غواصو البحرية الأميركية في لحظة استعادة المركبة أوريون بعد هبوطها بنجاح قبل عدة أشهر (رويترز)
في الأمتار الأخيرة من سباق العودة إلى سطح القمر بعد غياب استمرّ أكثر من 50 عاما، تكشف وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"عن بعض المشاكل الخطيرة التي تتعلّق في مركبتها الفضائية "أوريون".
وورد في مسودة صدرت عن مكتب المفتش العام للوكالة مطلع هذا الشهر أنّ الرحلة التجريبية لمركبة أوريون في أولى مهماتها أرتميس-1، كشفت عن تشوّهات في الدرع الحراري للمركبة، وانصهار لبراغي التثبيت، وخلل في كيفية توزيع الطاقة الحرارية على السطح والتي تمثّل جميعها تهديدات حقيقية على سلامة الطاقم.
ويضيف التقرير أن إيجاد حل لهذه المشاكل من شأنه تأخير موعد الرحلة المرتقبة لمهمة أرتميس-2 والتي كان من المقرر أن تكون في نهاية عام 2025.
كما أنّ الفريق المعني بإجراء دراسة مكثّفة، وجد أكثر من 100 منطقة على الدرع الحراري قد تآكلت بطريقة مختلفة عمّا كان متوقعا في أثناء عودة المركبة الفضائية ودخولها الغلاف الجوّي للأرض.
وفي الفيديو المصوّر الذي أصدرته الوكالة في ديسمبر/كانون الأول 2023 أثناء عودة المركبة الفضائية وتعرضها لدرجات حرارة عالية بسبب الاحتكاك مع الغلاف الجوّي؛ شُوهِد تعرض الدرع الحراري للتفحم والاحتراق بشكل يناقض النماذج الحاسوبية الدقيقة، كما أنّ بعض الأجزاء المتفحمة المتطايرة أصابت نوافذ المركبة الفضائية، وهو ما يعني أنّ الدرع الحراري لم يقم بعمله كما يجب.
ويعد الدرع الحراري الجزء المسؤول عن حماية المركبة الفضائية من انتقال الحرارة العالية إلى أجزائها الداخلية، ويتكوّن السطح الخارجي للدرع الحراري من مادة تسمى "أفكوت"، وهي مصممة للاحتراق عند 2760 درجة مئوية.
تعرّض بعض أجزاء الدرع الحراري للمركبة للتفحّم والتآكل، في حين بقي جزء آخر سليما نسبيا (ناسا)
وفي مؤتمر صحفي عُقِد في التاسع من يناير/كانون الثاني الماضي، تناول أميت كشاتريا نائب المدير المساعد لبرنامج "من القمر إلى المريخ" التابع لناسا، مشكلة الدرع الحراري وما يترتب عليه من تأخير في الجدول الزمني من برنامج أرتميس.
وقال كشاتريا: "لقد شاهدنا انحسارا غير طبيعي لبعض الأجزاء المتفحمة التي انفصلت عن الدرع الحراري، وهو ما لم نكن نتوقعه إطلاقا. علما أنّ الدرع الحراري مكوّن من مادة متآكلة -أي أنّها قابلة للتفحم- لكن ليس على هذا النحو.
وإضافةً إلى معالجة مشكلة التفحم غير المنضبط، تعمل ناسا على إجراء بعض التعديلات على توزيع البراغي التي تربط بين كلٍ من كبسولة الطاقم ووحدة الخدمة، على أمل تجنّب أي حالات انصهار أو تآكل غير مرغوب بها.
كما أشار التقرير أيضا إلى وجود اختلال في النظام الكهربائي للمركبة الفضائية والذي أثّر سلبا على كيفية توزيع الطاقة في جميع أنحاء المركبة الفضائية.
وتشمل المشاكل الأخرى المذكورة في التقرير فقدان الاتصال لمدة 4.5 ساعات حينما انقطع التواصل مع إحدى وحدات "شبكة ناسا لمراقبة الفضاء العميق"، كما تعرضت منصة الإطلاق لبعض الأضرار غير المتوقعة نتيجة إطلاق مهمة أرتميس-1، وهو ما يتطلّب عملية إعادة تأهيل.
ولا يزال أمام وكالة الفضاء أكثر من عام لتحديد كيفية معالجة هذه المشاكل المذكورة حتى الرحلة المقبلة، إلا أنّ مكتب المفتش العام يصرّ على أنّ الأمر سيستغرق وقتا أطول، ذلك لإجراء كافة التدقيقات والتحقيقات لجميع عمليات التطوير والاختبار تجنبا لأي مخاطر قد تصيب الطاقم.
وكان من المقرر أن يكون موعد مهمة أرتميس-2 نهاية العام المقبل، إلا أنّ أيّ تأجيل سيطرأ، من شأنه تأخير عودة روّاد الفضاء إلى سطح القمر في مهمة أرتميس-3 حتى نهاية عام 2026 على أقل تقدير.