلى جلسة لمناقشة المواقف من الهِبة الأوروبية في 15 من الجاري.
وهذه الدعوة لم تأتِ من العدم، بل استجابة لطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من برّي تحديد جلسة نيابية لمناقشة قضية المليار يورو ووقف ما سماه «الاستغلال السياسي الحاصل في البلد في هذا الملف»، وذلك بعدما اشتدت الحملة عليه واتهمته بقبول «رشوة» أوروبا مقابل إبقاء النازحين السوريين في لبنان.
وفيما كلّ الملفات اللبنانية أصبحت تحت تأثير نيران الجبهة الجنوبية، باستثناء الجواب الرسمي على الورقة الفرنسية، والذي أعاد الفرنسيين إلى صيغة القرار 1701، الذي نصّ على عدم وجود أيّ سلاح من دون موافقة الحكومة اللبنانية وعدم وجود أيّ سلطة غير تلك التي تمارسها، بدا واضحاً، على المستوى الداخلي، أن التداعيات والمفاعيل للضجة الواسعة المتصاعدة التي تركها إعلان الاتحاد الأوروبي.
يوم الخميس الفائت، عن هِبة المليار يورو للبنان، لن تقف عند حدود، وسط اتساع الهوّة إلى مدى غير مسبوق بين السلطة الحكومية وداعميها من جهة، والقوى المعارضة من جهة مقابلة.
وعليه، بدا المشهد اللبناني منقسماً بالتوازي بين الموجات التصعيدية الميدانية في الجنوب من جانب، وبين التوتر الآخذ بالاتساع حيال ملفّ النازحين السوريين من جانب آخر.
والذي سجّل مزيداً من التفاعل السياسي والتحركات ذات الصلة من جانب المعارضة. وتترقّب الأوساط المعنية كشف مضمون الردّ اللبناني على الورقة الفرنسية لتهدئة الوضع في الجنوب، الذي يفترض أن يكون برّي قد أرسله إلى السفارة الفرنسية، بعدما وضعه وأنجزه بالتنسيق مع ميقاتي و«حزب الله». وفي المعلومات، فإن الردّ اللبناني تضمّن ضرورة تطبيق القرار 1701 بكلّ مندرجاته وإلزام إسرائيل به.
وأن البند المتعلّق بتراجع «حزب الله» إلى جنوب الليطاني غير قابل للتنفيذ. علماً أن هذه الورقة تتضمّن 3 مراحل: وقف العمليات الحربية، إعادة النازحين اللبنانيين والإسرائيليين إلى قراهم، وبدء مفاوضات شبيهة بتفاهم أبريل 1996، يكون خطياً، ومضموناً من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة.
«النزوح».. و«بروكسل 8»
ولليوم السادس على التوالي، بقي ملفّ النزوح السوري متقدّماً على الورقة الفرنسيّة بشأن الجنوب والقرار 1701، وشغل الاهتمام الرسمي خلال زيارة الساعات الـ6 للوفد الأوروبي الرفيع المستوى لبيروت، يوم الخميس الفائت، وما نتج عنها من إعلان عن مساعدةٍ للبنان بمليار يورو على مدى 4 سنوات، وهو ما قرأت فيه غالبية اللبنانيين تأجيلاً للبحث الجدّي في عودة النازحين حتى عام 2027.
وبدا من غرائب الواقع السياسي الداخلي أن الهبة فجرت الانقسامات والسجالات الداخلية حولها أكثر من الثقل المخيف لأكثر من مليوني نازح سوري في لبنان، وذلك إلى حدّ دفع البعض إلى وضعها في خانة «الصفقة».
وربطاً بهذا الملفّ، بادر ميقاتي إلى نقل «العاصفة» من مرمى الحكومة إلى مرمى مجلس النواب.
أما الحكومة، فاتجهت لدحض هذه التخمينات، عبر تأكيد أوساطها لـ«البيان» أن «طرحاً حاسماً» ستحمله معها إلى «مؤتمر بروكسل 8»، في 27 مايو الجاري.
والمخصّص لدعم مستقبل سوريا والمنطقة. وفي المعلومات، فإن الطرح الحكومي ينضوي على مطلب إعادة تقييم الوضع في سوريا، وتصنيف المناطق بين الآمنة وغير الآمنة. وبالتالي، تحديد من تنطبق عليه صفة اللجوء، والمهاجر الاقتصادي والمقيم غير الشرعي. وبعد ذلك تقديم بيانات إضافية بشأن مواعيد دخول اللاجئين السوريين إلى لبنان.