(فراشة)

أَذْكُر إِنَّكِ لَوَّحَتِ لِِــي
بِشَكْلٍ مُبَاشِرْ ؛
دُوُنَ إذْنٍ مِنِّي أَوْ شَرْطْ !
وَفَرَضْتِ شَكْلَ الْأَحْرَار فِيكِ..
وَرَكَضَتِ جَوْفَ قَلْبِي بِعِنَايَةٍ تَامَّة.. تَجْمعِينَ أَشْلاَئي!
رَقَصْتِ كَخَريفِ الْعُمْرِ مُبَكِّرا
و انْدَفَعَتْ كَلِمَاتُكِ بِصُورَةٍ رَهِيبَةٌ،
برزَانةٍ،
بِلهفةْ ؛
بِشَغَفٍ وَخِفَّةٍ شَكْل السَّحَابْ ؛
تَمَسَّكْتِ يَدَيَّ،
نَحْوَ نَبْعٍ يُلاَحِقُهُ ظِلُّ أَشْجَارٍ الكَرَز
وَرَمِيَتِ رِجْلَيْكِ وَسَطَ الْمِيَاه الْبَارِدَة ؛
تَمَامًا كَمَا تُرمَى الحَنَايَا صَوْبَ الذِّكْرَيَاتْ !
وكَكُل مَرَّةٍ تتَعَسّر بِنَا الْحِكَايَهْ،
نتَعثّرُ فِي مَذَاقٍ لاذِع،
فِي دُرُوب لَا نَعْرِفُ لَهَا وَجْهَةْ،
فِي أَقْدَارٍ لَا نَتَحَكَّمُ فِيهَا ؛
و كُنْتِ أَنْتِ مِنْ تَخْرُجِينَ بِفِكْرِةٍ وَظَرْفْ ،
وتَخْرجِينَ مِنْ أَوَّلِ بَابٍ مُوارَبْ ؛ أَقَلُّهُ كُنْتِ أَنْتِ المُوَارِبةْ . .
وَفَاضَ مِنْ سِرْبِ عَنَاقِيدِكِ جَرَادُُ
غَادِرُُ أَفْسَدَ الْمَحْصُول كُلَّهْ ..
و وَشَتْكِ رِيحُكِ الْمُتَرَجِّلَة مُهَرْوِلَةً إلِيّ أَخْبَارَكِ الْصّادمَةْ !
وَهَبَّتْ فِي آخِرِ اللَّيْلِ تَقُولَ لِي :
الفَراشُةُ الَّتِي تَبنيْنَاهَا رُحْبى تَعَانِقُ أَرْضَكْ
لَا تَمَلُّ الْوَثْبَ مِنْ زَهْرِةٍ لزَهْرةْ،
مِنْ غُصْنٍ إلَى غُصْنٍ ؛ عَلَى قُرْبِ مِنْ مَرْأَيكْ
أَمَامَ مِرْآىٰ مِنْ نَاظِرَيكْ ؛
وَاَلَّتِي شَرْنَقَتْ مِنْ شِدَّةِ الشَّوْقِ
وَالتَّرَدُّد وَالْعِنَادْ،
كعناد الْجَنِين تَمَامًا وازدانت فَوْق بَلُّوطَتكْ . .
وَحِينًا تَفْرُدُ جناحيها مُحَلِّقَةً بَعِيدَة . . مُسَافِرَة !
إلَى أَيْنَ ؟ . . . إلَى أَيْنَ ؟ ! . . . إلَى أَيْنَ . . ؟ !
إلَى حِينِ تَحْنِي وَجِهَتَهَا لموسم التَّزَاوُج . .
لازلتُ أَرَاهَا تِلْك الفراشة ؛
هَا هِيَ . . هَا هِيَ . . هَا هِيَ لَا زِلْتُ أَرَاهَا !
هَا هِيَ . . هَا هِيَ . !
صَوْب حَوَاجِب الشَّمْس ؛ صَوْب قِفَا الْعَراءْ ؛
صَوْب اللاشيئ
وَصَوْب أَسْبَاب الرَّحِيل الْخَفِيَّة . .
لَا زِلْتُ أُلَوِّح لَهَا : الفراشةُ النَّدِيَّة !
هَا هِيَ . . هَا هِيَ . . صَوْب عَبَّاد الشَّمْس،نَحْو غَمَام مُهَاجِر ؛ نَحْو مَدَى مُتَثاقِل . .
لَا أَثَرَ لَهَا الْآن ؛ لَقَد فُقِدَ صَدَاهَا
وَلَمْ أَعُدْ بَعْد أَرَاهَا ؛ تَرَكْتَنِي وَحِيدًا أُعَرّي خيوطي
وَصِرْتُ ضَرِيرًا مِنْ شِدَّةِ النَّظَر ؛
رَغْمًا عَن :
قَد لَوَّحَتُ لَهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ
وظللتُ أبْحَث عَنْهَا بَحْثًا واهما،بَحْثًا باهَتا . .
بَحْثًا دُونِ جَدْوَى !
تَلاَشَتْ فِي الْأُفُقِ ثُمّ مارسْتُ
شكوايَ لِلرَّبّ أَن تعودي
هَيَّا عُودِي ! فَلَم تعودي . . .
هَيَّا عُودِي ! فَلَم تعودي . .
طنطنتُ مواجعي وأنيني وشَيَّبْتِنِي
نَحْلَةً وَمُتُّ بَرْدَ الشِّتَاء
وَمِنْ ثَمَّةَ صُمْت رَهِيب،
زنزن شَوْقِي ؛ أَمَالِي ؛ نِدَائِي وحنيني . .