النتائج 1 إلى 5 من 5
الموضوع:

رسالة فيما يحرم قوله من العبارات مما انتشر وشاع بين كثيرٍ من الناس

الزوار من محركات البحث: 9 المشاهدات : 705 الردود: 4
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من اهل الدار
    ادارية سابقة
    تاريخ التسجيل: November-2012
    الدولة: بغــــــــــــــداد
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 48,535 المواضيع: 8,156
    صوتيات: 85 سوالف عراقية: 13
    التقييم: 23426
    مزاجي: صامته.. و لم اعد ابالي
    المهنة: مصورة شعاعية
    أكلتي المفضلة: شوربة عدس .. وعشقي لليمون
    آخر نشاط: 1/June/2024
    مقالات المدونة: 206

    رسالة فيما يحرم قوله من العبارات مما انتشر وشاع بين كثيرٍ من الناس

    بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:
    فإن الله قد منَّ على عباده بنعمة اللسان، وجعله آلة الكلام، فبه يتحدثون، وبه يتواصلون، وبه يتذاكرون ، ومع هذا فقد يجرُّ اللسان على صاحبه الويلات، ويوردُه من جهنم أدنى الدركات إن لم يحفظ لسانه، وما أكثرُ الذنوبِ إلا من هذا اللسان، وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال " الفم والفرج "(جيد،أخرجه الترمذي وابن ماجه)، وسأل معاذ بن جبل النبي صلى الله عليه وسلم فقال " يا نبي الله وإنا لمؤاخذون مما نتكلم به ؟ فقال " ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟!"(صحيح، أخرجه الترمذي وابن ماجه).

    احـفظ لســانك أيهـا الإنســـــان --- لا يلــــدغـنـــك إنـــه ثعــبـــان
    كـم فـي المقابر مـن قتيل لسـانه --- كـانت تخــاف لقـاءه الشــجعان

    ومما يؤسف له أن كثيراً من الناس لا يلتفت إلى فلتات لسانه، ويتحدّث بما قد يكون فيه هلاكه وشقاؤه، حتى فشا بين الناس كلامٌ كثير مما قد يصل به إلى الكفر الأكبر، وهو مع هذا غافلٌ عما وقع فيه من الخطر الكبير، والإثم العظيم.
    من أجل ذلك رأيت أن أقدِّم رسالةً في أكثر العبارات شيوعاً بين الناس مما لا يجوز التلفظ به بحالٍ من الأحوال، ولقد قمت بجمع ما طرق سمعي منها في كثيرٍ من المواقف، واستعنتُ بما جمع غيري ممن سبقني إلى ذلك جزاهم الله خيراً، كما قمت بتوضيح حقيقة هذه العبارات وبيان حكمها وسبب حرمتها، وأبدأ بأولها وهو:

    1
    - الحلف بغير الله، كالحلف بالشَّرف والأمانة والنبي والأم والأب والكعبة وغير ذلك.
    والحلف بغير الله شركٌ، وقد نهى عنه نبينا صلى الله عليه وسلم فقال " لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون"(حسن، أخرجه أبو داود والنسائي)، وقال صلى الله عليه وسلم " ألا من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله" فكانت قريش تحلف بآبائها، فقال " لا تحلفوا بآبائكم" (أخرجه البخاري ومسلم )، وقال صلى الله عليه وسلم " من حلف بالأمانة فليس منَّا "(صحيح، أخرجه أبو داود3255)، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنا الحلف بغير الله شرك كائناً ما يكون فقال " من حلف بغير الله فقد أشرك " (صحيح، أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي ).
    ومن وقع في هذا المحذور فعليه الكفَّارة، وكفارة الحلف بغير الله أن تقول ( لا إله إلا الله )، قال صلى الله عليه وسلم " من حلف فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق " ( أخرجه البخاري ومسلم ).

    2
    - الدعاء بقول ( اللهم إنا لا نسألك ردَّ القضاء ولكن نسألك اللطف فيه ).
    والدعاء بهذا القول محرَّم، لأنه يتعارض مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه "إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيءٌ أعطاه "(أخرجه البخاري ومسلم)، وفي الدعاء المذكور أعلاه لا يعزم الداعي على الله كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل ولا يسأله فيه أن يردَّ هذا القضاء، فلو أن الله قدّر عليه المرض، فكأنه يقول: اللهم إني لا أسألك الشفاء ولكن أسألك أن تهوِّنه علي، والأصل أن يدعو الله بالشفاء، وأن يأخذ بالأسباب المعينة على ذلك، وهذا هو المعلوم من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك فالدعاء بهذا القوم أعظم مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من ( اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت )[1].
    ويغني عنه ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشداً " (صحيح، أخرجه أحمد وابن ماجه ) وما ذكره أبو هريرة رضي الله عنه قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء. قال سفيان وهو أحد رواة الحديث: الحديث ثلاث زدت أنا واحدة لا أدري أيتهن هي.( أخرجه البخاري)[2].

    3
    - قول ( لا حول لله يا رب ).
    من الأخطاء التي تنتشر على ألسنة العامة قول ( لا حول لله يا رب ) وهي عبارةٌ تنفي الحولَ عنه سبحانه، والذي هو التحوُّل من حال إلى حال، ثم يتوجَّه بهذا النفي إلى الرب، وكأنه يخاطب إلهين اثنين، والمعنى من هذا التركيب الغريب لا يكاد يكون مفهوماً، والعبارة الصحيحة التي وردت في السنة هي ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) وتسمى الحوقلة اختصاراً، وهي كنز من كنوز الجنة، قال صلى الله عليه وسلم " يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة فقلت بلى يا رسول الله قال قل لا حول ولا قوة الا بالله " ( أخرجه البخاري ومسلم ).
    وهي كلمة عظيمة تعني أنه لا تحوُّل من حالٍ إلى حال، ولا قدرة على ذلك إلا بالله سبحانه، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية " فلفظ الحول يتناول كل تحول من حال إلى حال والقوة هي القدرة على ذلك التحول ؛ فدلت هذه الكلمة العظيمة على أنه ليس للعالم العلوي والسفلي حركة وتحول من حال إلى حال ولا قدرة على ذلك إلا بالله . ومن الناس من يفسر ذلك بمعنى خاص فيقول : لا حول من معصيته إلا بعصمته . ولا قوة على طاعته إلا بمعونته . والصواب الذي عليه الجمهور هو التفسير الأول وهو الذي يدل عليه "[3].

    4
    - الحوقلة عند المصيبة.
    الحوقلة كلمة عظيمة تقال إذا دَهَمَ الإنسانَ أمرٌ عظيم لا يستطيعه ، أو يصعب عليه القيام به[4]، ولا تقال عند المصيبة، بل هذا من الأخطاء الشائعة، والذي ينبغي قوله عند المصيبة ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) لقوله تعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة156).

    ومن المواضع التي تقال فيها (لا حول ولا قوة إلا بالله ) ما يلي[5] :
    إذا تقلب في الليل :
    فعن عبادة ابن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ وصلى قبلت صلاته" (أخرجه البخاري 1154 )

    إذا قال المؤذن حي على الصلاة أو حي على الفلاح :
    فعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال أشهد أن محمدا رسول الله قال أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة " (رواه مسلم 385، وأبو داوود527).

    إذا خرج من بيته :
    فعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال - يعني - إذا خرج من بيته: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كفيت، ووقيت، وتنحَّى عنه الشيطان "(أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، والنسائي، وأبو داود وزاد: فيقول له شيطان آخر:كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي).

    بعد الصلاة :
    فعن أبي الزبير قال: كان ابن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون " وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة" (أخرجه مسلم).

    5
    - سبُّ الديك بقول ( يلعن ديكك ) وما أشبهها من عبارات
    وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سبِّ الديك فقال " لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة " (حسن، أخرجه أبو داود )، وقال صلى الله عليه وسلم " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاً وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا "(أخرجه البخاري ومسلم).

    6
    - سبُّ الزمان والتاريخ واليوم والساعة ونحو ذلك.
    نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سبِّ الدَّهر فقال " قال الله: يسبُّ بنو آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار"(أخرجه البخاري ) وفي رواية " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر"(أخرجه مسلم ).

    هذا الحديث يبين حرمة سبِّ الزمان، كما يبيِّن أن المصائب والابتلاءات التي تحدثُ ليس للزمان فيها تدبير، بل هي من تقدير الله سبحانه لحكمةٍ شاءها، والزمانً وما فيه من أقدارٍ مخلوقات لا حيلة لها، فمن قام بسبِّ الزمان فكأنما اعترض على الله سبحانه مقدِّرِ الأقدار ومقلِّب الليل والنهار، وهذا يتنافى مع الصبر الواجب في تلك الحال، يقول صلى الله عليه وسلم " إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط "(حسن، أخرجه الترمذي وابن ماجه).

    7
    - حلف الطلاق، كأن يقول ( عليَّ الطلاق إن لم أفعل كذا ) أو ( عليَّ الطلاق لأفعلنَّ كذا ) ونحو ذلك.
    وحلف الطلاق أمرٌ بالغ الخطورة، فإن كان بعبارته يقصد إيقاع الطلاق إن لم يفعل، ثم لم يفعل؛ فقد وقع الطلاق، وإن كان قصده الحلف وهو يكره وقوع الجزاء عند الشرط، فهذا حالف، وتلزمه كفارة اليمين[6].

    8
    - قول ( الدنيا على كفِّ عفريت )
    يتفوَّهُ بعضهم بهذه العبارة عندما يتوقع حدوث أمرٍ عظيم، وهذه العبارة من عبارات الكفر، لأن قائلها ينسب التدبير والتقدير للعفريت، وينفيه عن الله سبحانه، الله سبحانه بيده الأمر كله، وإليه يعود الأمر كله، يقول سبحانه (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)(الأعراف54)، ويقول سبحانه (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر67).

    9
    - قول ( مال عيسى ومال موسى ) و ( صل على كمشة أنبياء ) ونحو ذلك.
    هذه العبارات كفرٌ يخرج قائله عن ملَّةِ الإسلام، لما فيه توهينٍ لمقام الأنبياء والمرسلين، وتقليلٍ من شأنهم، وسوءِ أدبٍ عند ذكرهم، واستهزاءٍ بهم، قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) (التوبة65-66).

    10
    - قول ( لو إنو نبي ما كلمته ) و ( لو يحط يده بيد نبي ما كلمته ) ونحو ذلك.
    يقال في هذه العبارات ما قيل في سابقاتها، فهي كفرٌ يخرج قائله من الإسلام لما فيه من سوء أدبٍ عند ذكر الأنبياء، ولما فيه من تقليلٍ لشأنهم، وتوهينٍ لمقامهم عليهم أفضل الصلاة والسلام.

    11-
    إطلاق النكات بذكر الجنة والنار والملائكة والأنبياء وغير ذلك.
    إن إطلاق النكات بذكر هذه الأمور؛ وحياكة القصص والطرف المضحكة حولها؛ كفرٌ يخرج صاحبه عن ملَّة الإسلام، لما فيه من استهزاءٍ بالدين وأركانه، قال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ، لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ) (التوبة65-66).

    12
    - قول ( بعطي اللحمة للي ما إلو أسنان ) ونحو ذلك.
    هذه العبارة كفر بالله سبحانه، حيث تنسب إلى الله سوء التقدير عند توزيع الأرزاق، وكأن قائلها أخبر وأبصر من الله سبحانه في ذلك، والله سبحانه يقول (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (العنكبوت62).
    ويقول سبحانه (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا) (الإسراء30) فالله سبحانه يوسِّع الرزق ويبسطه لمن يشاء من عباده، ويقدره ويضيقه على من يشاء، فهو خبيرٌ بما يصلحهم في الدنيا والآخرة، بصيرٌ بتدبيرهم وسياستهم، قال الطبري " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إن ربك يا محمد يبسط رزقه لمن يشاء من عباده، فيوسع عليه، ويقدر على من يشاء، يقول: ويُقَتِّر على من يشاء منهم، فيضيِّق عليه( إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا ): يقول: إن ربك ذو خبرة بعباده، ومن الذي تصلحه السعة في الرزق وتفسده؛ ومن الذي يصلحه الإقتار والضيق ويهلكه (بصيراً): يقول: هو ذو بصر بتدبيرهم وسياستهم، يقول: فانته يا محمد إلى أمرنا فيما أمرناك ونهيناك من بسط يدك فيما تبسطها فيه، وفيمن تبسطها له، ومن كفها عمن تكفها عنه، وتكفها فيه، فنحن أعلم بمصالح العباد منك، ومن جميع الخلق وأبصر بتدبيرهم"[7].

    13- قول (رزق الهبل على المجانين).
    هذه العبارة من العبارات التي تخالف العقيدة، فالرزق من عند الله وحده، يقول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذاريات58).

    14-
    قول ( لا برحم ولا بخلي رحمة ربنا تنزل ).
    هذه العبارة كسابقتها يحرم التلفظ بها لما فيها من الكفر بالله تعالى، فالله سبحانه له القدرة المطلقة، ينزل رحمته على عباده ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، يقول تعالى (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(فاطر2)[8].

    15-
    قول ( شاءت الأقدار ) و ( شاءت الظروف ) و( شاءت عناية الله ) و(شاءت القدرة الإلهية) ونحو ذلك.
    هذه العبارات كفرً لما فيها من نسبة المشيئة للأقدار، ونفيها عن الله سبحانه، والله خالق الأقدار ومقدِّرها، والأقدار مخلوقةٌ لا تحدث إلا بأمر الله ومشيئته، يقول تعالى (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)(الزمر 62) وقال سبحانه (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ، وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (التكوير28-29).

    16-
    قول أحدهم عند العزاء ( يسلم رأسك ).
    وهي عبارة خاطئة لا ينبغي ذكرها، لقول الله تعالى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) (العنكبوت57)، ولن يسلم أحدٌ من الموت.

    17- قول ( لا حياء في الدين ).
    هذه العبارة مما شاع بين الناس بكثرة، وهي عبارة خاطئة، لقوله صلى الله عليه وسلم " الحياء شعبة من الإيمان"(أخرجه البخاري ومسلم) وقوله صلى الله عليه وسلم " الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار"(حسن، أخرجه الترمذي).

    والصحيح أن يقال ( لا حياء في طلب العلم ) لقول مجاهد " لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبِر" وقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها " نِعْمَ النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين"[9].

    18-
    قول ( ذهب إلى مثواه الأخير ).
    يقولها بعضهم عند أخذ الجثة إلى القبر، أو عند دفنه أو بعده، وهي عبارة خاطئة، فالقبر ليس آخر منازل الإنسان، بل أولُ منازل الآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم " إن القبر أول منازل الآخرة . فإن نجا منه فما بعده أيسر منه . وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه"(حسن، أخرجه الترمذي وابن ماجه).

    19-
    قول بعضهم ( ليش يا رب) و ( والله ما يستاهل) و ( ليش أنا من بين الناس) ونحو ذلك.
    هذه العبارات كفرٌ يخرج صاحبه عن الإسلام، لما فيها من اعتراضٍ على أقدار الله، واتِّهاماً له بالظلم سبحانه، واتِّهاماً لحكمته في أفعاله، يقول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (يونس44) وقال سبحانه (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء40) وقال سبحانه (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)(الإنسان 30).

    20-
    قول ( توكلت على الله وعليك ) ونحوها.
    وهي عبارة خاطئة، بل هي من العبارات المحرمة لما فيها من الشرك بالله، والأصل أن يقال ( توكلت على الله ثم عليك) فالتوكل على الله عبادة قلبية، أما التوكل على الناس فهو من باب الأخذ بالأسباب.
    وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا فقال " لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان"(صحيح، أخرجه أبو داود وابن ماجه).

    21-
    قول ( الله يظلم اللي ظلمني) و ( الله يجور عليك ).
    وهذا من الكفر، فالله سبحانه منزَّهٌ عن الظلم، قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (يونس44) وقال سبحانه (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) (النساء40).
    وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا " (أخرجه مسلم).

    22-
    قول (يا محمد) و( يا رسول الله الشفاعة) ومثله (يا علي) و(يا حسين) ونحو ذلك.
    وهذا يعدُّ من الشرك الأكبر المنافي لتوحيد العبادة، فالاستغاثة والاستعانة عباداتٌ لا يجوز صرفها لغير الله، فلا يستغاث بنبيٍّ ولا وليٍّ ولا ملكٍ، لقوله تعالى (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر60)، وقوله سبحانه (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(الفاتحة5)، وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" (حسن، أخرجه الترمذي).
    هذه جملةٌ من العبارات التي تنتشر على الألسنة، والتي ينبغي على المسلم أن يتجنبها ويحذر منها، لما في أكثرها من الكفر، ولما فيها من عبارات محرمة توبِقُ قائلها، ومما يجدُر التنبيه عليه أن من قال شيئاً مما ذُكِرَ في هذه الرسالة من العبارات الكفريَّة مكرهاً أو جاهلاً فإنه لا يكفر لخفاء معناها على كثيرٍ من قائليها، ولا يكفرُ قائلُ هذه العبارات إلا بتعمُّدِ قولها بعد معرفةِ معناها وحُكمِها وقيامِ الحجَّة عليه.

    هدى الله المسلمين لكلِّ خيرٍ، ووفَّقهم لما يحبُّ ويرضى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله ربِّ العالمين.


    *مراجع هامة للتوسع في هذا الباب:
    1- معجم المناهي اللفظية للشيخ بكر أبو زيد.
    2- المناهي اللفظية للشيخ محمد بن صالح العثيمين.

    كتبه: سامح عبد الإله عبد الهادي
    المحاضر في جامعة النجاح الوطنية


  2. #2
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: August-2012
    الدولة: العراق
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 2,413 المواضيع: 31
    التقييم: 280
    مزاجي: مبتسمه
    المهنة: طالبه جامعيه
    موبايلي: Galaxy S4
    آخر نشاط: 29/April/2023
    شكرااا ورداية للطرح القيم

  3. #3
    من اهل الدار
    ادارية سابقة
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مروش مشاهدة المشاركة
    شكرااا ورداية للطرح القيم
    اهلا حبيبتي مرووووشه
    نورتي الموضوع بمرورك العطر

  4. #4
    في ذمة الخلود
    ابو مصطفى
    تاريخ التسجيل: August-2012
    الدولة: العراق
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 8,028 المواضيع: 865
    صوتيات: 7 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 3679
    مزاجي: الحمد لله
    مقالات المدونة: 7
    في الفقرة 22 من الموضوع ذكرت تحريم طلب الشفاعة من النبي وال بيته الاطهار ف الشيعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب يقولون في دعاء التوسل
    ( بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، محمد صلى الله عليه وآله، يا أبا القاسم، يا رسول الله، يا إمام الرحمة، يا سيدنا ومولانا، انا توجهنا واستشفعنا وتوسلنا بك الى الله، وقدمناك بين يدي حاجاتنا يا وجيها عند الله، اشفع لنا عند الله،) فأين الكفر والآشراك في هذا الدعاء ف السؤال لله سبحانه وتعالى والتوجيه اليه سبحانه لاللنبي ولالاهل بيته وانما الشيعة بدعائهم يقدمون الرسول واهل بيته في دعائهم انظري هذه الاقوال
    (. قال الاِمام أبو حفص النسفي : والشفاعة ثابتة للرسل والاَخيار في حق أهل الكبائر بالمستفيض من الاَخبار خلافاً للمعتزلة.
    وقد أيّد التفتازاني في شرح العقائد النسفية هذا الرأي وصدّقه دون أي تردّد وتوقف.
    قال الطبرسي في تفسيره : إنّ الاَُمّة أجمعت على أنّ للنبي شفاعة مقبولة ، وان اختلفوا في كيفيتها ، فعندنا هي مختصة بدفع المضار وإسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبي الموَمنين ، وقالت المعتزلة : هي في زيادة المنافع للمطيعين والتائبين دون العاصين ، وهي ثابتة عندنا للنبي ولاَصحابه المنتجبين والاَئمّة من أهل بيته الطاهرين ولصالح الموَمنين ، وينجي اللّه تعالى بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين ، ويوَيده الخبر الذي تلقته الاَُمّة بالقبول وهو قوله : « ادّخرت شفاعتي لاَهل الكبائر من أُمّتي » وما جاء في روايات أصحابنا رضي اللّه عنهم ـ مرفوعاً إلى النبي ـ أنّه قال : « إنّي أشفع يوم القيامة فأُشفّع ، ويشفع علي ( عليه السلام ) فيشفّع ، ويشفع أهل بيتي فيشفّعون ، وإنّ أدنى الموَمنين شفاعة ليشفّع في أربعين من إخوانه كل قد استوجب النار » وقوله تعالى مخبراً عن الكفار عند حسراتهم على الفائت لهم مماحصل لاَهل الاِيمان من الشفاعة ( فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم ).
    وقال أيضاً : أصل الشفاعة من الشفع الذي هو ضد الوتر ، فإنّ الرجل إذا شفع بصاحبه فقد شفعه أي صار ثانيه ، ومنه الشفيع في الملك لاَنّه يضم ملك غيره إلى ملك نفسه ، واختلفت الاَُمّة في كيفية شفاعة النبي يوم القيامة ، فقالت المعتزلة ومن تابعهم : يشفع لاَهل الجنّة ليزيد اللّه درجاتهم. وقال غيرهم من فرق . ونظري هذا القول
    قال الاِمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الاِسكندري المالكي في كتابه الانتصاف فيما تضمّنه الكشاف من الاعتزال :
    وأمّا من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها ، وأمّا من آمن بها وصدّقها وهم أهل السنّة والجماعة فأُولئك يرجون رحمة اللّه ، ومعتقدهم أنّها تنال العصاة من الموَمنين وإنّما ادّخرت لهم ، وليس في الآية دليل لمنكريها ، لاَنّ قوله : ( يوماً ) في قوله : ( واتّقُوا يَوْماً لا تَجزِي نَفْسٌ عَن نفسٍ شَيئاً ولا يُقبلُ مِنها شَفاعَة ) أخرجه منكراً ، ولا شك أنّ في القيامة مواطن ، يومها معدود بخمسين ألف سنة ، فبعض أوقاتها ليس زماناً للشفاعة ، وبعضها هو الوقت الموعود ، وفيه المقام المحمود لسيد البشر ، عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد وردت آي كثيرة ترشد إلى تعدّد أيامها واختلاف أوقاتها ، منها قوله تعالى : ( فَلا أنسابَ بَينهُمْ يَومئذٍ ولاَ يتساءلُون ) مع قوله : ( وأقبلَ بَعضُهُمْ على بعضٍ يتساءلُون ) فيتعين حمل الآيتين على يومين مختلفين ، ووقتين متغايرين ، أحدهما محل للتساوَل والآخر ليس له ، وكذلك الشفاعة ، وأدلة ثبوتها لا تحصى كثرة ، ورزقنا اللّه الشفاعة ».
    وقال الزمخشري أيضاً في تفسير قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ ) ( لا بيع فيه ) حتى تبتاعوا ما تنفقونه و ( لا خلّة ) حتى يسامحكم أخلاّوَكم به ، وإن أردتم أن يحط عنكم ما في ذمتكم من الواجب لم تجدوا شفيعاً يشفع لكم في حط الواجبات ، لاَنّ الشفاعة ثمّة في زيادة الفضل.
    وقال صاحب الانتصاف : أمّا القدرية فقد وطّنوا أنفسهم على حرمان الشفاعة ، وهم جديرون أن يُحرموها ، وأدلّة أهل السنّة على إثباتها للعصاة من الموَمنين أوسع من أن تحصى ، وما أنكرها القدرية إلاّ لاِيجابهم مجازاة اللّه للمطيع على الطاعة وللعاصي على المعصية ، إيجاباً عقلياً ـ على زعمهم ـ فهذه الحالة في إنكار الشفاعة نتيجة تلك الضلالة.
    وعلى أي تقدير ، فالحاصل من المناظرة التي دارت بين الفريقين هو اتفاق الاَُمّة الاِسلامية على الشفاعة وان اختلفوا في تفسيرها.
    قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ) تمسّكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لاَهل الكبائر ، وأجيبوا بأنّها مخصوصة بالكفار ، للآيات والاَحاديث الواردة في الشفاعة.
    ويوَيده أنّ الخطاب هنا مع الكفار ، والآية نزلت ردّاً لما كانت اليهود تزعم أنّ آباءهم تشفع لهم.
    . قال الفتّال النيسابوري ـ الذي هو أحد علمائنا في القرن السادس الهج ـ ري ـ : لا خلاف بين المسلمين أنّ الشفاعة ثابتة ، إلاّ أنّ أصحاب الوعيد ـ وهم المعتزلة ـ قالوا : مقتضاها زيادة الثواب والدرجات. وقلنا مقتضاها : إسقاط المضار والعقوبات.
    . يقول الرصاص ـ الذي هو من علماء القرن السادس الهجري ـ في كتابه « مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم » : إنّ شفاعة النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم يوم القيامة ثابتة قاطعة.
    . قال الرازي في تفسير قوله : ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ).
    أجمعت الاَُمّة على أنّ لمحمد ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) شفاعة في الآخرة ، وذهبت المعتزلة إلى أنّ تأثير الشفاعة هو حصول الزيادة من المنافع على قدر ما استحقوه ، غير إنّ الحق هو ما اتفقت عليه الاَُمّة من أنّ تأثير الشفاعة هو إسقاط العذاب عن المستحقين للعقاب ، إمّا بأن يشفع لهم في عرصة القيامة حتى لا يدخلوا النار ، أو إن دخلوا النار فيشفع لهم حتى يخرجوا منها ويدخلوا الجنّة ، واتفقوا على أنّها ليست للكفار.
    قال المحقق الطوسي : والاِجماع على الشفاعة ( أي الاِجماع قائم على ثبوت الشفاعة ) وقيل لزيادة المنافع ، ويبطل منّا في حقه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم
    يريد بقوله : « يبطل » انّ الشفاعة لو كانت لطلب زيادة المنافع لكنّا شافعين للنبي ، لاَنّا نطلب زيادة المنافع وهو مستحق للثواب ، والتالي باطل ، لاَنّ الشفيع أعلى مرتبة من المشفوع له ، وهنا ليس كذلك.
    ثم استدل المحقق الطوسي على الشفاعة بالحديث المروي : « ادّخرت شفاعتي لاَهل الكبائر من أُمّتي ».
    . وقال العلاّمة الحلّي في شرحه لعبارة المحقق الطوسي : اتفقت العلماء على ثبوت الشفاعة للنبي ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) ويدل عليه قوله تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قيل انّه الشفاعة ، واختلفوا فقالت الوعيدية : إنّها عبارة عن طلب زيادة المنافع للموَمنين المستحقين للثواب. وذهبت التفضلية إلى أنّ الشفاعة للفسّاق من هذه الاَُمّة في إسقاط عقابهم وهو الحق.
    ويقول أيضاً في كتابه « نهج المسترشدين » : يجوز العفو عن الفاسق ، لاَنّه ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) ثبت له الشفاعة ، وليست في زيادة المنافع ، وإلاّ لكنا شافعين فيه ، فثبت في انتفاء المضار وإسقاط العقوبة.
    قال ابن تيمية الحراني الدمشقي : للنبي في القيامة ثلاث شفاعات ـ إلى أن قال ـ وأمّا الشفاعة الثالثة فيشفع في من استحق النار ، وهذه الشفاعة له ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) ولسائر النبيّين والصدّيقين ، وغيرهم في من استحق النار أن لا يدخلها
    ويشفع في من دخلها.
    ثم قال : وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء والاِثارة من العلم المأثور عن الاَنبياء وفي العلم الموروث عن محمد صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم.
    وله رسالة أُخرى أسماها بالاستغاثة ، وقد اعتبر فيها المعتزلة والخوارج الذين أنكروا الشفاعة بمعناها المعروف ، وهو إسقاط العقوبة ، أهل ضلال وبدعة ، وقال : وأمّا من أنكر ما ثبت بالتواتر والاِجماع فهو كافر بعد قيام الحجة.
    . وقال ابن كثير الدمشقي ـ في تفسير قوله سبحانه : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ ) ـ : هذا من عظمته وجلاله ، وكبريائه عزّ وجلّ أنّه لا يتجاسر أحد على أن يشفع لاَحد عنده ، إلاّ بإذنه له في الشفاعة ، كما في حديث الشفاعة عن الرسول ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) : « آتي تحت العرش فأخرّ ساجداً ، فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني ثم يقال : ارفع رأسك وقل تسمع ، واشفع تشفّع ، قال : فيحدّ لي حداً فأُدخلهم الجنة ».
    . قال نظام الدين القوشجي في شرحه على شرح التجريد : اتفق المسلمون على ثبوت الشفاعة لقوله تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) وفسّر بالشفاعة.
    ثم أشار إلى اختلاف المعتزلة والاَشاعرة في معنى الشفاعة واختار المذهب المعروف فيها.
    قال الفاضل المقداد : في شرحه منهج المسترشدين : وأمّا ثبوت الشفاعة فلوجوه : الاَوّل : الاِجماع ، والثاني قوله تعالى : ( استغفر لذنبك وللموَمنين وللموَمنات ) والفاسق موَمن لِما يجىَ فوجب دخوله في من يستغفر له النبي.
    . قال المحقق الدواني : الشفاعة لدفع العذاب ورفع الدرجات حق لمن اذن له الرحمان من الاَنبياء ( عليهم السلام ) ، والموَمنين بعضهم لبعض لقوله تعالى : ( يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً )
    . قال الشعراني في المبحث السبعين : إنّ محمداً هو أوّل شافع يوم القيامة وأوّل مشفّع ، وأولاه فلا أحد يتقدم عليه. ثم نقل عن جلال الدين السيوطي : انّ للنبي يوم القيامة ثمان شفاعات ، وله ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) يوم القيامة ثمان شفاعات ، وثالثها في مَنْ استحق دخول النار أن لا يدخلها.
    . قال العلاّمة المجلسي : أمّا الشفاعة فاعلم أنّه لا خلاف فيها بين المسلمين بأنّها من ضروريات الدين ، وذلك بأنّ الرسول يشفع لاَُمّته يوم القيامة ، بل للاَُمم الاَُخرى ، غير أنّ الخلاف إنّما هو في معنى الشفاعة وآثارها ، وهل هي بمعنى الزيادة في المثوبات أو إسقاط العقوبة عن المذنبين؟
    وخصّها المعتزلة والخوارج بالمعنى الاَوّل ، قائلين : بأنّه يجب عليه سبحانه أن يفي بوعيده في موارد العقاب ، وليس بإمكان الشفاعة أن تنقض هذه القاعدة المسلّمة. والشيعة ذهبت إلى أنّ الشفاعة تنفع في إسقاط العقاب ، وان كانت ذنوبهم من الكبائر ، ويعتقدون أيضاً بأنّ الشفاعة ليست منحصرة في النبي والاَئمّة من بعده بل للصالحين أن يشفعوا بعد أن يأذن اللّه لهم بذلك.
    وقال محمد بن عبد الوهاب موَسس المذهب الوهابي ( راجع الهدية السنية الرسالة الثانية : 42)وثبتت الشفاعة لنبينا محمد يوم القيامة ولسائر الاَنبياء والملائكة والاَولياء والاَطفال حسبما ورد ، ونسألها من المالك لها والآذن فيها بأن نقول : اللهم شفّع نبينا محمداً فينا يوم القيامة. أو اللّهم شفّع فينا عبادك الصالحين ، أو ملائكتك ، أو نحو ذلك مما يطلب من اللّه لا منهم. إلى أن قال : إنّ الشفاعة حق في الآخرة ، ووجب على كل مسلم الاِيمان بشفاعته ، بل وغيره من الشفعاء ، إلاّ أنّ رجاءها من اللّه فالمتعيّن على كل مسلم صرف وجهه إلى ربّه فإذا مات استشفع اللّه فيه نبيّه.
    ويظهر من أكثر كلماته أنّه معتقد بأصل الشفاعة ، ولكن اختلافه مع غيره من المسلمين في طلبها ، فذهب إلى أنّه لا يطلب إلاّ من اللّه لا من الشفعاء. (1)
    . وقال السيد شبّر : اعلم أنّه لا خلاف بين المسلمين في ثبوت الشفاعة لسيد المرسلين في أُمّته ، بل في سائر الاَُمم الماضين ، بل ذلك من ضروريات الدين ، قال اللّه تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) وإنّما اختلف في معناها ، فالذي عليه الفرقة المحقة وأكثر العامة : أنّ الشفاعة كما تكون في زيادة الثواب كذلك تكون لاِسقاط العقاب عن فسّاق المسلمين المستحقين للعذاب. والخوارج والمعتزلة : على أنّها لا تكون إلاّ في طلب زيادة المنافع للموَمنين المستحقين للثواب. ولكن الاَدلة النقلية والعقلية تبطل مذهبهم في الواقع.
    (التخاطب العرفي ، وأمّا مذهب الخلف فلنا أن نحمل الشفاعة فيه على أنّها دعاء يستجيبه اللّه تعالى ، والاَحاديث الواردة في الشفاعة تدل على هذا ، ثم ذكر حديثاً من الصحيحين ، وقال في الهامش بمثل هذا « أي دعاء يستجيبه اللّه تعالى » قال شيخ الاِسلام ابن تيمية وغيره ولم يعدّوه تأويلا.تفسير المنار : 1/307)
    فعلينا لاناخذ بالكلام ظاهره وانما يجب البحث والاستدلال بالادلة في ما نقرأء وننظر براي جميع العلماء من كل المذاهب والفرق حتى نصل الى الحقيقة لاننا محاسبون على مانقول امام الله سبحانه وتعالى

  5. #5
    من اهل الدار
    ادارية سابقة
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غسان العراقي مشاهدة المشاركة
    في الفقرة 22 من الموضوع ذكرت تحريم طلب الشفاعة من النبي وال بيته الاطهار ف الشيعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب يقولون في دعاء التوسل
    ( بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، محمد صلى الله عليه وآله، يا أبا القاسم، يا رسول الله، يا إمام الرحمة، يا سيدنا ومولانا، انا توجهنا واستشفعنا وتوسلنا بك الى الله، وقدمناك بين يدي حاجاتنا يا وجيها عند الله، اشفع لنا عند الله،) فأين الكفر والآشراك في هذا الدعاء ف السؤال لله سبحانه وتعالى والتوجيه اليه سبحانه لاللنبي ولالاهل بيته وانما الشيعة بدعائهم يقدمون الرسول واهل بيته في دعائهم انظري هذه الاقوال
    (. قال الاِمام أبو حفص النسفي : والشفاعة ثابتة للرسل والاَخيار في حق أهل الكبائر بالمستفيض من الاَخبار خلافاً للمعتزلة.
    وقد أيّد التفتازاني في شرح العقائد النسفية هذا الرأي وصدّقه دون أي تردّد وتوقف.
    قال الطبرسي في تفسيره : إنّ الاَُمّة أجمعت على أنّ للنبي شفاعة مقبولة ، وان اختلفوا في كيفيتها ، فعندنا هي مختصة بدفع المضار وإسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبي الموَمنين ، وقالت المعتزلة : هي في زيادة المنافع للمطيعين والتائبين دون العاصين ، وهي ثابتة عندنا للنبي ولاَصحابه المنتجبين والاَئمّة من أهل بيته الطاهرين ولصالح الموَمنين ، وينجي اللّه تعالى بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين ، ويوَيده الخبر الذي تلقته الاَُمّة بالقبول وهو قوله : « ادّخرت شفاعتي لاَهل الكبائر من أُمّتي » وما جاء في روايات أصحابنا رضي اللّه عنهم ـ مرفوعاً إلى النبي ـ أنّه قال : « إنّي أشفع يوم القيامة فأُشفّع ، ويشفع علي ( عليه السلام ) فيشفّع ، ويشفع أهل بيتي فيشفّعون ، وإنّ أدنى الموَمنين شفاعة ليشفّع في أربعين من إخوانه كل قد استوجب النار » وقوله تعالى مخبراً عن الكفار عند حسراتهم على الفائت لهم مماحصل لاَهل الاِيمان من الشفاعة ( فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم ).
    وقال أيضاً : أصل الشفاعة من الشفع الذي هو ضد الوتر ، فإنّ الرجل إذا شفع بصاحبه فقد شفعه أي صار ثانيه ، ومنه الشفيع في الملك لاَنّه يضم ملك غيره إلى ملك نفسه ، واختلفت الاَُمّة في كيفية شفاعة النبي يوم القيامة ، فقالت المعتزلة ومن تابعهم : يشفع لاَهل الجنّة ليزيد اللّه درجاتهم. وقال غيرهم من فرق . ونظري هذا القول
    قال الاِمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الاِسكندري المالكي في كتابه الانتصاف فيما تضمّنه الكشاف من الاعتزال :
    وأمّا من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها ، وأمّا من آمن بها وصدّقها وهم أهل السنّة والجماعة فأُولئك يرجون رحمة اللّه ، ومعتقدهم أنّها تنال العصاة من الموَمنين وإنّما ادّخرت لهم ، وليس في الآية دليل لمنكريها ، لاَنّ قوله : ( يوماً ) في قوله : ( واتّقُوا يَوْماً لا تَجزِي نَفْسٌ عَن نفسٍ شَيئاً ولا يُقبلُ مِنها شَفاعَة ) أخرجه منكراً ، ولا شك أنّ في القيامة مواطن ، يومها معدود بخمسين ألف سنة ، فبعض أوقاتها ليس زماناً للشفاعة ، وبعضها هو الوقت الموعود ، وفيه المقام المحمود لسيد البشر ، عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد وردت آي كثيرة ترشد إلى تعدّد أيامها واختلاف أوقاتها ، منها قوله تعالى : ( فَلا أنسابَ بَينهُمْ يَومئذٍ ولاَ يتساءلُون ) مع قوله : ( وأقبلَ بَعضُهُمْ على بعضٍ يتساءلُون ) فيتعين حمل الآيتين على يومين مختلفين ، ووقتين متغايرين ، أحدهما محل للتساوَل والآخر ليس له ، وكذلك الشفاعة ، وأدلة ثبوتها لا تحصى كثرة ، ورزقنا اللّه الشفاعة ».
    وقال الزمخشري أيضاً في تفسير قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالكافِرُونَ هُمُ الظّالِمُونَ ) ( لا بيع فيه ) حتى تبتاعوا ما تنفقونه و ( لا خلّة ) حتى يسامحكم أخلاّوَكم به ، وإن أردتم أن يحط عنكم ما في ذمتكم من الواجب لم تجدوا شفيعاً يشفع لكم في حط الواجبات ، لاَنّ الشفاعة ثمّة في زيادة الفضل.
    وقال صاحب الانتصاف : أمّا القدرية فقد وطّنوا أنفسهم على حرمان الشفاعة ، وهم جديرون أن يُحرموها ، وأدلّة أهل السنّة على إثباتها للعصاة من الموَمنين أوسع من أن تحصى ، وما أنكرها القدرية إلاّ لاِيجابهم مجازاة اللّه للمطيع على الطاعة وللعاصي على المعصية ، إيجاباً عقلياً ـ على زعمهم ـ فهذه الحالة في إنكار الشفاعة نتيجة تلك الضلالة.
    وعلى أي تقدير ، فالحاصل من المناظرة التي دارت بين الفريقين هو اتفاق الاَُمّة الاِسلامية على الشفاعة وان اختلفوا في تفسيرها.
    قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ ) تمسّكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لاَهل الكبائر ، وأجيبوا بأنّها مخصوصة بالكفار ، للآيات والاَحاديث الواردة في الشفاعة.
    ويوَيده أنّ الخطاب هنا مع الكفار ، والآية نزلت ردّاً لما كانت اليهود تزعم أنّ آباءهم تشفع لهم.
    . قال الفتّال النيسابوري ـ الذي هو أحد علمائنا في القرن السادس الهج ـ ري ـ : لا خلاف بين المسلمين أنّ الشفاعة ثابتة ، إلاّ أنّ أصحاب الوعيد ـ وهم المعتزلة ـ قالوا : مقتضاها زيادة الثواب والدرجات. وقلنا مقتضاها : إسقاط المضار والعقوبات.
    . يقول الرصاص ـ الذي هو من علماء القرن السادس الهجري ـ في كتابه « مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم » : إنّ شفاعة النبي صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم يوم القيامة ثابتة قاطعة.
    . قال الرازي في تفسير قوله : ( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ).
    أجمعت الاَُمّة على أنّ لمحمد ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) شفاعة في الآخرة ، وذهبت المعتزلة إلى أنّ تأثير الشفاعة هو حصول الزيادة من المنافع على قدر ما استحقوه ، غير إنّ الحق هو ما اتفقت عليه الاَُمّة من أنّ تأثير الشفاعة هو إسقاط العذاب عن المستحقين للعقاب ، إمّا بأن يشفع لهم في عرصة القيامة حتى لا يدخلوا النار ، أو إن دخلوا النار فيشفع لهم حتى يخرجوا منها ويدخلوا الجنّة ، واتفقوا على أنّها ليست للكفار.
    قال المحقق الطوسي : والاِجماع على الشفاعة ( أي الاِجماع قائم على ثبوت الشفاعة ) وقيل لزيادة المنافع ، ويبطل منّا في حقه صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم
    يريد بقوله : « يبطل » انّ الشفاعة لو كانت لطلب زيادة المنافع لكنّا شافعين للنبي ، لاَنّا نطلب زيادة المنافع وهو مستحق للثواب ، والتالي باطل ، لاَنّ الشفيع أعلى مرتبة من المشفوع له ، وهنا ليس كذلك.
    ثم استدل المحقق الطوسي على الشفاعة بالحديث المروي : « ادّخرت شفاعتي لاَهل الكبائر من أُمّتي ».
    . وقال العلاّمة الحلّي في شرحه لعبارة المحقق الطوسي : اتفقت العلماء على ثبوت الشفاعة للنبي ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) ويدل عليه قوله تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) قيل انّه الشفاعة ، واختلفوا فقالت الوعيدية : إنّها عبارة عن طلب زيادة المنافع للموَمنين المستحقين للثواب. وذهبت التفضلية إلى أنّ الشفاعة للفسّاق من هذه الاَُمّة في إسقاط عقابهم وهو الحق.
    ويقول أيضاً في كتابه « نهج المسترشدين » : يجوز العفو عن الفاسق ، لاَنّه ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) ثبت له الشفاعة ، وليست في زيادة المنافع ، وإلاّ لكنا شافعين فيه ، فثبت في انتفاء المضار وإسقاط العقوبة.
    قال ابن تيمية الحراني الدمشقي : للنبي في القيامة ثلاث شفاعات ـ إلى أن قال ـ وأمّا الشفاعة الثالثة فيشفع في من استحق النار ، وهذه الشفاعة له ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) ولسائر النبيّين والصدّيقين ، وغيرهم في من استحق النار أن لا يدخلها
    ويشفع في من دخلها.
    ثم قال : وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء والاِثارة من العلم المأثور عن الاَنبياء وفي العلم الموروث عن محمد صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم.
    وله رسالة أُخرى أسماها بالاستغاثة ، وقد اعتبر فيها المعتزلة والخوارج الذين أنكروا الشفاعة بمعناها المعروف ، وهو إسقاط العقوبة ، أهل ضلال وبدعة ، وقال : وأمّا من أنكر ما ثبت بالتواتر والاِجماع فهو كافر بعد قيام الحجة.
    . وقال ابن كثير الدمشقي ـ في تفسير قوله سبحانه : ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ ) ـ : هذا من عظمته وجلاله ، وكبريائه عزّ وجلّ أنّه لا يتجاسر أحد على أن يشفع لاَحد عنده ، إلاّ بإذنه له في الشفاعة ، كما في حديث الشفاعة عن الرسول ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) : « آتي تحت العرش فأخرّ ساجداً ، فيدعني ما شاء اللّه أن يدعني ثم يقال : ارفع رأسك وقل تسمع ، واشفع تشفّع ، قال : فيحدّ لي حداً فأُدخلهم الجنة ».
    . قال نظام الدين القوشجي في شرحه على شرح التجريد : اتفق المسلمون على ثبوت الشفاعة لقوله تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) وفسّر بالشفاعة.
    ثم أشار إلى اختلاف المعتزلة والاَشاعرة في معنى الشفاعة واختار المذهب المعروف فيها.
    قال الفاضل المقداد : في شرحه منهج المسترشدين : وأمّا ثبوت الشفاعة فلوجوه : الاَوّل : الاِجماع ، والثاني قوله تعالى : ( استغفر لذنبك وللموَمنين وللموَمنات ) والفاسق موَمن لِما يجىَ فوجب دخوله في من يستغفر له النبي.
    . قال المحقق الدواني : الشفاعة لدفع العذاب ورفع الدرجات حق لمن اذن له الرحمان من الاَنبياء ( عليهم السلام ) ، والموَمنين بعضهم لبعض لقوله تعالى : ( يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً )
    . قال الشعراني في المبحث السبعين : إنّ محمداً هو أوّل شافع يوم القيامة وأوّل مشفّع ، وأولاه فلا أحد يتقدم عليه. ثم نقل عن جلال الدين السيوطي : انّ للنبي يوم القيامة ثمان شفاعات ، وله ( صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم ) يوم القيامة ثمان شفاعات ، وثالثها في مَنْ استحق دخول النار أن لا يدخلها.
    . قال العلاّمة المجلسي : أمّا الشفاعة فاعلم أنّه لا خلاف فيها بين المسلمين بأنّها من ضروريات الدين ، وذلك بأنّ الرسول يشفع لاَُمّته يوم القيامة ، بل للاَُمم الاَُخرى ، غير أنّ الخلاف إنّما هو في معنى الشفاعة وآثارها ، وهل هي بمعنى الزيادة في المثوبات أو إسقاط العقوبة عن المذنبين؟
    وخصّها المعتزلة والخوارج بالمعنى الاَوّل ، قائلين : بأنّه يجب عليه سبحانه أن يفي بوعيده في موارد العقاب ، وليس بإمكان الشفاعة أن تنقض هذه القاعدة المسلّمة. والشيعة ذهبت إلى أنّ الشفاعة تنفع في إسقاط العقاب ، وان كانت ذنوبهم من الكبائر ، ويعتقدون أيضاً بأنّ الشفاعة ليست منحصرة في النبي والاَئمّة من بعده بل للصالحين أن يشفعوا بعد أن يأذن اللّه لهم بذلك.
    وقال محمد بن عبد الوهاب موَسس المذهب الوهابي ( راجع الهدية السنية الرسالة الثانية : 42)وثبتت الشفاعة لنبينا محمد يوم القيامة ولسائر الاَنبياء والملائكة والاَولياء والاَطفال حسبما ورد ، ونسألها من المالك لها والآذن فيها بأن نقول : اللهم شفّع نبينا محمداً فينا يوم القيامة. أو اللّهم شفّع فينا عبادك الصالحين ، أو ملائكتك ، أو نحو ذلك مما يطلب من اللّه لا منهم. إلى أن قال : إنّ الشفاعة حق في الآخرة ، ووجب على كل مسلم الاِيمان بشفاعته ، بل وغيره من الشفعاء ، إلاّ أنّ رجاءها من اللّه فالمتعيّن على كل مسلم صرف وجهه إلى ربّه فإذا مات استشفع اللّه فيه نبيّه.
    ويظهر من أكثر كلماته أنّه معتقد بأصل الشفاعة ، ولكن اختلافه مع غيره من المسلمين في طلبها ، فذهب إلى أنّه لا يطلب إلاّ من اللّه لا من الشفعاء. (1)
    . وقال السيد شبّر : اعلم أنّه لا خلاف بين المسلمين في ثبوت الشفاعة لسيد المرسلين في أُمّته ، بل في سائر الاَُمم الماضين ، بل ذلك من ضروريات الدين ، قال اللّه تعالى : ( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) وإنّما اختلف في معناها ، فالذي عليه الفرقة المحقة وأكثر العامة : أنّ الشفاعة كما تكون في زيادة الثواب كذلك تكون لاِسقاط العقاب عن فسّاق المسلمين المستحقين للعذاب. والخوارج والمعتزلة : على أنّها لا تكون إلاّ في طلب زيادة المنافع للموَمنين المستحقين للثواب. ولكن الاَدلة النقلية والعقلية تبطل مذهبهم في الواقع.
    (التخاطب العرفي ، وأمّا مذهب الخلف فلنا أن نحمل الشفاعة فيه على أنّها دعاء يستجيبه اللّه تعالى ، والاَحاديث الواردة في الشفاعة تدل على هذا ، ثم ذكر حديثاً من الصحيحين ، وقال في الهامش بمثل هذا « أي دعاء يستجيبه اللّه تعالى » قال شيخ الاِسلام ابن تيمية وغيره ولم يعدّوه تأويلا.تفسير المنار : 1/307)
    فعلينا لاناخذ بالكلام ظاهره وانما يجب البحث والاستدلال بالادلة في ما نقرأء وننظر براي جميع العلماء من كل المذاهب والفرق حتى نصل الى الحقيقة لاننا محاسبون على مانقول امام الله سبحانه وتعالى
    غسسسان

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال