ذكرى وفاة القاسم بن الامام موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
أعظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى وفاة
القاسم بن الامام موسى بن جعفر الكاظم
في مثل هذا اليوم 22 جمادى الاولى
اسمه :
الإمام القاسم بن الإمام موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .
ولادته : ولد الإمام القاسم (ع) عام 150هـعاصر خلال حياته الشريفة أربعة من
خلفاء بني العباسوهم المنصور ، المهدي ، الهادي و الرشيدلم تحدّد لنا المصادر
تاريخ ولادته ، إلاّ أنّه من مواليد القرن الثاني الهجري ، وأُمّه أُمّ ولد ، تكنّى بأُمّ البنين .
ولما كان هؤلاء العتاة معروفينببطشهم وشدة وطأتهم على رجال البيت العلوي ،
ولأنهم ضاقوا ذرعا بوجود الإمام – أيإمام – لما يمثل من امتداد للنبوة ومعدن
للحكمة ومنهل للعلم وأبوة ورحمة للمؤمنين ،فقد تعقبوا العلويين للتخلص منهم
بأية طريقة كانت مما دفع الأئمة (ع) لأتباع سياسةالتغطية والتمويه باستخدام
أبنائهم غير المعصومين من الذين يرادفونهم علما وتقوىلإخفاء الإمام المعصوم
منهم حفاظاً على الوجود الكوني برمته (لولا وجود الإماملساخت الأرض بأهلها) ،
كما يقول الإمام الصادق (ع) وهكذا فقد انتشر أولاد الإمامالكاظم (ع) في بقاع
الأرض للتمويه على شخص الإمام الرضا (ع) وفي مقدمتهم الإمامالقاسم (ع)
المعروف بغزارة علمه ورجاحة حلمه وشدة ورعه إضافة لكونه الأخ الشقيقالوحيد للإمام الرضا (ع) من الذكور .
هاجر الإمام القاسم (ع) من مدينة جده المصطفى (ص) صوبالعراق مع القوافل
التجارية التي فارقها عند مشارف الكوفة ليسير بمحاذاة نهر الفراتقاطعاً المسافات
الطوال تاركا كل قرية أو مدينة يمر بها حتى وصل إلى منطقة سورى إذوجد بنتين
تستقيان الماء فقالت أحداهن للأخرى ( لا وحق صاحب بيعة الغدير ما كانالأمر كذا
وكذا فسر لسماع هذا القسم وتقدم باستحياء ليسأل التي أقسمت (من تعنينبصاحب بيعة الغدير ؟)
فأجابته انه سيدي ومولاي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة
والسلام ) عندها أطمأن قلبه وهفت نفسه لأهل هذا الحي الذي يسمى (حي باخمرا )
نسبة الى كثرة خمار الطين (وهو التراب المخلوط بالماء والتبن المستخدمفي البناء والملج واللبخ ) .
طلب القاسم (ع) من البنت صاحبة القسم ان تدله على مضيفرئيس الحي
واستجابت لطلبه قائلة (إن رئيس الحي هو أبي ) والذي رحب بدوره بالقاسم (ع)
وأحسن ضيافته وانتظر القاسم (ع) حتى مضت ثلاثة أيام فبادره بقوله (ياعم ما
عبدالله بأفضل من العمل فهلا وجدت لي عملا يكون لي مغنماً؟ فقد طاب لي العيش
بينظهرانيكم ) أبدى الشيخ استعداده لاستضافة القاسم (ع) مدى عمره ، إلا انه
أمامإصراره (ع) طلب إليه أن يختار عملا بنفسه عندها اختار الإمام القاسم (ع) أن
يكونساقيا للماء لما في سقاية الماء من اجر عظيم ولما للماء من أهمية في الحياة
(وجعلنامن الماء كل شيء حي ).
فجذب الإمام القاسم(ع) بورعه وتقواه وعبادته وعلمه أنظاراهل الحي وفي مقدمتهم
رئيسهم الذي يوليه اهتماما بالغا وكان كلما تفقده ليلا وجدهصافا قدميه قائما قاعدا
راكعا ساجدا ونوره ساطع الى عنان السماء ثم انه يمضي نهارهصائما غالب الأيام ،
لذا استقر في نفسه أن يزوجه إحدى بناته فعرض الأمر على قومهفأنكروا عليه ذلك
لأنهم لم يعرفوا له حسبا ونسبا (إذ إن القاسم (ع) لم يعرفهم بنفسهسوى انه الغريب
) ولم يوقفهم على نسبه الشريف مخافة بطش السلطة الغاشمة 0
لم يكترثالشيخ لاعتراض قومه فمضى في مشيئته ليعرض أمر الزواج على القاسم (ع) .
كن ابن منشئت واكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب
استجاب الامام القاسم (ع) لعرض الشيخمفضلا البنت صاحبة القسم التي دلته على
مضيف أبيها يوم قدومه الحي وبهذا تشبه قصةالامام القاسم (ع) قصة نبي الله
موسى (ع) في خروجه من المدينة المنورة وتوجهه الىصوب العراق ولقائه البنتين
عند سقاية الماء والدلالة على البيت ثم الزواج من إحداهن .
تجتمعالروايات تقريبا على عدم وجود عقب للقاسم (ع) من الذكور فيما تشير أخرى
إلى انهأعقب بنتا اسمها (فاطمة ).
ظهرت من الامام القاسم (ع) كرامات وصفات لم تجتمع لشخصخلال وجوده في
الحي فقد وفرت مياههم وزادت غلتهم وبورك في مجهوداتهم إضافة إلى ماتمتع به
(ع) من حسن شمائل وطيب معشر وسمو أخلاق وغزارة علم أفاضت على أهل الحي .
ناهيك عنشجاعة القاسم (ع) التي وصلت أن يرد بمفرده ما سلبه الغزاة من الحي
بعد ان قاتلهموشتت جمعهم إذا وقعت الحادثة بغياب رجال الحي واستنجاد النسوة
بالقاسم (ع) الذي تبعالغزاة واسترجع ما بأيديهم لتقص النساء ما حدث للرجال عند
عودتهم وما كان من شجاعتهونخوته فاكبروا مقامه وأجلّوا شخصه أكثر .
نسبه الشريف
الفرع الزكي من فروع النبوة ونفحة قدسية من نفحات الإمامةوحيد عصره في
صلاحه وتقواه ومحنته وبلائه بعد أخيه الامام الرضا (ع)
ولد سنة 150فهـ في المدينة المنورة على رواية يزيد بن السليط عن ابي الحكم
الارمني وتوفي سنة 192 هـ في ارض سورى عند حي باخمرا حيث مرقده الطاهر
ومشهده المقدس الآنبقبتهالذهبية ومنائره الشاخصة وأنواره القدسية وكراماته
الباهرة التي شهد بها القاصيوالداني حتى لهجت بتبجيله الألسن وصدحت بمدحه
الحناجر وأجلسه الناس على منبر الفخرفي سويداء القلوب، هو القاسم بن الامام
موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقربن علي زين العابدين بن الحسين
الشهيد بن علي بن أبي طالب (سلام الله عليهم أجمعين ) عالم فاضل زاهد فقيه عابد.
أخوه الإمام الثامن علي بن موسى الرضا (ع) غريب خراسانالذي اخبره الشاعر
دعبل الخزاعي بقصيدته الشهيرة بوفاة أخيه القاسم (ع) بقوله :
وقبر بارضالجوزجان محله وقبر بباخمرا لذي الغربات
أخته السيدة الجليلة الفاضلة فاطمةبنت الإمام موسى الكاظم (ع) المعروفة
بمعصومة قم المقدسة. أمه السيدة الجليلة تكتمالملقبة بأم البنين وهي من أهل
المغرب.ابنأخيه الإمام التاسع من أئمة الهدى التقي محمد بن علي الجواد (ع) .
مكانته ومنزلته:
نبعةٌ طيّبةٌ أخرى من الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) ، ومن سلالةٍ هي أشرف
سلالات الخَلق ، محمّدٍ وآل محمّد ( عليهم السلام ) ، فأخوه الإمام علي الرضا (
عليه السلام ) ، وأخته فاطمة المعصومة ( عليها السلام ) .
وقال فيه أبوه الإمام الكاظم ( عليه السلام ) لأبي عُمارة : ( أُخبرك يا أبا عُمارة أنّي
خرجتُ من منزلي فأوصيتُ إلى ابني علي ـ أي الإمام الرضا ـ وأشركتُ معه بَنِيَّ في
الظاهر وأوصَيته في الباطن ، وأفرَدته وحدَه ، ولو كان الأمر إليّ جعلتُه ـ أي أمر
الإمامة ـ في القاسم ابني ، لحبّي إيّاه ورأفتي عليه ، ولكنّ ذلك إلى الله تعالى يجعله حيث يشاء ) .