علماء يحاولون استخدام طائر الفرقاطة لرصد الأعاصير



صورة أرشيفية
مكسيكو سيتى (د ب أ)


من المعروف لدى العلماء أن الحيوانات أكثر قدرة على التعرف على قوى الطبيعة وكوارثها من الإنسان، فأحيانا يصبح الماعز فى منحدرات جبل "إتنا" فى جزيرة صقلية مضطربا قبل أن ترصد أجهزة البشر اقتراب اندلاع نشاط بركانى، لذلك فإن علماء من معهد ماكس بلانك الألمانى فى جزيرة إسلا كونتوى المكسيكية يدرسون الآن إمكانية الاستعانة بطائر الفرقاطة أو البارجة للتنبؤ بقرب وقوع أعاصير وتحديد مسار هذه الأعاصير.

تعيش الفرقاطات فى أسراب ومن السهل التعرف عليها من خلال ذيلها المتشعب والطويل، بالإضافة إلى أجنحتها الطويلة غير العريضة.

وتدل الأقدام الصغيرة لهذا الطائر والتى تكاد تكون بدون جلد، بالإضافة إلى ريشها الخالى من أى طبقة شمعية على أن هذا الطائر لا يحب الغوص، بل إن هذا الطائر ليس من الطيور التى تعوم ولا يجيد التعامل مع الماء، ولكنه يمتلك مقابل ذلك ميزات أخرى أبهرت العلماء.

من هذه المميزات أن الفرقاطات تجيد الألعاب البهلوانية الرائعة فى الهواء، مما يجعلها قادرة على التقاط طعامها من الأسماك الموجودة على سطح الماء أثناء طيرانها بسرعة فائقة بشكل شبه لصيق بسطح الماء، كما تمثل هذه الطيور خطرا على السلاحف البحرية حديثة الفقس.

وهناك أسباب أخرى تجعل الفرقاطات مكروهة من أقرانها من الطيور، حيث يعتبرونها بمثابة قراصنة الهواء لأنها تخطف منهم فرائسهم التى اصطادوها لتوهم بعد تعب ونصب، وهذا هو السبب وراء تسمية هذه الطيور بالفرقاطات، فالفرقاطات أو البوارج كانت من قبل سفن حربية صغيرة مهيئة للهجوم على السفن الأخرى فى عرض البحار.

ويسعى علماء الطيور الآن للاستفادة من كون الفرقاطات طيورا فائقة السرعة، وأنها تقضى جزءا كبيرا من وقتها فى الهواء.

كيف تتصرف الفرقاطات عند اقتراب الأعاصير؟ هل تشعر برياحها قبل أن ترصد المحطات الجوية هذه الرياح؟ وماذا تفعل بالضبط عندما ترصد هذه الرياح؟ وهل يستطيع الإنسان التعرف على هذا السلوك والاستفادة، مما يمكن تسميته الإنذار المبكر لها؟ إنها أسئلة كثيرة تحتاج للإجابة قبل أن يصبح الإنسان قادرا على الاستفادة من هذه الطيور فى هذا الاتجاه.

لاختبار قدرات هذه الطيور قام علماء من معهد ماكس بلانك الألمانى، بالتعاون مع زملاء لهم فى المكسيك بتزويد سبعة من هذه الطيور بأجهزة تتبع ورصد، ويمكن اعتبار هذه الأجهزة بمثابة "صندوق أسود" على غرار الجهاز الذى يسجل تفاصيل الرحلات الجوية والبحرية، ويستطيع هذا الجهاز رصد كل حركة من حركات هذه الطيور.

ومن المنتظر أن يزود الباحثون المزيد من هذه الطيور بهذه الأجهزة قبل حلول موسم المطر والأعاصير فى يونيو المقبل، وذلك لتسجيل حركاتها بدقة وتفصيل "ونحاول من خلال ذلك معرفة ما إذا كان يمكن الاعتماد على طائر الفرقاطة لاستشعار اقتراب إعصار أو لرصد وقوع أى أحداث طبيعية" حسبما أوضح عالم الطيور، مارتن فيكلسكى، مدير قسم هجرة الطيور بمعهد ماكس بلانك.

وليست الفرقاطات طيورا ماهرة وفائقة السرعة فقط بل إنها قادرة على قطع مسافات طويلة "فهذه الطيور مثلها مثل بقية الطيور ذات الأجنحة الطويلة تعلق حياتها كلها على الرياح"، حسبما أوضح خوسيه فرانسيسكو ريمولينا، مدير الحديقة البرية بمدينة ايسلا كونتوى فى المكسيك مضيفا: "تمتلك هذه الطيور قدرة خاصة على استغلال التيارات الهوائية ودرجات الحرارة فى طيرانها مع استهلاك أقل قدر ممكن من الطاقة أثناء هذا الطيران، لذلك فإن طائر الفرقاطة مؤشر جيد جدا يمكن الاعتماد عليه فى معرفة اقتراب الأعاصير".

يحاول العلماء باستخدام أجهزة الرصد المرفقة بهذه الطيور معرفة كيف يتسنى لها التحليق على ارتفاع يصل إلى ألفى متر. كما سيقيس العلماء سرعة هذه الطيور لمعرفة ما إذا كانت هذه الطيور ترفرف بأجنحتها أثناء الطيران على هذا الارتفاع أم أنها تكتفى بإرسال هذه الأجنحة فى الهواء والاعتماد فى طيرانها على قوة الريح. نستطيع من خلال إنشاء قاعدة بيانات خاصة بأساليب طيران الطيور على هذه الارتفاعات وربطها بالظروف الجوية السائدة أثناء استخدام هذه الأساليب معرفة كيفية تصرف الطيور فى ظروف الطقس المختلفة، عندها يمكن لنا أن نتنبأ بهذه الظروف عندما نرى تغيرا معينا فى سلوكها لندرك أنها تعرفت على قرب وقوع أحداث غير معتادة للطبيعة