نَقَضْتُ عُهودَ الوُدِّ إِن ذُقتُ بَعدَهَ
سُلُوًّا، ألَا إِنَّ السُّلُوَّ أَخُو الغَدْرِ
وَما أَنا بِالوَافِي وَقَد عِشتُ بَعدَهُ
وَرُبَّ اعتِرافٍ كانَ أَبلَغَ مِن عُذْرِ
كَفى حَزَنًا أَنّي دَعَوتُ فَلَم يُجِبْ
وَلَم يَكُ صَمْتًا عَن وَقارٍ وَلا وَقْرِ
وَلَم يَكُ مِن بُعدِ المَسافَةِ صَمْتُهُ
فَما بَينَنا إِلّا ذِراعانِ في القَدْرِ
نُنافِسُ في الدُّنيا غُرُورًا وَإِنَّما
قُصَارى غِناها أَن يَؤُولَ إِلى الفَقْرِ
وَإِنّا لَفِي الدُّنْيا كَرَكْبِ سَفينَةٍ
نُظَنُّ وُقُوفًا وَالزَّمانُ بِنا يَجْرِي
طَوَيتُ اللَّيالي وَاللَّيالِي مَراحِلٌ
إِلى أَجَلٍ يَسْرِي إِليَّ كَما أَسْرِي
وَأَفنَيتُ أَيامًا فَنِيتُ بِمَرِّها
وَغايَةُ ما يُفنِي وَيَفنَى إِلى قَدْرِ
إِلى اللَّهِ أَشكو ما أُجِنُّ وَإِنَّني
فَقَدتُكَ فَقدَ الماءِ في البَلَدِ القَفْرِ
عَلى حِينَ جُزتُ الأَربَعينَ مُصَوِّبًا
وَلاحَت نُجومُ الشَّيبِ في ظُلَمِ الشَّعْرِ
فَيا مَعشَرَ اللُّوَّامِ كُفُّوا فَإِنَّني
لِفَرطِ الجَوَى قد قامَ لِي في البُكَا عُذْرِي
إِذا ما تَوَلَّى ابْنِي وَوَلَّتْ شَبِيبَتِي
وَوَلَّى عَزَائِي فالسَّلامُ عَلى الدَّهـــرِ
أبو الحسن التهامي