ماذا يريد الإمام الصادق (ع) من شيعته في هذا العصر؟
في ذكرى استشهاد الإمام الصادق (ع) ماذا يريد منا الإمام نهتم به ونحرص على تأديته؟
مقدمة:
إن الإمام الصادق (ع) انفتحت عليه فرص الدعوة في نشر تعاليم السماء، واخضرت الجنان في بث علوم الدين والدنيا فاتخذ من قبر جده المصطفى (ص) منبراً ليهدي الناس إلى الطريق المستقيم، ويدعوهم لعبادة الرحمن الجليل، وليذكرهم بما ينفعهم من أمر دينهم ودنياهم.
ولكن كان هناك هم أكبر يعمل عليه الإمام الصادق (ع) هو تزكية أرواح أصحابه وترويض نفوسهم على التقوى وحسن الخلق والكف عن المحارم صغيرها وكبيرها.
نجد ذلك جلياً إذا جلس بين أصحابه وهو يوصيهم
فعن سليمان بن مهران قال: دخلت على الصادق وعنده نفر من الشيعة فسمعته وهو يقول: معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم، وكفوها عن الفضول وقبيح القول [1] .
وهنا نستفيد من هذه الرواية ماذا يريد منا الإمام الصادق (ع) أرواحنا فداه.
يرد منا:
1- يقول مولانا «معاشر الشيعة كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا» أن نكون أفضل الناس أخلاقاً وعلماً وعملا وحلما وورعا وتقوى كي يفتخر بنا إمامنا أرواحنا فداه، ونكون مصداقاَ لقوله (ع): عن زيد الشحام أنه قال: ”يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم، صلوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية رحم الله جعفر ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه، وإذا تركتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية فعل الله بجعفر ما كان أسوأ ما يؤدب أصحابه“. [2]
2- ويقول (ع) «قولوا للناس حسنا، واحفظوا ألسنتكم» أن نخالط الناس بالكلمة الطيبة والمعاملة الحسنة بالصدق وأداء الأمانة ولين الجانب والسباق إلى المكارم.
3- أن نترك المحرمات صغرت أم كبرت ولا نبيع ديننا لأصحاب الشهوات والأهواء وهنا جمرة تحرق كل مؤمن غيور، فقد عادت بعض مظاهر الفساد في الأعراس حتى باتت الناس تستغرب هل تغيرت أحكام الله أم الناس اتبعت الشهوات، ورجعت مجالس اللهو والطرب فيها، وضاع الحجاب واختلط الحرام بالحلال.
فالمؤمن يتجرع غصص الألم؛ مما يحدث لمن يسمونهم شيعة جعفر بن محمد الصادق (ع). فكيف بقلب إمامنا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه.
4- ويقول (ع) «وكفوها عن الفضول وقبيح القول».
كثرة الأخطاء والوقوع في والأهواء وابتعاد كثير من الناس عن طاعة الله ورسوله وأهل بيته (عليهم السلام) فهناك من يضلل الناس باسم الدين وأهل البيت (عليهم السلام) مستغلاً عواطفهم وولاءهم الصادق الصافي ومنهم من ينشر الفساد تحت مسمى الفاكهة والتسلية والتفاهة، ومنهم من يجد نفسه عاجزاً عن أن يحجب نساءه الحجاب الشرعي تحت مسمى الانفتاح والحرية. وهناك من أصبح لسانه يفوح الفساد منه بكل صورة من كذب وبهتان ونميمة وغيبة وحسد وأقوال بذيئة يستحي منها الغيور المؤمن ووو.
هل هذا ما يريده مولانا الصادق (ع)؟ هل هذا الزين الذي حثنا عليه؟
فعلينا أن نرحم قلوب أهل البيت ونحفظ أمانتهم قبل فوات الأوان، ولا نسود وجهه ونسيء إليه بأفعالنا وأقوالنا.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وأستغفر الله وأتوب إليه والعاقبة للمتقين وقد حذرنا ربنا في كتابه العزيز من هذا الظلم لأنفسنا بقوله
{فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} [الروم - الآية 57].
الهوامش:
[1] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج 68 - الصفحة 310.
[2] من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق - ج 1 - الصفحة 383.