حققنا أحلامنا في الحياة والآن نكافئ أمّنا وأبانَا!
القارئ الكريم والقارئة الكريمة: أنا وأنتم آباء وأمهات وأجداد وجدات نحلم - ويحقّ لنا أن نحلم - بما يكون عليه أبناؤنا وبناتنا وأسعد لحظات حياتنا حين تصبح الأحلام حقيقة في الخارج. أحلامنا وآمالنا بنجاح أبنائنا وبناتنا عصارة حياتنا؛ لا شيء يشغلنا عنها. أرجو أن يكون في الأبناء والبنات من يفكر: الآن كبرت وعندي مال وحققت أحلامي وحان دور مكافأة والدي!

ابني العزيز وابنتي العزيزة: فكر لحظات قبل أن تجيب! هل حققتَ أحلامكَ وحدك؟ أم أن نصيب الأسد كان من جهد وعرق ومال أمكَ وأبيك؟ تمر الأيام والليالي ونحن في سباتٍ وغفلة أن الأب وإن كان غنيًّا يحب الهدية من الأبناء والبنات. وإن كانت الأم تملك إمبراطورية ضخمة هدية بريالات من الأبناء والبنات تسعدها وتفرحها أيّما فرحة!

لا تقل والدي يملك شركة رأس مالها ملايين الريالات، غنيّ لا يفكر في عطية صغيرة مني. أمي طبيبة أو مدرسة راتبها الشهري يفيض عن حاجتها فلا تشتهي هدية منى! أعظم وأجمل الهدايا من الأبناء لأن الهدية على قدر المحبة وليست على قدر المال!


تفوقتَ في الدراسة، نجحت في العمل، كوّنتَ أسرة، أصبح لديك أصدقاء، تعلمتَ أساسيات دينك وسيرتكَ طيبة بين الناس، الآن حان وقت المكافأة! أيام الحج قريبة جدًّا فهل فكرت أن تهديهما حجة إلى بيت الله الحرام أو زيارة إلى المدينة المنورة؟ ما رأيك أن تصحبهمَا أنت أيضًا؟ يا فيلسوف: أنا لا أستطيع الحج وأنت تقول لي خذ والديك إلى الحج؟ إذن، ما رأيك لو أهديتهمَا هدية في العيد وطلبت منهما أن يدعوا لك بالحج؟ أبي الفاضل وأمي أيتها السيدة الجميلة أنا أشكركما وأشتاق إليكمَا. أطلب منكما الدعاء أن نذهب جميعًا في سفرة حج أو زيارة في السنة المقبلة!

أغلب الآباء والأمهات -بل كلهم- لا ينتظرون أن يحملهم الأبناء فوق أكتافهم ويطوفون بهم حول الكعبة أو يعولونهم ماديًا. يكفي الآباء والأمهات ألا يشعرون بوحشة الإهمال. إذا ليس لديك مال فلا تحزن، والداك خير عاذر. ما أسهل رضا الوالدين! مطالبهما قليلة ورضاهما سريع، يفرحان بأقل مساعدة وما أعجب إلا من الذي يستصعب رضا الوالدين ويَستعظمه! حتى بعد موتهما ليس مستحيلًا الحصول على رضاهما وإن كان في الدنيا أجمل وأسعد! يكفي والديك فخرًا أن تتفوق في دراستك، أن تحصل على عمل، أن تكوٍن أسرة، أن تكون فردًا صالحًا لديك أصدقاء طيبون!

أغلبنا ينتظر والديه أن يصبحا عجوزين، يقضيان أوقاتهما بين المشفى والبيت وهنا تحين لحظة البر والشفقة! لا تنتظر وادْعُ الله أن يقضيا العمر كله دون مشفى وعكاز. لا تنتظر حتى يكونا طريحين في زوايا البيت والنسيان فحينئذ فات وقت المكافأة!