لله درّها
قال له طبيب العظام وهو ينظر في الكشّافة: «عندك كسرين في عظمة الفكّ الأعلى»!
فصاح به: كسران* يا أحمق!
تفاجأ الطبيب بما سمع، فلم يسبق أن أحدًا من المرضى قد نعته بالأحمق، فنظر إليّ مستفهمًا، فقلتُ له:
«إنّه نحوي مخلص لعلمه، لا يتهاون مع اللحن حتّى وفكّه مكسور، فلابد أن تراعي الإعراب في حديثك إليه!

ههزَّ رأسه متفهّمًا الأمر، فهو طبيب وعليه أن يراعي مرضاه على أيّ حال.
أعاد عليه الجملة:
«يا سيدي! هذه الأشعة تُظهر كسران في عظمة الفكّ الأعلى»!
فصاح به النّحوي: كسرين* يا حمار!

ناداني الطّبيب وقد طفح كيله: تعال تفاهم معه وخارجنا قبل أكسر له الفكّ الأسفل!

تقدّمتُ من النّحوي، وقلتُ له بعد التّحيّة:
هذه الوثيقةُ الشّاخصةُ لطبيبِ العظامِ قد أسفرتْ عن تنوين الكسرِ ظاهرًا على الفكِّ الأعلى!
صرخ في وجهي قائلا:
علامةُ الكسرةِ تظهر في الأسفلِ لا في الأعلى يا جاهل!
قلتُ:
معذرةً، الجاهلُ هو من قامَ بإعرابِكَ على هذا النّحو الذي لا يدلُّ على جهلِه بالنّحوِ فقط، بلْ وبقيمةِ النحوي أيضًا!
صمت ولم ينبس، فتأكدتُ أنّها زوجته لله درّها!