أُقيمَت صباحَ أمس جلسةُ (مَعخِم) وهي اختصار لمحكمة عدل الخِمَمة لتنظرَ في الأمر من أينَ أتى الديك بالبيضة ، فهاهي ذا دجاجته تشهدُ أنّها لم تبيض منذُ شهور وإنّ آخر فرخها هو -النائم- والّذي يأتي بالترتيب الثالث والعشرون ، هانحنُ في قاعةِ المعخِم الّتي تضجُّ بالمئات من الديوك والدجاج وحتّى الصيصان الكل يريد أن يعرف كيفَ باضَ ديكُ الحي فذي حادثةٌ لا سابقَ لها في عالمِ الخِممة ، دخلَ الشكُّ في قلوب الصيصان من أولاده وراحَ صغيرهم يردّدُ أبياتاً
يا صاحبَ الإبلاجِ
وقائدِ الأفواجِ
هل بِضتَ فعلاً
يا واضعَ التاجِ!
اقتربتِ الدجاجةُ من زوجها
«يا أبا الأرعن اتخونني بعد عِشرةٍ دامت لسنين؟»
فردّ عليها الديك
«يا أمّ الأرعن هيهات أن أخونَكِ»
«لماذا اذن كنتَ تحتضن البيضة»
لم يجِد الديكُ جواباً فآثرَ الصمت
حينها دخلَ الديكُ الرومي برفقة لجنته الرومية واعتلى الكرسي في القاعة
أمُّ الأسعَدِ كانت تراقبُ مِن بعيد ، أمُّ الأسعد أشهر دجاجة في الحي تعرف ما يدورُ خارجَ الخممة وما يحصلُ داخلها تعرفُ أصلَ الصيصان ، تعرفُ الخائن والوفي ، الشجاع والجبان ، الأحمق والذكي ، لذا كان من الطبيعي أن تعرف أبو الأرعَن على الرغم من أنّ إقامة لجنة روميّة كانت تؤذيها بالفعل فانتفضت في وجوههم
«لسنا بحاجة لديوكِ الروم تحلُّ مشاكلنا ، نحنُ نستطيع أن نتوصّل الى حلّ ٍ بأنفسنا لسنا أغبياء!»
ضربَ الديكُ القاضي بمنقاره على الطاولة ثمّ قال مزمجراً
«تآمُر! ، أبعدوا هذهِ الخرقاء!»
والبيضةُ محفوظةٌ بالزجاجِ -المُضاد للكلام-حيثُ يحيطُها من جوانبها الأربع ، وتحرسها الديوك ذوات العضلاتِ المفتولة ، فقد حدَثَ اختلاف كبير بين مملكةِ الخِممة في ماهيّة هذهِ البيضة إذ ذهب بعضهم على أنّها قد تكون معجزة بينما اعتقدَ الجمع الأكبر بأنَّها حادثة مثيرة للإشمئزاز!
كيفَ يمكن لأشهرِ ديكٍ أن يبيض؟
ستقضي اللّجنةُ بالعدلِ وينتهي الأمر
ضربَ القاضي بمنقاره لينتبه اليه الجميع ثمّ نطق
«يا أمّ الأرعن هل تتهمّين زوجُكِ بالخيانة وأنّهُ باضَ أو أتى ببيضةٍ من خُمّ ٍ آخر؟»
ليسَ لأمّ الأرعنِ ما تقوله فالحادثة كفيلة في أن تجعلها تبدو كالحمقاء.
وجّهَ الديكُ القاضي كلامه لأبو الأرعن
«يا أبا الأرعن هل بِضتَ فعلاً أم جئتَ بها مِن مكانٍ آخر؟»
رفعَ أبا الأرعن عنقه كأنّه أصبحَ جاهزاً لقولِ الحقيقة ثمّ نطق
«لقد خُدعت ، لقد خدعتموني أيها الكذبة ، يالني من أحمق ، أنتم من طلبتم أن أحرسَ هذي البيضة وأحتضنها لأنّها فقيرة وقد ماتَ أهلها ولا أحد لها»
صاحَ الديك الرومي
«كفى هذا كلامٌ خالي من الصحّة سأصدرُ حكمي بعد قليل!» وبعد مرور دقائق أصدر القاضي حكمه
«لقد تبيّنَ أنّ أمّ الأرعن جاءت بالصيصانِ من ديكٍ آخر لأنّ فحوصاتنا قد بيّنت أنّ زوجها لا يبيض وعقابها هو النقر موتاً بأشدّ المناقيرِ وأفتكها ، أمّا أبو الأرعن فقد فعلَ خيراً عندما حافظَ على بيضةٍ مسكينة لا حولَ لها ولا قوّة وضربَ بمنقاره على الطاولة قائلاً «انتهينا ، ورفعت الجلسة»
ولا يزالُ السؤال الّذي يدورُ برؤوسنا جميعاً من أينَ أتى أبو الأرعن أبسَط ديوكِ الحي بهذي البيضة الدخيلة وكيف سمحَ لنفسه أن يحتضنها؟!
فمُذ انفقَست وهي لا تشبهُنا بشيء لونها ، لسانها ، غطرستها ، والأهم وحشيّتها
والعجيب أنّها مهما تُسرف في الضرب بمنقارِها الحاد فإنّ لجنةَ «مَعْخِم» تبرّر لها وتبرّئها وتتهمنا بأنّنا نحنُ من نتعرّض إليها رغمَ أنّها تصرّفت جميعَ الخِممة واستعبدَت الديوك المتوَّجة وقد قال ديكٌ ثائر قبلَ أن يُحكم عليهِ بالموت ؛
فليضع كلٌّ منكُمُ تاجهْ
حمقتم فما هذي الفجاجةْ؟
فهل غدى الصمتُ ردّاً
على مَن أبدى وِداجه
يا ديوكَ الحي أينَ صياحكم
وقد ركَبَتكم دجاجةْ!؟