أقطاب متضادة أم شخصيات متشابهة، أي الأزواج تدوم علاقتهم؟ لفترة طويلة في عصر ما قبل الافتراضي كان هناك اعتقاد راسخ بأن الأزواج الأضداد يكملون بعضهم البعض، وأن علاقتهم تكون أفضل وأكثر نجاحًا، وأكثر استدامة، في الوقت الحاضر هذه الأسطورة تفقد قوتها، ففي الحقيقة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على علاقة طويلة الأمد، فإن هذه الأنواع من العلاقات قد تتطلب المزيد من الاهتمام والمرونة.بالسياق التالي" يحدثك عن الزواج الناجح بين الشخصيات المتشابهة والمختلفة
هل الشخصيات المختلفة تتفق مع بعضها البعض بشكل أفضل؟
توافق الازواج
الأزواج الذين يجمعهم مستوى مماثل من الثقافة والأفكار لديهم فرص أكبر للاستمرار
حسب الموقع الرسمي لجامعة كانساس الأمريكية ku.edu، فقد كشفت دراسة أقيمت بالجامعة عكس الأسطورة القائلة بأن الشخصيات المختلفة تتفق مع بعضها البعض بشكل أفضل، فالأزواج الذين يتمتعون بأكبر قدر من الاتفاق في الشخصية والمواقف والقيم والأنشطة الترفيهية هم الذين يأتون لتقاسم المزيد من الوقت معًا.
بحسب الدراسة فقد قام الخبراء بالجامعة الأمريكية بدراسة 1523 زوجًا ووجدوا تشابهًا بنسبة 86% في الأذواق لدى أولئك الذين استمروا لفترة أطول، حيث وجد أن أوجه التشابه تتطور مع مرور الوقت، وقد تشابهت هذه النتائج عند مقارنتها مع نتائج دراسة بحثية أخرى أجرتها جامعة ميشيغان حول العلاقات طويلة الأمد، فالأزواج الذين يجمعهم مستوى مماثل من الثقافة والأفكار وطريقة التعاطي مع الحياة وطرق الاستمتاع بوقت الفراغ لديهم فرص أكبر للاستمرار (حسب جامعة كانساس الأمريكية ku.edu)
متغيرات في حياتنا قلبت الموازين في العلاقات الزوجية
تقول استشاري العلاقات الأسرية هناء شاكر لـ "سيدتي": على الرغم من أن السمات الشخصية تعد عاملاً أساسيًا عند تقييم الانتماءات أو الرفض بين الأزواج، إلا أن هناك الكثير من المتغيرات في حياتنا قلبت كثير من الموازين، فالتكنولوجيا مثلًا أصبحت تلعب دورًا أساسيًا في العلاقات الاجتماعية ففي عصر ما قبل العالم الافتراضي، كان هناك اعتقاد راسخ بأنه من الأفضل العثور على شريك شخصيته تختلف عن شخصيتك؛ حتى تتكاملا سويًا، على أن يتم الموازنة، فإن كان أحدهما متكلمًا، فالآخر لا بد أن يجيد الصمت، ولو كان أحدهما شخصيته انفعالية أو عصيبة فالطرف الآخر لا بد أن يكون هادئًا ليحتمل، وإذا كان أحدهما اجتماعيًا، فالآخر يكون منطويًا، وهكذا بين الاختلافات في سمات الفردين الخاصة أو شخصياتهما سويًا، فإذا كان أحدهما اجتماعيًا، فالآخر يكون منطويًا، فالملاحظ أن هذه الأسطورة فقدت قوتها.
الشخصيات المتوافقة أكثر نجاحًا من المختلفة في الزواج
توافق الازواج
الحب يسمح للأزواج بالتغلب على أي خلاف
تقول شاكر: في بداية كل علاقة، من المؤكد أن الحب والرغبة في أن يكون طرفا العلاقة معًا، يسمح لهما بالتغلب على أي خلاف، ولكن مع مرور الوقت، تزداد هذه الاختلافات، وقد تصل لأكثر من ذلك إذا لم يكن من الممكن تطوير قواعد التفاهم بين كلا الشخصين، وبعيداً عن الرغبة أو الإرادة الشخصية، فإن الامتثال للقواعد الاجتماعية في بيئة تنافسية قائمة على الصراع، ومن وجهة نظر الظروف الثقافية الحالية، يمكن أن تكون الانتماءات شكلاً أكثر فعالية في الارتباط لمشاركة المشاريع المشتركة، فالأزواج المختلفون بسبب اختلاف الأذواق والأنشطة، سيكون عليهم الالتزام بزيادة لحظات التواصل وتقليل استخدام الوسائل التكنولوجية؛ حتى لا ينعزلوا عن بعضهم، أي لا يحبس كل واحد منهم نفسه في جزيرته أو مشاكله بعيدًا عن شريكه المختلف عنه في طريقة التفكير والتعامل والتفاعل.
عندما تتوافق الشخصيات فإن التفاعل والتواصل يأخذ منحى آخر، فالطرفان كل يساعد بعضهما البعض، وإن غاب طرف، فالطرف الآخر مدرك تمامًا أن اتساقه مع شخصية شريكه ستجعله يتخذ نفس المواقف ونفس القرارات ويسير بنفس الطريق، ومن ثم فهذا يقلل كثيرًا من التوتر ويخلق الكثير من أجواء المشاركة والراحة، ومن ثمّ فإذا كانت هناك مرونة في سمات الشخصية، يمكننا أن نستنتج أن "نظرة المرء إلى عالمه وعالم الآخرين" ستكون أكثر انفتاحًا، ومن ثمّ يكون الزواج الناجح.
التعامل مع الشخصيات المختلفة كيف يتحول لتكامل؟
تؤكد شاكر أن كل ما تم ذكره هو أمر نسبي وخاضع للقياس، فالزواج الناجح لا يعتمد على اختلاف الشخصيات أو توافقها تمامًا، ولكنه يعتمد على درجة تقبل كل طرف للآخر، وعلى درجة تكامله معه، وللنجاح في التعامل مع الشخصيات المختلفة مع شخصيتك ننصح بالآتي:
تعلم كيفية التفاوض
هناك عامل يجب أخذه في الاعتبار وهو الشخصيات المختلفة التي تتواصل فتصل للاتحاد. إذا كانت هناك مرونة في سمات الشخصية، فيمكننا أن نستنتج أن "نظرة المرء إلى عالمه الخاص وعالم الآخرين" ستكون أكثر انفتاحًا، مما يؤدي إلى ظهور سلوكيات إيجابية تتكامل أو على الأقل تتغاضى عن الاختلافات.
تعلم المرونة مقابل العناد
في حالة الشخصيات ذات الاختلافات الواضحة جدًا، قد تكون هناك سمات جامدة في إحداها ومرنة في الشخصية الأخرى، ومن ثمّ فقد يحدث الصراع في كل مرة يواجه هؤلاء الأشخاص المزيد من المسؤوليات، ومن ثم لا بد من المرونة والتنازل بما لا يؤثر على شخصية أي من الطرفين.
وفي هذا الإطار، تؤكد استشاري العلاقات الأسرية أنه لا توجد إجابة بسيطة لسؤال ما إذا كان من الأفضل للأزواج أن يكونوا متشابهين أم مختلفين بالشخصية، حيث يتم تحديد جودة العلاقة ليس فقط من خلال المستويات المطلقة لسمات شخصية الفردين، ولكن أيضًا من خلال السمات المحددة التي يتشابه فيها الزوجان أو يختلفان عنها، وحجم الاختلافات بين شخصيات الطرفين في العلاقة الزوجية، وما إذا كانت أنماط شخصيتهما تتوافق مع بعضهما البعض.
إن التشابه في الشخصيات لا يضمن بالضرورة الزواج الناجح؛ عادة ما يحتاج الأزواج إلى أن يكونوا متشابهين في السمات الشخصية الإيجابية لتحقيق زواج جيد. وبالمثل، فإن وجود شخصيات مختلفة السمات ليس بالضرورة أمرًا يدعو للقلق طالما أن شخصيتك ليست مختلفة تمامًا، ومع ذلك، إذا أظهر أحد الشريكين أو كليهما سمات شخصية غير مرغوب فيها للغاية، فقد يكون الزوجان أكثر عرضة لخطر المشاكل الزوجية والتعاسة.
بالنهاية فإن امتلاك سمات مختلفة لا يعني استحالة استمرار الاتحاد بين الزوجين ونجاح علاقتهما، ربما يتعلق الأمر بإيجاد توازن بين ما هو مشترك وما هو مختلف، وهو نوع من الكيمياء، وعلينا أن نجري التعديلات اللازمة لتجنب الصراعات.